لعنة المال
خالد الفاضل
{ حدثني مصدر موثوق بقناة فضائية شهيرة أن أغلب حفلات نجوم الغناء تنقلها القنوات الفضائية كمادة إعلانية مدفوعة الثمن، وأخبرني كذلك أن بعض السهرات مع نجوم الساحة الفنية التي تقدم على القنوات الفضائية مادة إعلانية مدفوعة الأجر.
{ ولو صح هذا فمعناه أن معايير النجومية قد اختلت تماماً وأصبح المال هو الضامن الأوحد للبقاء تحت الأضواء بغض النظر عن إمكانيات الفنان الصوتية أو الأدائية، وهو ما يعني أيضاً أن الجلوس على المقاعد الأمامية في ساحة الغناء ستكون حصرية على وجوه بعينها ولن تتجاوزهم لسنوات طويلة، وهذا ما يفسر ما يحدث الآن من احتكار وجوه غنائية بعينها للظهور في القنوات الفضائية وتربعهم على المقاعد الأمامية في قمة الأغنية بالرغم من ضعف إمكاناتهم الصوتية والأدائية، في حين أن آخرين يمتلكون أصواتاً قوية ومميزة لا يجدون حظهم في الظهور ويبقون في الظلام بعيداً عن الأضواء، وفي هذا ظلم لهم، وظلم للجمهور الذي يحرم من أصوات جميلة من حقهم أن يستمعوا إليها ويستمتعوا بها.
{ نعم إذا صح أن القنوات الفضائية تفتح استوديوهاتها لمن يدفع فقط من الفنانين فمعناه أن المشهد في الساحة الفنية الآن مزيف وغير حقيقي، وأن من يحملون لقب فنان الشباب الأول ونجم الشباك الأول لا يستحقون هذه الألقاب، لأن المنافسة العادلة انتفت بينهم وبين آخرين لا يجدون فرصتهم في عوالم الشاشات البلورية والأضواء.
{ والله إنها لصورة مقلوبة أن يكون أنصاف المواهب في القمة ويبقى أصحاب المواهب الحقيقية في القاع. والصورة الحقيقية والطبيعية أن يجد من يمتلك أدوات الإبداع فرصته في الظهور.. هذا حقه الطبيعي وهذا هو المعيار الصحيح.
{ إن قنواتنا الفضائية ترتكب خطأ فادحاً وهي تساعد بعض الفنانين لاحتكار نجومية الساحة الفنية دون وجه حق لمجرد أنهم يمتلكون الأموال ويدفعون بسخاء، بل إنها ترتكب أخطاء كثيرة وهي تفتح قنواتها للبعض وتترك البعض الآخر يكابد الإحباط واليأس بسبب التجاهل والإهمال، وهي تحرم بفعلتها هذه المبدعين من فرصتهم في منافسة شريفة تكون الغلبة فيها لمن يملكون الإبداع الحقيقي. وهي كذلك تحول الساحة الفنية من نبع نابض بالحياة يتدفق إبداعاً وجمالاً إلى بركة راكدة وآسنة تنضح بالتباغض والغبن.
{ نعم.. إن ما يحدث جريمة في حق الإبداع والمبدعين، فكيف يحرم مبدع يمتلك كل أدوات الجمال ليغرق في دهاليز الظلام والنسيان، ويفسح المجال لآخر لا علاقة له بالإبداع لينعم بأضواء ونجومية هو لا يستحقها أصلاً، لمجرد أن هذا يمتلك المال والآخر يفتقر إليه!!
{ أيها السادة أوقفوا هذا العبث، فالإبداع أسمى وأكبر من أن تتحكم فيه كل أموال الدنيا.