بحضور المخابرات الأمريكية..الإرهاب والاتجار بالبشر أهم الملفات
انعقاد مؤتمر أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقي الـ (14)
فاطمة مبارك
شهدت أمس قاعة الصداقة بالخرطوم افتتاح جلسات مؤتمر أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية الرابع عشر (السيسا) الذي جاء تحت شعار (الشراكة الإستراتيجية الشاملة نحو مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار السياسي).
المؤتمر حظي باهتمام الدول الأفريقية ومديرو مخابراتها، باعتبار أن الإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة المنظَّمة من القضايا التي تتسبب في عدم تحقيق الاستقرار السياسي في أغلب البلدان الأفريقية، بجانب تمثيل الاتحاد الأفريقي، فيما كشف الفريق أول أمن “محمد عطا المولى” خلال مخاطبته مؤتمر أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية عن مشاركات لدول أخرى، حينما أكد مشاركة ممثل وكيل جهاز الأمن والمخابرات الأمريكية (CIA)، ووفد المخابرات الفرنسية كممثل لجهاز الأمن والمخابرات الفرنسي، إضافة إلى تأكيده مشاركة رئيس المخابرات العامة السعودي وجهاز أمن دبي ممثلاً لدولة الإمارات. الكشف عن المشاركات الدولية يشير إلى حجم الاهتمام الذي يجده هذا المؤتمر من دول مثل: أمريكا وفرنسا، وبالنظر للقضايا التي تضمنتها أجندة المؤتمر والتي شملت قضايا الجريمة المنظمة ومكافحة الحركات السالبة والاتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب وصولاً إلى تحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة الأفريقية، نجد أن هذه هي ذات القضايا التي أصبحت تشغل بال الدول الكبرى خاصة أمريكا والأمن والاستخبارات كانت من بين القضايا التي حدث فيها تعاون بين جهاز الأمن والمخابرات السوداني وجهاز الأمن والمخابرات الأمريكي (CIA)، وكذلك الحال بالنسبة لقضايا الإرهاب والاتجار بالبشر، حيث أصبح هناك تقارب في وجهات النظر، وفي هذه الحالة يمكن أن تعوِّل أمريكا على السودان في نقل وجهة نظره وتجربته في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر لبقية الدول الأفريقية التي تتخوَّف أمريكا من تسرُّب الجماعات الإرهابية من بلدانها، وهذا قد يفسِّر اهتمام وحضور المخابرات الأمريكية والسعودية ومخابرات دبي ممثلة لدولة الإمارات باعتبار أن هذه الدول تتحالف من أجل مكافحة الإرهاب، وقد يكون هناك تفسير أخر للمشاركة وهو أن بعض الدول الأفريقية تمثِّل مناطق نفوذ لفرنسا والآن أصبح هناك تنافس بينها وأمريكا، لذلك تريد هذه الدول الإطلاع على تفاصيل ما يدور من أفكار في أفريقيا حول التصدي لهذه الظواهر التي تهدِّد أمن الدول الكبرى.
ومن جانبه قال الفريق أمن “محمد عطا” إن المؤتمر يعقد في وقت تشهد فيه بلداننا ظروف أمنية بالغة التعقيد والاستقرار السياسي ومكافحة الإرهاب، ولازالت تعتبر من القضايا الأكثر إلحاحاً لأجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية، وكذلك لا زالت عدد من دول القارة تشهد تحديات أمنية، ومضى معدِّداً هذه التحديات حاصراً إياها في النشاط السالب للمنظمات غير الحكومية التي نعت نشاطها بالمدمِّر وظاهرة الارتزاق والمحاربين الأجانب، وأشار إلى أن الظواهر السالبة ألقت بظلالها على شعوب القارة الأفريقية التي تعاني من عدم التنمية، لذلك آن الأوان إلى تطبيق توصياتنا وترجمة أقوالنا إلى أفعال بالتعاون الجاد على المستوى الإقليمي والقاري والدولي، مضيفاً أن السودان كان سبَّاقاً في دعم مؤتمرات أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية وأهدافها من خلال استضافته لمؤتمراتها وورشها المتخصصة التي وجدت طريقها للاتحاد الأفريقي، والحديث للفريق “محمد عطا”، كما نادت توصيات الورش المتخصصة والمؤتمرات السابقة برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وشهدت بنزاهة انتخابات عام 2015م، وصنَّفت الحركات المتمرِّدة باعتبارها سالبة ودحضت الحديث حول دعم السودان لجيش الرب.
فيما ركَّز الرئيس “البشير” في كلمته أمام الحضور على دور السودان في تحقيق السلام والاستقرار السياسي عبر إجراء الحوار الوطني الذي شاركت فيه أغلب القوى السياسية وتمخَّضت عنه حكومة الوفاق الوطني، مؤكداً أن هذا الأمر ساعد في استقرار إقليم دارفور الأمر الذي قاد إلى الخروج التدريجي لليوناميد، ومضى في حديثه عن دولة الجنوب، قائلاً إن رغبة السودان في السلام والاستقرار السياسي دفعها إلى المساعدة في تحقيق السلام في دولة جنوب السودان، وقال في إطار مبادرة إيقاد التزمنا بالدعم الإنساني وفتحنا الممرات والمعابر للاجئ دولة جنوب السودان وتأمين دخولهم وتوفير الخدمات لهم ومعاملتهم معاملة مواطنين من ناحية الخدمات ولا زال الدعم مستمراً وتعرَّض “البشير” لحديثه عن دولة جنوب السودان يمكن أن يفهم في سياق أنه أراد أن يعطي أنموذجاً لمشاكل عدم الاستقرار السياسي الموجود في القارة الأفريقية الذي اختاره المؤتمر الرابع عشر شعاراً له، وربما أراد أن ينبِّه إلى وجود حركات سالبة في دولة جنوب السودان تعمل على زعزعة الأمن في السودان، وأياً كانت الإشارة ستجد هذه الموضوعات حظها من النقاش في الجلسات المغلقة التي ستفتح فيها الملفات الأمنية سواءً أكانت مرتبطة بالحركات المتمرِّدة أو الاتجار بالبشر أو قضية الإرهاب. وأعلن “البشير” عن استعداد بلاده لاستضافة الملتقيات الفكرية سنوياً، وهذا فيه إشارة لرغبة السودان في نقل تجربته الفكرية في محاربة الإرهاب للدول الأفريقية بجانب الاتفاق على صيغة موحَّدة.
وبدوره اتفق ممثل مفوَّضية الاتحاد الأفريقي “إسماعيل شرقي”، مع الفريق “محمد عطا” حينما ابتدر كلمته بقوله: نجتمع في وقت تواجه فيه القارة الأفريقية تحديات محدقة بالسلم والأمن في القارة الأفريقية والآفات الجديدة ممثلة في الإرهاب، معرباً عن أمله في أن تركِّز الأولويات على الموقف الأفريقي الموحَّد وأوصى ممثل مفوَّضية الاتحاد الأفريقي باستمرار التعاون مع كل الكتل الدولية واستمرار التعاون الأفريقي الأوروبي من أجل التطور والتنمية وهجرة الأفارقة، بصورة عامة كان هناك تركيز على حل قضايا القارة السياسية والأمنية والتعاون الإقليمي والدولي ومشاكل هجرة الأفارقة التي أدت إلى انتشار الاتجار بالبشر وعلى أهمية الملتقى الفكري، حيث تمت تلاوة توصيات الملتقى الفكري الأول الذي سبق جلسات المؤتمر، وكانت قد ركزت على تحقيق السلام وتعزيز مراكز البحث والعلاقة الفكرية والثقافية بين الدول الأفريقية من أجل السلام والتنمية والتعاون السلمي، كذلك أكدت على أهمية التعاون الفكري استناداً على المفاهيم والعادات الأفريقية دون إهمال التجارب العالمية، كما دعا الملتقى الفكري إلى عقد حوار وطني على المستوى الأفريقي يسهم في الاستقرار السياسي.