أخبار

العجز المقعد

هل كانت الحكومة لا تعلم تبعات قيامها بخطوة كبيرة واختراق لجدار الأزمة الدارفورية بحجم زيارة الرئيس “البشير” لمعسكر (كلمة) التي تعني نهاية حقبة المواجهة بين فيصل “عبد الواحد محمد نور” الذي وضع كل رهاناته على استخدام سلاح النازحين واللاجئين في حربه مع النظام؟
وهل كانت أجهزة الحكومة السياسية والإعلامية والدبلوماسية قد درست السيناريوهات المتوقع حدوثها وكيفية التعامل معها؟ أم أن كل شيء ترك لما قد يحدث ولم تفترض الحكومة أسوأ الاحتمالات؟ وقد أعلن الطرف الآخر وهو المعارضة ممثلة في الحركات المسلحة خوضها لمعركة معلنة للحيلولة دون وصول الرئيس “البشير” لمعسكر (كلمة) بإعلان التعبئة وسط النازحين وتخويف المجموعات التي أعلنت الترحيب بالزيارة وهم الأغلبية ثم بدأت الحركات المسلحة حشد عضويتها من طلاب وطالبات الجامعات الذين هم أكثر عداءً للنظام داخل المعسكر وقيامهم بتعبئة سالبة، وهم يبحثون عن ضحية يتم تقديمها كبش فداء لإنجاح مخطط الإيقاع بالحكومة في هاوية سحيقة، وقد عرفت الحركات المسلحة كيف تصطاد خصمها الذي حدد هدفه ولكنه لم يعد نفسه لأصل المعركة التي ميدانها ليس معسكر (كلمة) ولا محلية بليل ولا مدينة نيالا، إنما ميدان المعركة هو الفضاء الإعلامي المطلق والفضاء السياسي والدبلوماسي المفتوح من الخرطوم إلى جنيف، حيث يحتدم الجدل بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وحكومة السودان، هل يبقى خبير حقوق الإنسان مفتشا لملابس الحكومة أم يتم إنهاء مهمته؟ وتمتد المعركة إلى البيت الأبيض الأمريكي وهل ترفع العقوبات الاقتصادية على الخرطوم الشهر القادم أم تجدد؟
لذلك جاءت زيارة الرئيس لمعسكر (كلمة) وقد وضعت حركة “عبد الواحد” كل بيضها في ميدان المعسكر وهي تبحث عن ضحية ترفعها كقميص “عثمان” وتتربص بالحكومة من أجل قطرة دم واحدة لتنسج على منوالها المعركة السياسية والإعلامية، ومنذ وقوع الأحداث في الساعة الثامنة صباح يوم (الجمعة)، بدأت الحملة الإعلامية والسياسية وفتحت المعارضة أجهزة الهواتف لبث الأكاذيب عن عدد الضحايا وتوالت إصدار البيانات التي تدين الحكومة التي تم جرها لحيث يريد خصومها، وأطبق الصمت على أفواه المسؤولين، لم يعلق وزير على كثرة وزراء الحكومة من كل نوع وأحزاب كل المسؤولين (دفنوا دقونهم) في رماد (كلمة) وحتى المؤتمر الوطني لم يفتح الله لواحد من قياداته التي تحظى بالرعاية والدلال أن يقول كلمة واحدة دفاعا عن حكومة المؤتمر الوطني، وكعادتها تأخرت الحكومة في إصدار بيان يكشف طبيعة الأحداث حتى الساعة العاشرة والنصف مساء (الجمعة)، ليخرج وزير التخطيط العمراني بولاية جنوب دارفور ببيان يمثل الرواية الحكومية الأولى لحدث كبير جدا ونفخت قوات اليوناميد في أشرعة مركب الأزمة بإصدارها لبيان جانب الحقيقة في كثير من جزئياته وحتى اليوناميد لم تجد من يوبخها على بيانها لأن الخارجية حملها بروفيسور “غندور” في حقائبه وسافر بها وترك الموظفين حائرين ينتظرون زيارة الوزير للخرطوم ليملي عليهم ما يراه صحيحا قبل أن يسافر مرة أخرى ليمتع نفسه في ظل دولة لا يحاسب المسؤولين على إخفاقاتهم بل يعاقب صاحب العطاء ويكافأ المخفقين.
حكومتنا الرشيدة عمرها قارب الثلاثين عاما ولكنها لم تتعلم من الدروس ولم تستوعب بعد كيفية إدارة الأزمات فقط تنتظر الرئيس أن يشير للوزراء الذين هم إذا غضب الرئيس غضبوا وإذا غاب غابوا، حتى أدرك عمنا الناظر “بقادي” حقائق الواقع المُر، وهو يقول: (البلد لو فقدت “البشير” ورلها بصنقع).
أما كيف يصنقع الورل ولماذا يصنقع؟.. تلك قصة أخرى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية