الحاسة السادسة
لا تحلموا بعالم سعيد!
رشان أوشي
قمة الأضواء هذه الأيام يحظى بها القرار الأمريكي المرتقب، المتعلق برفع الحصار الاقتصادي عن السودان بعد أكثر من عشرين عاماً، حسوما، ولم يتأثر السودان ولا شعبه كثيراً بالحصار الأمريكي، ولا حتى في سنوات التسعينات العجاف، وجل تأثيره كان محصوراً في النظام المصرفي العالمي ومقاطعته للمصارف السودانية، ولكن رغم ذلك كنا نصدِّر البترول قبل انفصال الجنوب، وتصل أموال المغتربين بالخارج لذويهم في السودان، وكان الدولار يعادل جنيهين ونصف، في أسوأ أحواله، إذاً المقاطعة الأمريكية لم تتسبب في ضنك معيشتنا، ولا التضخم والتدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد الآن في أسوأ مراحل الأزمة التي تحيط بنا، بمعنى إذا قررت الولايات المتحدة الأمريكية رفع الحصار اليوم وليس غداً، لن يعود الدولار لجنيهين ونصف، كما كان قبل 6 أعوام فقط،ولن يحدث انفراج اقتصادي ملموس يجعلنا في حياة ترف، لأن التدهور الاقتصادي الماثل أمامنا اليوم لا علاقة له بالحصار.
وفي ذات الوقت فك الحصار سيساهم بقدر معقول في دعم حركة التجارة السودانية في مجالات الاستيراد والتصدير، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا سيصدِّر السودان ليجني العملة الصعبة وترتفع قيمة الجنيه وتقل معدلات التضخم؟، الإجابة البديهية (لا شيء)، لأنه بعد استخراج البترول غمرت الدولة نشوة الذهب الأسود الناضب، وتجاهلت بقية القطاعات التي كانت تدعم استقرارنا الاقتصادي لعقود طويلة، واليوم أمام الحكومة تحدٍ كبير للخروج من عنق الزجاجة.
كما أن قضية فك الحصار، ستعيدنا أيضاً إلى مسرح الأحداث العالمي، ويجب على الدولة إعادة صياغة تحالفاتها السياسية والاقتصادية، حتى تتمكن من تدبر أمرها مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، أي أن الاهتمام بالجوار الأفريقي الناهض، والذي تمضي عجلات تنميته الاقتصادية في سرعة مهولة، حتى نتمكَّن من اللحاق بركب التنمية الأفريقي، بدلاً من الهرولة خلف تحالفات أيديولوجية لم تنفعنا منذ عام 1989م.