بدء التحويلات النقدية من الخارج قبل يوم من الموعد المحدد و(المجهر) ترصد الإيقاع
المصارف السودانية تتوقع تحويلات مالية بـ(170) مليار دولار
(المركزي) يرفع سقف العُملة الأجنبية للمسافرين من (500) إلى (1250) دولاراً
ضبابية في السوق الموازي لصرف العُملات وحماية المستهلك تحدد مطلوبات للاستفادة من رفع العقوبات
تقرير – رقية أبو شوك – سيف جامع
اليوم (الخميس) الثاني عشر من أكتوبر الجاري، هو الموعد الذي أعلنته الإدارة الأمريكية لتنفيذ قرار رفع العقوبات الاقتصادية وذلك في أعقاب القرار الرسمي الذي أعلنته الجمعة الماضية، لكن المفاجأة كانت إعلان بنك السودان يوم أمس ببدء التنفيذ قبل يوم كامل بوصول تحويلات مصرفية من الخارج بالدولار إلى مصرفيين سودانيين، إحدى هذه التحاويل من الولايات المتحدة الأمريكية والأخرى من أوروبا).
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت على لسان المتحدثة باسم الوزارة “هيثر ناورت”، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ (20) عاماً، بموجب الأمرين التنفيذيين (13067 و 13412)، وذلك اعترافاً بالإجراءات الإيجابية التي اتخذتها حكومة السودان.
رفع سقف العُملة الأجنبية للمسافرين من (500) إلى (1250) دولاراً
وفي تطور متلاحق لمحاصرة المضاربة في سعر صرف العُملة، رفع بنك السودان سقف العُملة الأجنبية للمسافرين من مبلغ (500) دولار إلى (1250) دولاراً، أو ما يعادله من العُملات الأخرى، سيما وإن الصرافات يتعذر عليها توفير حاجة المسافرين لأغراض العلاج، أو غيرها فيضطر طالب الخدمة للجوء إلى الشراء من السوق (الأسود) رغم التكلفة العالية التي يتحملها.
أعلن البنك المركزي أنه يبحث حالياً مع اتحاد المصارف السوداني بدء ضخ نقد أجنبي للمصارف التجارية لتغطية استيراد السلع الأساسية.
المستوردون يرحبون
في غضون ذلك رحبت غرفة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، ببداية انسياب التحويلات المالية المباشرة من وإلى السودان، وقال أمين مال الغرفة “هاشم الفاضل فتح الرحمن”، إن الحظر كان أكبر خنقة للمستوردين والمصدرين، لأنه مثل حاجزاً لانسياب التحويلات المالية، وكذلك أغلب الشركات والدول لديها علاقة مع أمريكا ـ والحظر كان (70%) من التجارة العالمية عن السودان، وكان الناس يضطرون إلى دفع تكاليف إضافية بالاستيراد عبر دبي والسعودية، وهو أكبر عائق أزيل وبإمكاننا الآن أن نصدر ونستورد.
ورأى مدير المركز السوداني لتعقيم الصادرات البستانية السودانية، “عبد الرحمن محمد عبد الماجد”، أن بداية التحويلات ستوفر لهم (15%) من التكلفة في التحاويل، وقال إنه مثلاً في التحويل لشراء كرتون التعبئة من إيطاليا يتم الإجراء عبر شركات وسيطة، وهذه تأخذ نصيبها في ذلك، وأكد أن ذلك سيدخلنا إلى منظومة التجارة العالمية بصورة صريحة ومباشرة.
وتعول البنوك والمصارف على بدء انسياب التحويلات المصرفية والبنكية تمكنهم من إجراء التعاملات المالية داخل وخارج السودان بعد عشرين عاماً من الانقطاع، الأمر الذي أدى إلى خسائر بلغت (500) مليار دولار جراء العقوبات، وذلك حسب ما أعلنته الخزانة الأمريكية، بالإضافة إلى (30) مليوناً عبارة عن أرصدة مجمدة.
وقد أصدر مكتب مراقبة الأصول الأمريكية الخارجية (OFAC) بالفعل رخصة عامة وأمراً تنفيذياً ألغى بموجبه رسمياً وعملياً كافة القيود على المعاملات المصرفية والتجارية مع السودان، وذلك في أعقاب القرار، وبدأت المصارف السودانية في تحديث بياناتها الخاصة بالمعاملات المصرفية في خطوة اعتبرها المراقبون أنها تسير في اتجاه البداية الفعلية في التحاويل والمعاملات المصرفية.
وفي السياق علمت (المجهر) أن اتحاد المصارف السوداني شرع في عمل إحصائية لمعرفة استجابة المصارف الخارجية وذلك في الوقت الذي تتوقع فيه المصارف السودانية تحويلات مالية تقدر بـ (170) مليار دولار، تشمل الصادر وتحويلات المغتربين وغيرها من التحويلات.
التعامل بكل وسائل الدفع المصرفية
وكان محافظ بنك السودان المركزي “حازم عبد القادر”، أكد أن قرار رفع الحظر يعني عودة الجهاز المصرفي السوداني للاندماج مرة أخرى فى الاقتصاد العالمي كما أنه سيؤدي إلى تسهيل المعاملات المصرفية مع العالم الخارجي وتسهيل وانسياب وزيادة موارد النقد الأجنبي والاستثمارات الأجنبية بالبلاد، وتخفيض تكلفة التمويل والمعاملات الخارجية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني، فيما أشار الناطق الرسمي باسم اتحاد المصارف السوداني “عباس عبد الله عباس”، (الآن سيتم التعامل بكل وسائل الدفع المصرفية الذي كان قاصراً على الدفع المقدم، كما أن المصارف ستستفيد من التسهيلات المصرفية التي تساعد كثيراً في انسياب حركة التجارة).
ويقول “أحمد الطيب” من وكالة ميج للصرافة بشارع الجمهورية: إن التحويلات من أمريكا إلى السودان كانت مستمرة لكن للأغراض الشخصية ومقيدة في حدود (3000) دولار، مشيراً إلى أنه لا توجد مشكلة أصلاً في التحويلات الشخصية، مؤكداً استعدادهم لاستقبال أكبر مبلغ من التحويلات، مشيراً إلى أن الصرافة تقدم تسهيلات من خلال الاستلام الفوري الذي لا يستغرق خمس دقائق، أما عن العُمولات فقال إنها متفاوتة حسب المبلغ والعُملة.
القرار يحمي المستهلك
ولأن المواطن والمستهلك السوداني أكثر الجهات تضرراً من الحظر، من جهة أنه تسبب بطريقة أو بأخرى في ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع الدولار، (المجهر) هاتفت رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د. “حسين جبريل” الذي قال إن قرار رفع الحظر جعل المواطن والمستهلك يتنفسان الصعداء، مشيراً إلى أن النتائج المترتبة على هذا القرار جعلت من الميسور جداً إجراء التحويلات المصرفية من وإلى السودان، وفتح الاعتمادات المستندية وفقاً للنظم والصكوك المقررة كما أنها تسمح للمواطن أن يستورد أو يحول أو يشتري من الخارج، لأن جل هذه الأشياء كانت من الصعوبة بمكان.. فالآن أصبحت ميسورة.
ووفقاً لدكتور “جبريل” فإن وجود السودان في قائمة الدول التي تدعم الإرهاب ووجوده في هذه القائمة سيحرمنا من بعض الأنشطة الدولية والاستفادة من القروض والمنح والمساعدات التي تأتي من المؤسسات الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)، إلى جانب قيود أخرى ليست ذات علاقة مباشرة بالمستهلك، وأضاف (القرار من شأنه أن يؤثر بصورة ما على سوق النقد الأجنبي)، لذلك القرار أحدث صدمة نفسية للمتعاملين بالنقد الأجنبي، أدى ذلك إلى اضطراب في سوق النقد الأجنبي من حيث البيع والشراء، وأشار إلى أن الحال سيستمر إلى أن تنتظم الأمور بصورة أفضل وأبان: (أنا لا أتوقع انخفاضاً كبيراً في سعر الدولار في المدى القصير). وقال إن الحظر الاقتصادي ليس هو السبب الوحيد للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها السودان، وما لم يتم معالجة المسائل الأخرى التي أقعدت السودان اقتصادياً مثل ضعف الإنتاج والإنتاجية، وضعف الصادرات وضعف موارد النقد الأجنبي وارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع التضخم بالإضافة إلى ارتفاع الدولار مقابل العُملة الوطنية والتعامل بالدولار باعتباره سلعة وليست وسيلة دفع بالإضافة إلى ارتفاع حجم الصرف الحكومي، مشيراً إلى أن معالجة هذه الأشياء سيؤدي إلى خفض سعر الدولار وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج بصفة عامة حتى تصبح منتجاتنا قادرة على التنافس في الأسواق.
ضبابية في السوق الموازي لصرف العُملات
وفي السوق الموازي لصرف العُملات بدأ الموقف أكثر ضبابية بالنسبة للمتعاملين، خاصة عند الحديث عن ضخ عُملات أجنبية يوم أمس، وأكد أحد سماسرة الدولار رفض ذكر اسمه أن هنالك قلة في الطلب على الدولار مقارنة مع الأيام الماضية، وعزا ذلك لارتفاع سعره عقب انخفاض قياسي شهده مع إعلان رفع العقوبات الأمريكية، مشيراً إلى سعر الدولار ليوم أمس (الأربعاء) (20) جنيهاً للبيع، و(21) جنيهاً للشراء، متوقعاً انخفاضه خلال الأسبوع المقبل.
وتوقع خبراء عدم انخفاض الدولار حال لم تتخذ الحكومة قرارات تؤدي إلى انخفاضه.