مسامرات
نتائج منطقية
محمد إبراهيم الحاج
* تناسلت الجامعات السودانية..وأصبحت على (قفا من يشيل)..و(قدَّمت) مئات الألوف من الشباب الذين يحملون الشهادات الجامعية كمسمى فقط..دون أن تكون أدمغتهم ومعارفهم الإنسانية قد تعدَّت مرحلة (الابتدائية) في وقتها ..تشابكت العلاقات الاجتماعية وتداخلت القِيَم الوافدة مع المقيمة.. وتحوَّرت كثير من المفاهيم في مجتمعنا المحلي..وغذى ذلك أن أصبح الشارع الآن عبارة عن (مجمع) كبير تُعرض فيه صنوف (الانقياد الأعمى للثقافات الوافدة) وأشكال (السفور الأخلاقي والقيمي) وأصبحت الأجيال الحديثة تتأثر ببعضها البعض مع افتقادها للقدوة والموجه والمرشد الحياتي…وكان طبيعياً لكل ذلك أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية بمثابة (مدن) بديلة تنشأ بها قصص الحب والغرام والعلاقات الاجتماعية ومتجر واسع لبيع البضائع (الإنسانية) وشراء (وهم) المشاعر المزيِّفة.
*لذلك منطقياً أن يخدع شخص واحد عشرات الآلاف من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتم إيهامهم بوجود شخص يدعى (حنظلة) مصاب بمرض السرطان توفي بسببه ويجمع عشرات الملايين من بعض الشباب (المغيَّب) عن واقعه.
* تضاءلت حظوظ كثير من أصحاب المواهب الحقيقية في أن يجدوا موطئ قدم لهم في المؤسسات الإعلامية الحكومية، لأن التعيين لأغلبها يتم عن طريق الولاء الأيديولوجي الذي أصبح _للأسف_ معياراً ثابتاً حتى بعد تحوُّلات الحوار الوطني والبرلمان القومي، فلا زالت المؤسسات لدينا وفية لعمقها الأيديولوجي..لا يزال المؤتمر (يدوِّل) و(يجرِّب) أسماء بعينها لقيادة مؤسساته الإعلامية الكبيرة، كأنه لم يسمع بمقولة (المجرَّب لا يُجرَّب)، ولكنه لا يستبين النصح..ولا يستمع له.
* لذلك كانت النتيجة المنطقية أن أصبحت أغلب المؤسسات الإعلامية كسيحة فاقدة لمقوِّمات تأثيرها وليس لها القدرة على مناطحة المؤسسات الإعلامية الخاصة، رغم فقرها.
*عدم وضوح الرؤية البرامجية لبعض القنوات الجديدة واعتمادها – فقط – على ملاحقة أو متابعة الأحداث الوقتية ربما هو ما وضع بعضها في محك الحقيقة وجعلها الآن تتخبط كثيراً وتبحث عن مواطئ أقدام لها وسط الكم الهائل من القنوات السودانية التي يضيق بها الفضاء، أشير صراحة إلى قناتي الهلال و(اس 24) اللتان تملكان إمكانات كبيرة ونجحت الثانية طوال موسم المشاهدة في شهر رمضان الكريم وحصدت إشادات مقدرة -ربما لأنها قدَّمت شكلاً مختلفاً غير مألوف من البرامج لم يعتمد على الغناء_ ولكنها صمتت عن إحداث تأثيرات إيجابية جديدة مثلما فعلت في السابق- أو ربما نامت على (عسل) تلك الإشادات – إلا أنها ثبتت بعد ذلك أنها لا تزال تبحث عن نفسها. أما قناة الهلال فيبدو أنها تناقش وتنتج كل أشكال البرامج – عدا تلك التي لها علاقة قوية بفريق الهلال.
*تخبُّط الفضائيتان طوال الفترة السابقة كان نتيجة منطقية لما يعانيه الإعلام لدينا من عدم وضوح أفكاره أو نضوج إداراته وابتعادهم بقدر كبير عن حذق التجويد والتجديد.
*إذاعات (الاف أم) لا تفتأ تتزايد بمتوالية هندسية خلال كل فترة زمنية قصيرة..نضوب المعينات المالية وعدم وضوح الأهداف والرؤية ومزاجية إداراتها ربما هو ما قادها إلى أن يصبح بعضها بمثابة (عبء كبير) على الإعلام السوداني وليس إضافة له.
*كثير من تلك الإذاعات لا تمل من تجريب كثير من المتدرِّبين (على الهواء مباشرة)، كما أن كثيراً منها يستقطب بعض الذين فشلوا في تثبيت أقدامهم عبر الفضائيات فتلجأ إلى الاستعانة بهم ربما لأن سيرتهم الذاتية هي من دفعت بهم و(زكتهم).
*منطقياً إذن تصبح إذاعات (الاف أم) هي مجرَّد صدى لإذاعات أخرى إقليمية أو مجرَّد ظل لبعض الفضائيات.