مجرد سؤال؟؟؟
(إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)
رقية أبوشوك
وأنا أتأهب لكتابة هذه المساحة (مجرد سؤال؟؟)، بعد أن رتبت أفكاري لأتناول قضية اقتصادية ذات عدة أبعاد، فجأة تراجعت عن الكتابة في الاقتصاد عبر هذه المساحة، لأن الاقتصاد ما زال يقبع في المربع الأول، وقلت حتى وإن تناولت قضية اقتصادية ما، فإنها حتماً ستكون بلا جدوى ولا حياة لمن تنادي، حينها فكرت في الكتابة أو إعادة مقال وصلني عبر الواتس أو الإيميل عن شيء ينفع عامة الناس.. والناس بحاجة إلى أشياء تذكرهم بالدين والدنيا خاصة وأن الحياة لاهية.
اخترت هذا المقال من بين عشرات المقالات التي وصلتني عبر الواتساب، لأنه أعجبني وودت أن يشاركني الإعجاب القراء الأعزاء.
فتعالوا نقرأ ما وصلني:ـ
حين كنا أطفالاً وقرأنا للمرة الأولى سورة الكهف.. عصر قلوبنا قول الرجل الصالح لموسى عليه السلام (هذا فراق بيني وبينك).. وقلنا لو أنه صبر..؟.. كنا نرغب في المزيد لكن لما كبرنا عرفنا أن هناك دائماً حداً تقف عنده الأشياء وكان علينا أن نرضى بأن يكون الفراق إحدى ركائز الحياة التي لا تستقيم الأمور بدونها والتي – للمفارقة – تنهار الأمور أيضاً بها ..!
تعلمنا أن الفراق ضروري من أجل أن تكتمل دورة الحياة.. أناس تولد وأناس تموت.. البعض يسافر والبعض يعود.. حب يولد وآخر يموت.
تعلمنا أن نصبر على لوعة الوليد حين يفطم وقلنا سينسى..
تعلمنا أن نفارق من نحب حين يغيبهم الثرى أو بعد المسافات..
فمتى إذن نتعلم أن نصبر على ألم الفراق حين نختاره بإرادتنا وحين يكون حلاً قهرياً تفرضه الحياة؟
في الحديث أتاني جبريل فقال: (يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، وأعمل ما شئت فإنك مجزى به).
هناك مواقف أيقظتنا وصنعتنا من جديد.. وهناك علاقات توقعنا منها الكثير ووجدنا منها القليل.
وهناك دروس لم تكن بالحسبان لكنها علمتنا الانتباه!!
النخلة يتأخر حصادها لشهر الصيف حتى يتكون الرّطب، ويتأخر أكثر ليتحول إلى تمر به من لذّة السكر حلاوة.. يطول الطريق ثم ما نلبث أن نصل للنهاية حتى ننسى ألم البداية..
هكذا هي الأشياء الأكثر جمالاً، لا تأتي بطرقة باب واحدة وإنما بكثرة الطرق.. وهكذا، فالله سبحانه وتعالى يمنع عنّا الجميل ليُعطينا الأجمل.
عطاياه كثيرة ولكنه يُعجل لنا أموراً ويؤجل أُخرى لحكمة لو عرفناها لبكينا ليلاً نهاراً على تأجيلها.
(عرفان بالجميل) يدهشنا ويؤلمنا أن نستحضر قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنّ حُسنَ العهدِ من الإيمان).. هي إيماءة توقظ الوفاء لأهل العطاء!.. وتربي في المتربي أن يلتفت في طريق الحياة، ولا يغيب عن باله ولا يتغاضى عمن أسدى إليه جميلاً – ولو لمرة واحدة! –
(إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا).. فالنبلاء لا يضيع عندهم معروف، بل الأمر لا يستدعي استحضاراً ولا تذكّراً في كثير من الأحيان والأحوال.. فأين نحن من الأخت (كبرى أو صغرى) التي تتقمص دور الأم، بحنانها وتفانيها، ومع السنين كل جهدها ينسى!.. وأين نحن من زوجة خال أو عم، عاشرت بالمعروف والإحسان والنبل والذوق سنين طوال..
تجرعت غصص، وكظمت غيظاً، واتّقت رباً، وجمعت شملاً..
وأين نحن من زوجة أخ تحملت حملاً، وأظهرت عقلاً، وبذلت لطفاً، ولزوجها أكرمت أماً وأختاً، مع أنّ عشرة النساء تحتاج صبراً!
وأين نحن من جارة أو صديقه بذلت المروءة والندى، ومع الأيام تُنسى؟!
لو كانت فواتير أمام أعيننا لسارعنا إلى سدادها، ولكننا ننسى أنّ علاقاتنا تحكم علينا بنص الحديث:
(إنّ حُسنَ العهد من الإيمان)!
فبين الوفاء والجفاء تبدو سلوكيات نحسبها صغيرة وهي ليست كذلك!
مكالمة تفقدية
لمسة حب
وكلمة حق
ورسالة شكر
تعيد الروحَ لأرواح أنهكها الجفاف والجحود، وقد بذلت فضلاً لا فرضاً!
وليكن حادينا :
(من لا يشكر الناس لا يشكر الله)
ثقافة الشكر واللطف والإنصاف وهي ثقافة تعيد للإيمان حلاوته.. فهلّا تذوقناها؟
(كل الشكر والعرفان لمن عاشرناهم في حياتنا وأحببناهم بصدق).