هل آن الأوان ليتجاوز السودان محطة الأمية التقليدية؟؟
محوا أميتهم ونالوا درجة الدكتوراه والماجستير
تقرير – فاطمة عوض
الأمية من المشاكل التي تعيق التنمية في البلاد. ووفق تقرير المجلس القومي السوداني لمحو الأمية بلغ عدد الأميين في السودان (9.691) مليون أمي بنسبة بلغت (31%) من العدد الكلي للسكان حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، ووفقاً لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإن نسبة الأمية في السودان تبلغ (50%) بين النساء و(31%) بين الرجال، كما أعلنت منظمة (يونيسيف) أن ثلاثة ملايين طفل في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدارس من أصل سبعة ملايين طفل بلغوا هذه المرحلة.
هذا العام المجتمع الدولي أطلق شعار (محو الأمية.. عالم رقمي).. فهل تجاوز السودان محطة الأمية التقليدية ومحوها تماماً حتى ينتقل إلى محور الأمية الرقمية؟ هذا سؤال عريض يطرح نفسه في هذا العام، وكل الدول تحتفل باليوم العالمي لمحو الأمية تحت هذا الشعار.
نماذج مشرفة رسمها السودان في تنفيذ برنامج محو الأمية وتعليم الكبار بوصول بعض الدارسين في محو الأمية درجات عليا من التعليم، وحققوا تفوقاً نالوا بموجبه درجة الدكتوراه والماجستير.. ثمة أسئلة تطرح نفسها: ما هو السبيل الأمثل لكي يلحق السودان بركب الدول التي محت أميتها الإلكترونية والسودان معروف بمساحاته وامتداداته البعيدة في ظل تحديات الريف والقرى والمساحات الشاسعة والأصقاع البعيدة؟
أطلقت وزيرة التربية والتعليم البرنامج بإعلان وجهت فيه رسالة للشعب السوداني وخاطبت ولاة الولايات للاحتفال بهذا اليوم، وكشفت وزارة التربية والتعليم العام عن إجراء مسح بجميع الولايات لحصر نسبة الأمية في السودان للوقوف على المعدلات الحقيقية للأمية بالبلاد، وأكدت مؤشرات المسح وجود (7547) أمياً بولاية الخرطوم بنسبة (16%) من جملة العدد الذي تم حصره، فيما أحرز السودان تقدماً ملحوظاً باحتلاله المرتبة (24) في العالم، وجاء من بين (4) دول عربية أمية حسب الإحصائيات وهي مصر، المغرب، اليمن والسودان.
وأقر وزير الدولة بالتعليم د. “عبد الحفيظ الصادق” بوجود فجوة في التعليم تستدعي بذل الجهود بزيادة التعليم والإقبال نحوه، وكشف في منتدى الإعلاميين من أجل التعليم بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية ببرج الاتصالات الذي نظمه المجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار والائتلاف السوداني للتعليم للجميع، كشف عن تحديات تواجه محاربة الأمية تتمثل في تجفيف التسرب المدرسي والمعاناة في طباعة المنهج، وقال إن الهدف الأساسي من اليوم العالمي لمحو الأمية المعرفة وتحفيز الناس للتعليم، مشيراً إلى محو أمية (437) ألفاً في عام 2016، وأكد استهداف (550) ألفاً في تعليم الكبار خلال العام الحالي و(526) ألفاً من الصغار ومليون ونصف المليون من الشباب، مشدداً على ضرورة إلزامية التعليم بالقانون، مشيراً إلى عدم وجود قانون يعاقب الأمي.
وأكد ممثل الـ(يونسكو) د. “أيمن بدري” وجود مليون طالب متسرب من المدارس وأكثر من (123) مليون طفل لا يتلقون تعليماً، وقال إن نسبة الأمية في الدول العربية بلغت (27.1%) في مصر والمغرب واليمن والسودان، وقال إن الأمية ليست مشكلة أو وصمة عار، وأكد وجود تغيير في مفهوم محو الأمية من تعلم القراءة والكتابة إلى الأمية التكنولوجية التي تقف عائقاً أمام تطور الإنسان والوصول للمعلومات، ولابد من العمل معاً لسد الفجوتين، وقالت (يونسكو) إن السودان أحرز تقدماً كبيراً في مجال محو الأمية، وإنه صعد إلى مرتبة متقدمة متقدماً على عدد من الدول العربية من خلال انتشار الفصول وبرامج الخدمة الوطنية. وقال د. “أيمن بدري” إن انتشار الأمية تحدٍ لا يواجه السودان فحسب إنما يمثل هاجساً لعدد من دول العالم، وأشار إلى أن السودان أحدث اختراقات في ملف الأمية وحقق تقدماً ملحوظاً في جهود القضاء على محو الأمية المتمثل في التعليم الإلكتروني والأطفال خارج المدرسة وغيرها من الجهود.
وأكد وزير الدولة بوزارة الاتصالات “إبراهيم الميرغني” في الاحتفال أن الثورة التقنية تفرض أهمية الاستفادة من مزايا التكنولوجيا في محو الأمية وخفض معدلاتها لمواكبة إيقاع العصر للوصول إلى الهدف الأسمى للمساهمة في عملية التنمية وتحقيق الرفاهية للمواطن السوداني، وأشار إلى اهتمام الدولة بنشر ثقافة المعلومات لإتاحة الخدمات إلكترونياً وتبسيط الإجراءات، وقال إن الأمية تشكل أحد التحديات.
د. “مبارك يحيى” رئيس الائتلاف السوداني للتعليم للجميع ورئيس الحملة العربية للتعليم للجميع، أكد أن الإعلام يمثل رأس الرمح في الترويج لبرامج محو الأمية وتعليم الكبار والتبصير بأهمية محو الأمية، وأشار إلى أن الاحتفال يستهدف استنفار الجميع لقضايا التعليم ووقفة تأمل للمنجزات التي تحققت والتخطيط للمستقبل، وقال إن الأرقام لا زالت كبيرة رغم الجهود الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والطوعية ولابد من الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في التعليم وتجويده وتقديمه بصورة جاذبة لاستغلال كل الفرص المتاحة وتهيئة الطفل للتعليم، خاصة أن التعليم يساهم في تطوير المعرفة والتفكير السليم، وأكد أن تطوير المناهج في غاية الأهمية وربطها بالقيم والمثل وأن تكون محصنة من تداعيات البث المباشر.
وأكد “محمد حماد” الأمين العام للمجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار تطور مفهوم الأمية من القدرة على القراءة والكتابة إلى البعد الرقمي ليشكل امتداداً مهماً للتطورات التي يشهدها العالم في ثورة المعلومات والتكنولوجيا الرقمية، والتي أصبحت متاحة متسائلاً عن الأمي الذي يستخدم ويتعامل مع الهواتف الذكية (كيف ذلك).. وحسب التوجهات العالمية والتعاهدات الدولية فلا بد من وضع رؤية جديدة في العالم للتخلص من الأمية ومكافحتها. وقاد السودان مبادرة جديدة وجريئة بإدخال المشروع الإلكتروني في مرحلته الأولى التي تستهدف المناطق النائية، وقطع شوطاً في حوسبة مادة اللغة العربية والتربية الإسلامية.
وأكد منسق الخدمة الوطنية “خالد الشعراني” أنه تمت طباعة (5) ملايين استمارة لحصر الأميين يتم من قبل (40) ألف مجند للحصر، وتم وضع ترتيبات تستهدف عدداً من الولايات لتخفيف الأمية وتحتاج إلى التعبئة العامة واستنفار اللجان والمنظمات والمؤسسات، وأن تصبح الأمية قضية محورية للمجتمع، وتوجد العديد من التحديات أهمها التسرب، ولابد من فتح المزيد من المدارس وطباعة المناهج.