حوارات

رئيس لجنة الدفاع والأمن السابق بالبرلمان الفريق "أحمد التهامي" لـ(المجهر)

لا ننكر لـ”موسى هلال” دوره في دحر التمرد
المجموعة التي ضُبطت بشمال دارفور تعمل في تهريب البشر
بعض الإدارات الأهلية تعمل ضد جمع السلاح لأجندة تخصها
اتفقنا مع الجوار الشرقي في مكافحة الجرائم العابرة للحدود
تعدّ قضية جمع السلاح هي الأكثر أهمية الآن بالنسبة لمواطني إقليم دارفور والولايات التي تجاوره، باعتبارها نهاية سلسلة الأزمات التي لحقت بالإقليم المنكوب منذ سنوات بسبب الصراع المسلح القبلي، وانتشار السلاح في أيدي المواطنين، لكن القرار الرئاسي لم يقابل بالورود كما توقع الكثيرون، بل وجد معارضة من البعض، بينما مضت الدولة في تنفيذ قرارها الإستراتيجي مهما كلف الثمن.. في هذا الإطار، التقت (المجهر) النائب البرلماني الفريق “أحمد التهامي” وكانت إفاداته واضحة ومهمة..
حاورته- رشان أوشي
{ لماذا قررت الدولة الشروع في جمع السلاح في هذا التوقيت؟
_ جمع السلاح قرار إستراتيجي ومهم جداً للبلاد، نسبة للحالة التي وصلتها ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، أي مناطق الحرب في السودان، والصراع القبلي، والحدود مع الجوار خاصة جنوب السودان وليبيا، وبهذا الاستقرار الأمني الذي أكدته كل مضابط الأجهزة الأمنية وخاصة لجان الأمن في الولايات، وعلى مستوى رئاسة الجمهورية ووزارتي الداخلية والدفاع وجهاز الأمن الوطني، وتقاريرهم التي عرضت في المجلس الوطني، واضح جداً أن هنالك استقراراً كبيراً، وانحسار الصراع القبلي وكثير من الاتفاقيات مع دول الجوار خاصة تشاد وأفريقيا الوسطى سهلت مسألة اتخاذ قرار جمع السلاح، الذي يحتاج لإعلام وتوعية للناس ومنظمات المجتمع المدني، ونواب الدوائر في المجلس الوطني والمجالس التشريعية، وعمل فني كبير من الأجهزة الأمنية، لذلك استقر الرأي على أنه الوقت المناسب جداً لجمع السلاح، خاصة بعد الحوار الوطني ومخرجاته، وحكومة الوفاق الوطني.. إضافة إلى ذلك، يتلخص في شعور عام من الناس، كما أنه المبدأ الأساسي الذي يتفق عليه الجميع، أي أن جمع السلاح أولوية قصوى.
{ لم يجد القرار قبولاً لدى مجموعات في دارفور؟
_ مجموعات متمردة تحمل السلاح حتى الآن وهي موجودة في ليبيا وجنوب السودان، أو معارضة محرضة ومتعاطفة مع الحركات المسلحة تعمل على تعطيل قرار جمع السلاح لأجندة تخصها، بعد انحسار التمرد ووقف العدائيات واستتاب الأمن بفضل مجهودات الأجهزة الأمنية والسياسية والإدارات الأهلية.. من قراءتنا للأوضاع عبر زياراتنا للولايات اتضح جلياً أن عدداً قليلاً جداً وصوته غير مسموع لدى المواطنين هم من يرفضون جمع السلاح، المواطنون في النهاية يبحثون عن الأمن وتبعاته من عودة طوعية واستقرار ورعي وعدم تعدٍ على أملاك الآخرين، والآن الخريف انتهى والمواطنون زرعوا وسيحصدون زرعهم.. جميعها مؤشرات إيجابية تدفع بقرار جمع السلاح إلى التنفيذ بشكل جيد.
{ انتقد البعض الخطاب الرسمي الحكومي الذي أُعلنت عبره بداية حملات جمع السلاح؟
_ طريقة جمع السلاح هي مسألة فنية من اختصاص الأجهزة الأمنية، وبالطبع لهم خبرات ممتازة جداً في الأمر، إضافة إلى تضافر جهود الإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني.. قرار جمع السلاح لم يُتخذ بالسرعة التي يتخيلها البعض، وإنما منذ سنوات الحكومة تتحدث عنه، وسبقته أيضاً مؤتمرات منذ سبعينيات القرن الماضي، ما زلت أذكر مؤتمرات عقدت للصلح القبلي وتحدث فيها المؤتمرون عن جمع السلاح من أيدي المواطنين، وبعدها قضايا النهب المسلح وتعديات من بعض دول الجوار، سُمح للمواطنين بحمل السلاح للدفاع عن النفس، وبالتالي جاء التمرد.. إذن المسائل ستتدرج للأخطر إن تغافلت عنها الحكومة، لذلك يصبح قرار جمع السلاح قراراً إستراتيجياً تنفذه الأجهزة الأمنية المختصة، وبعدها تكمل عليها المهام المختصة بالأجهزة العدلية كالنائب العام والسلطة القضائية، وأفتكر أنه لابد أن تنتشر الأجهزة العدلية في تنفيذ هذا القرار بصورة أوسع كانتشار القوات المسلحة والشرطة والأمن على مستوى الوحدات الإدارية والمحليات والولايات، حتى يقدم كل من يخالف هذه القرارات إلى المحاكمات.
{ لماذا قررتم البدء بمجموعة “موسى هلال” وقواته التي تنضوي تحت إمرة القوات المسلحة (حرس الحدود)؟
_ الأمر ليس بهذه الشاكلة، لم نقرر البدء بمجموعة بعينها، بل الأمور تسير بشكل متوازٍ في كل الولايات، حتى الأسبوع الماضي تحدث معتمد أم روابة عن جمع السلاح وتنفيذه في منطقته.. إذن نحن لم نستهدف “موسى هلال” دون غيره، أي القرار يشمل الجميع حتى قوات الدفاع الشعبي التي حملت السلاح يوماً ما للدفاع عن الوطن والمواطن يشملها قرار جمع السلاح، ونحن متأكدون من وجود كميات كبيرة جداً من السلاح غير المرخص في أيدي المواطنين وسنعمل على جمعها من كل الولايات، وليس الولايات الغربية فقط، إنما الشرقية أيضاً، حيث أُعلنت الطوارئ تمهيداً لتنفيذ القرار في ولاية كسلا.. مجموعة “موسى هلال” مجموعة مسلحة منذ فترة طويلة ولا ننكر دورها في صد التمرد، لكن رغم كل ذلك تبقى المسألة تحت إمرة القوات المسلحة، وبالتالي يصبح السلاح معروفاً لدى السلطات (بندقية رقم كذا يملكها فلان) وتقنن بالقانون.
{ ولكن تطور الأمر إلى صراع وحرب إعلامية أفضت إلى تعبئة مضادة في إقليم دارفور.. حيث أعلنت إحدى المجموعات المسلحة التي تم دمجها في القوات المسلحة بموجب اتفاق سلام تمردها مع إعلان قرار جمع السلاح؟
_ حتى الآن لم يرفض شخص تسليم سلاحه، لكن يخضع الأمر لإرادة الدولة، ويضاف إليها كيفية إدارة هذه القضية بصورة حكيمة، وهو ما يحدث الآن، حيث أغلب من سلموا سلاحهم كانوا راضين تمام الرضا، ومنها ننتقل إلى المرحلة التالية وهي مرحلة جمع السلاح بقوة القانون.. إذن الأمور تمضي بتدرج، بعض الناس يحاولون تأجيج المسألة عبر التصريحات في الصحف، وفي تقديري هذا ليس وقتاً للتصريحات الصحافية، إنما وقت العمل، كما أن الأمر ليس عشوائياً إنما بترتيبات عدد الذين يحملون السلاح من حرس الحدود، والمستوعبين من الحركات المسلحة، لأن هنالك مواطنين يحملون أسلحة ثقيلة، وهو أمر غير منطقي، مثل هذه الأسلحة يجب أن تكون في يد القوات المسلحة وليس المواطنين، كما قلت لك سابقاً قضية جمع السلاح هي خطة إستراتيجية تعمل عليها الدولة بشكل جاد، يجب ألا يتحدث عنها الناس كثيراً، بل عليهم أن يباركوا كل خطواتها في صمت وتعاون، ويعملوا على مواصلة العمل الذي بدأه نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، وأكده الرئيس في زيارته لولايات دارفور، واتضح انسجام المواطنين مع القرار، وإلا لما كانت  هناك حركة تجارية وزراعة وحصاد.
{ في الآونة الأخيرة أضحت الحكومة تتحدث كثيراً عن جرائم الاتجار بالبشر وقبل أيام حدث اشتباك عسكري مع مجموعة مسلحة أعلنت الجهات الأمنية أنها عصابة اتجار بالبشر؟
_ ما لدينا من معلومات يؤكد انتشار جرائم الاتجار بالبشر عبر الحدود وتهريب المخدرات، وأثناء مكافحتها يحدث اشتباك مسلح، لكن قضية مكافحة الاتجار بالبشر تندرج تحت بنود اتفاقات عالمية، ومتفق عليها، وهذه الجرائم مسرحها أفريقيا من شمالها على وجه التحديد، والسودان يعدّ معبراً رئيساً لتهريب البشر، وتم ضبط عصابات ومحاكمتها، وهو مجهود تشكر عليه القوات الأمنية لتعاونها مع المجتمع الدولي، لذلك جمع السلاح يشمل جمع سيارات الدفع الرباعي غير المرخصة لتقليل جرائم تهريب المخدرات والاتجار بالبشر.
{ المجموعة التي اشتبكت معها القوات الأمنية في شمال دارفور قيل إنها تتبع لـ”موسى هلال” ونفى الأخير علاقة قواته بجرائم تهريب البشر؟
_ تصريحات “موسى هلال” لست معنياً بها، الأمر عندي يتلخص في موقع الحدث، والتسليح، والمجموعة التي تعاونك، والآليات المستخدمة، وما ضُبط مع المجموعة المعنية كان يوضح بشكل جلي أنها جريمة اتجار بالبشر، كما تم ضبط بشر مهربين، وسيارات وسلاح، ومتهمين، أما مسألة الاشتباك فهي مبادرة من الطرف الآخر، لأن الأجهزة الأمنية حتى الآن لم تتجه إلى المرحلة التي تستخدم فيها القوة لجمع السلاح.. إذن القضية لا علاقة لها بجمع السلاح، إنما هي جريمة اتجار بالبشر، لذلك لن يسمح لأي شخص بتكوين دولة داخل دولة، خاصة في منطقة تسلل منها المتمردون، وأعني المجموعة التي كانت تقاتل مع “حفتر”.. وبالتحريات مع المتهمين اعترفوا بمسألة اتجارهم بالبشر.
{ الحكومة لم تشرك الإدارة الأهلية وأعيان دارفور في التبشير بمسألة جمع السلاح؟
_ من قال ذلك؟ من تحدثوا عن تجاوز الإدارة الأهلية في عمليات جمع السلاح غير دقيقين، ولهم أجندة، وهناك بعض الأعيان وبعض الإدارات الأهلية غير راضين عن القرار، ولهم أجندة تخصهم، والقرار قرار دولة ويحقق الأمن والسلم في إقليم مشتعل منذ الثمانينيات، وبالتالي كل من يرفض التعاون في هذا الأمر يعدّ معوقاً للعملية، وجمع السلاح لن تستفيد منه الحكومة فقط، بل المستفيد الأكبر هو المواطن الذي يعاني من الحرب منذ عشرات السنوات، ولجان الأمن في الولايات لديها تحفظات على بعض قيادات الإدارات الأهلية في بعض المناطق.. الغالبية الآن من الأعيان والنظار مع قرار جمع السلاح.
{ عصابات عابرة للحدود تعمل في تهريب السلاح والمخدرات والبشر خاصة في منطقة الشريط الحدودي بشرق السودان.. كيف يتم التعامل معها؟
_ في ولاية القضارف خاصة في الحدود مع إثيوبيا، تم ضبط عدد كبير من المتهمين في هذه الجرائم، والأمر لا يقتصر على تهريب المخدرات والبشر فقط، بل لدينا مواد تموينية تهرب إلى الجوار  بجانب الصمغ العربي والسكر، وكذلك الذهب، الآن حسب تقرير وزارة الداخلية الأخير اتضح انحسار هذه الجرائم، خاصة بعد عقد اتفاقات أمنية بين الولايات المتاخمة والدول الجارة، لكن ما زالت حدودنا المفتوحة تشكل هاجساً، ولم يساعدنا المجتمع الدولي حتى بالدعم اللوجستي رغم تحركات وزارة الخارجية في الأمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية