أتركوا (البزنس).. واستقيموا
إلى متى تبقى الرأسمالية (غير الوطنية) تتربح على حساب المواطن السوداني الفقير والغلبان، بينما تتواطأ السُلطة الحاكمة مع أولئك الأثرياء الحكام بمالهم، الذين يرفضون بإصرار أن يخسروا (جنيهاً) واحداً، مقابل أن يكسب الشعب سعة في رزقه، وبحبوحة في عيشه ؟!
لم يفرح كبار رجال الأعمال مدخرو النقد الأجنبي في الخزائن ومنتظرو عائد الصادر بدولار (21) جنيهاً، أن يهبط سعر العُملات مقابل الجنيه السوداني، حتى لا يخسروا، لا يهمهم اقتصاد البلد، ولا مصلحة الدولة، مصالحهم هي الأهم !
جهات رسمية أيضاً ظلت تحفظ مواردها وإيراداتها بالدولار، وقد اشترته بدولار (20)، فهل تقبل أن ينزل الدولار إلى (17) جنيهاً ؟!
بحساب المصالح الوطنية العليا ينبغي بل ويتحتم عليها أن تقبل، ولو خسرت تلك المؤسسات العامة والخاصة مليارات الجنيهات، لتجني الدولة مكاسب غزيرة لا تعد ولا تحصى، ولكن كيف يرتفع في دواخل الناس الإحساس بهذا الوطن المكلوم.. ومتى يصعد السودان في ضمائرنا وتهبط في مقابله ذواتنا الفانية، وترخص ثرواتنا الخاصة، ليرتفع رصيد دولتنا من احتياطي النقد الأجنبي من عائدات النفط والذهب وصادر المنتجات الزراعية والحيوانية.. متى ؟!
في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أوان فقر (الإنقاذ)، كان تجار (الجبهة) يتبرعون للدولة بأرباع وأنصاف ثرواتهم، يدعم أحدهم الجهاد بمليار إذا كان في حسابه ثلاثة مليارات.. زمن “الطيب النص” و”الشيخ عبد الباسط ” و”محمد عبد الله جار النبي” الذي اشترى للسودان امتياز شركة “شيفرون” الأمريكية لينطلق من بعد ذلك مشروع استخراج البترول السوداني.
اليوم يرتزق من امتيازات الدولة وتسهيلاتها وعطاءاتها (المقفولة) رجال أعمال.. إما أنهم جاءوا من المجهول، أو بقايا ثروات تضخمت في هذا العهد مرات ومرات ثم تنكرت له في ذات الوقت!! لا هم (جبهة)، لا هم وطنيون ولا هم شعبيون، لا ولاء لهم للوطن، ولا عطف لهم على الشعب، ولهذا فإنهم لا يقبلون أن ينخفض الدولار قرشاً واحداً لا بفعل آليات الدولة، ولا بفعل آليات السوق !!
وهنا يبرز دور السُلطة ووزرائها، إذا كانت أمينة على مصالح شعبها، حريصة على رفاهيته واستقراره.
استقيموا واعتدلوا.. وأتركوا (البزنس).. فلا بزنس لحاكم.. لا بزنس لوزير.. وأعلموا أنكم مراقبون في الدنيا ومحاسبون في الآخرة.