تقارير

هل يطوي رفع العقوبات الاقتصادية ملف الديون الخارجية؟

بعد أن بلغت (47) مليار دولار واجبة السداد
تقرير –  (smc)
هل سيتيح قرار واشنطن برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، المجال واسعاً لطي ملف الديون الخارجية، سؤال يفرض نفسه، ويتطلب من الحكومة الرد عملياً باستغلال الفرصة بما يفضي في صالح إعفاء هذه الديون، وهو الأمر الذي بدأت فيه الأجهزة المختصة بالفعل القيام بخطوات ملموسة من خلال مشاركة وفد السودان في الاجتماعات السنوية لمؤسسات بريتون وودز (البنك وصندوق النقد الدوليين) التي تنعقد بواشنطن والتي تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل.
ويعتبر ملف الديون الخارجية من الملفات الاقتصادية الشائكة لتراكمها منذ سنوات طويلة نسبة للضائقة التي مر بها الاقتصاد الوطني بسبب الحصار الأمريكي، وعلى الرغم من ذلك تقدمت حكومة السودان كثيراً في الإيفاء بمتطلبات مبادرة إعفاء الديون للدول الأقل نمواً (هيبك)، بجانب أن عدداً من الدول الدائنة بادرت بتقديم منح جديدة وإعفاء جزء من ديونها لصالح السودان تزامناً مع قرار رفع العقوبات.
}اجتماعات خارجية مهمة
ويوضح الفريق “محمد عثمان الركابي” وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أن وفد السودان سيناقش على هامش الاجتماعات مع مسؤولي الصندوق والبنك الدولي والدول الداعمة والدول الدائنة للسودان ومعالجة الديون الخارجية، فضلاً عن أن الاجتماعات تكتسب أهميتها بالنسبة للسودان لانعقادها بعد رفع العقوبات الاقتصادية مباشرة، مؤكداً أن أجندة السودان في الاجتماعات تتضمن لقاءات مع المديرين الإقليميين بالمؤسسات الذين يقع السودان تحت دائرتهم لمناقشة مستقبل علاقاته وآفاق تطويرها عقب رفع العقوبات.
}خبير: الحظر عامل رئيس في تراكم الديون
ومن المتوقع أن تعود هذه الاجتماعات بالفائدة العظمى لمعالجة ديون السودان الخارجية، إذ تعتبر تلك الخطوة الأولى وفاتحة لإعفاء الديون أو بداية لطي الملف نهائياً خلال فترة وجيزة، خاصة وأن وزير المالية سيبحث مع نظرائه من الأعضاء للتفاكر حول دورهم في إعفاء الديون وتقديم المساعدات والعون الفني وبناء القدرات وتمويل التنمية في السودان.
ويقول دكتور “أحمد دولة” الخبير المصرفي لـ(smc) إن السودان قارب مرحلة معالجة الديون سواء كان على مستوى الحظر الأمريكي الذي يعتبر عاملاً رئيسياً في تراكم الديون، أو من ناحية استيفائه لشروط ومتطلبات (هيبك)، التي تتيح للدول الأعضاء المقرضة إعفاء أو جدولة ديونها للمقرضين، ويضيف في حديثه أن عدداً من الدول الدائنة لديها الرغبة في معالجة الأمر سواء كان بالإعفاء أو الجدولة الميسرة بعد أن أزاح قرار رفع الحظر هاجس التوجس من التعامل المصرفي مع السودان، مستشهداً بتجربة الصين الأخيرة التي سبقت قرار رفع العقوبات والتي كانت أبرز ملامحها إعفاء جزء من ديونها لصالح السودان.
ويقول “عبد الله هجو” الخبير الاقتصادي إن عدم تلقي حكومة السودان لقروض ميسرة وتسهيلات خلال فترة الحظر، أدى إلى تأخر عملية التنمية والإعمار وإلحاق آثار سلبية بالمواطنين، حيث ظلت الحكومة تصرف على التنمية من خلال القروض غير الميسرة ذات العمولات الأعلى، والصكوك والمرابحات العالية التي تصل نسبتها إلى (15%)، فيما كانت تبلغ نسبة الفائدة في القروض الميسرة (1%) فقط، ولكنه توقع أن تقدم عدد من الدول دعماً للسودان في إعفائه من الديون الخارجية خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين التي تجري حالياً بواشنطن.
}(47) مليار دولار ديون خارجية واجبة السداد
وبالنظر إلى حجم الديون الخارجية البالغ قدرها حوالي (47) مليار دولار، نجد أن الأصل فيها (15) مليار دولار وبقية المبلغ عبارة عن أرباح تتراكم بطريقة مركبة، والدائنين للسودان البنك الدولي ونادي باريس وهو الوحيد الذي يملك الحق في إعفاء الديون جزئياً أو كلياً، والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلى ديون الدول وصناديق إقليمية وعربية أخرى.
ويبدو أن مساندة الدول والهيئات والمنظمات الدولية للسودان في ملف الديون جاءت بصورة أكثر جدية مما يمكن حكومة السودان من ربح المعركة هذه المرة، خاصة وأن السودان مصنف من أكثر الدول ديوناً تجاوزت سقف الهيبك بحوالي (200%)، مما يمكنه من منح بطاقة استيفاء الشروط الفنية الخاصة بالمعالجة على المستوى الدولي، إذ تبع قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، خطوات عملية قامت بها الإدارة الأمريكية لصالح حكومة السودان تتعلق بانسياب التحويلات المالية على المستوى الخارجي دون قيود، الأمر الذي أعتبره خبراء الاقتصاد بداية الانفراج الكلي لأزمات الاقتصاد الوطني وفي مقدمتها معالجة ملف الديون الخارجية.

                   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية