ينابيع من المياه العذبة تتفتح داخل المنازل بأم درمان
المختصون اختلفوا في تشخيص الظاهرة والمحلية تؤكد أن المشكلة جيولوجية
تسرب المياه الجوفية تمدد إلى (5) أحياء وعشرات المنازل آيلة للسقوط
“مجدي عبد العزيز”: وجهنا كافة الوحدات الهندسية بتقديم الدعم للأحياء المتضررة
أم درمان ـ سيف جمع
لعل الكثيرين ربما لم يصدقوا أن هنالك مياهاً عذبة تتدفق من ينابيع داخل المنازل وغرف النوم بأم درمان القديمة في بيت المال وود نوباوي وأبوروف، لكن من يزور تلك المنازل ويشاهد الحالة ربما تسيطر عليه الدهشة لجهة غرابة الظاهرة، وهذا بالفعل ما شاهدنا بعدد من المنازل في أم درمان القديمة، حيث أصحبت الظاهرة مألوفة وتعايش معها المواطنون ببعض المعالجات لتصريف المياه خارج المنازل.
ورافقت (المجهر) معتمد محلية أم درمان “مجدي عبد العزيز” خلال زيارته لعدد من المنازل، حيث يعيش أصحابها ظروفاً صعبة ومعاناة في مواجهة نبع المياه المستمر في كافة الأوقات والمواسم، ورصدت كاميرا (المجهر) تضرر المنازل ومنها آيل للسقوط في أي لحظة بسبب تأثرها بالمياه المسربة من الأرض إلى السطح، فيما اضطر المواطنون إلى إخلاء عدد من المنازل بعد أن تهالكت وأصبحت آيلة للسقوط بسبب البلل الذي لحق بها.
وشكا المواطنون من تسرب المياه المستمر بمنازلهم ورصدت (المجهر) وجود (تدفق للمياه) من داخل غرفة نوم أحد المواطنين، واضطر بمعالجة التسرب باستخدام الطلمبات لشفط المياه من منازلهم، ورغم حالة التوجس والخوف وسط المواطنين من انهيار منازلهم في أي لحظة، الآن بعض منهم ظل متمسكاً بالبقاء في المنازل آملين أن تعالج المشكلة.
ويبدو أن الجهات المختصة فشلت في تحديد أسباب الظاهرة الغريبة، حيث أشارت دراسة أعدها كرسي اليونسكو للمياه بالتعاون مع وزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم، أن الأسباب ربما تكون بسبب خطوط شبكة المياه، وأوصت دراسة لليونسكو بمراجعة هذه الشبكات وإقامة شبكات صرف صحي ومعالجة المجاري، وتوصلت الدراسة التي شملت (200) منزل بمنطقة بيت المال توصلت إلى وجود بلل في حوائط المنازل إلى فوق متر ونصف، فيما توصلت ذات الدراسة إلى ارتفاع المياه بطول (50) سنتمتراً خلال (5) ساعات.
ويقول معتمد أم درمان “مجدي عبد العزيز”، إن هذه التسريبات أدت إلى انهيار (5) منازل وتأثر (39) آخرين بحي بيت المال.
وقال المعتمد إن مشكلة تسريبات المياه بأم درمان جيولوجية، لكن ستعمل المحلية على معالجتها والوقوف إلى جانب المواطنين، ووجه المعتمد إدارة الصرف الصحي بتوفير المعينات اللازمة للتخفيف على المواطنين، وقال المعتمد “وجهنا كافة الوحدات الهندسية بتقديم الدعم للأحياء المتضررة والوقف إلى جانبهم ومستمرين في المعالجات.
ووقف المعتمد على مسجد الأدارسة الذي مهدد بالسقوط رغم المعالجات ويعتبر المسجد من أقدم المساجد بأم درمان، لكن بسبب ترسيبات المياه أصبح مهدداً بالسقوط، وتوقفت به كافة أعمال الصيانة والتطوير، وأكد رئيس لجنة المسجد أن المسجد لا يحتمل أي أعمال صيانة حتى المكيفات لم يتم تشغيلها وتم إسناده ببعض الأعمدة لمنع سقوطه.
وأطلق ممثل اللجنة الشعبية بود نوباوي “ميرغني حمزة” تحذيراً من تزايد المنازل المتضررة في ود نوباوي، وأشار إلى أن هنالك (39) منزلاً ظهرت بها تسرب المياه
وطالب الجهات المسؤولة بضرورة التدخل ومعالجة الظاهرة.
وأوصى مدير هيئة الصرف الصحي بالولاية “حسن عثمان الفاضل”، بعدم دراسة إنشاء نظام صرف لمعالجة الظاهرة، لأن الظاهرة لا تحتمل بحسب رأيه، مبيناً أن المشكلة بيئية وقد بدأت منذ الثمانينيات في البوستة ولكنها تمددت إلى أحياء أخرى، وقال مدير الصرف الصحي إن الوحدات الإدارية المتضررة بأم درمان من نبع المياه بلغت (5) متمثلة في المهندسين وودنوباوي ووحدة سوق أم درمان، لافتاً إلى أن المنازل المتضررة بلغت (30) منزلاً والمتأثر جزئياً (60) منزلاً.
وبدأت ظاهرة تسريبات المياه الجوفية في الثمانينيات بشارع الزعيم الأزهري، إلا أنها سرعان ما تفاقمت وخرجت من نطاق شارع الزعيم الأزهري ووصلت إلى الأحياء.
وفي الاجتماع الذي عقدته محلية أم درمان لمناقشة الحلول بحضور ممثلي الأحياء واللجان الفنية، انتقد والي النيل الأزرق السابق ـ عضو مجلس الولايات اللواء “الهادي بشري” بطء إجراءات حكومة ولاية الخرطوم، لمعالجة تسرب المياه غير السطحية بالمنازل بحي بيت المال.
وقال “بشري” في اجتماع حول المشكلة بمحلية أم درمان أمس “اشعر بالحزن والألم الشديد بسبب ما اسماه الإهمال المفضي إلى ضعضعة الثقة في الدولة وحكومة ولاية الخرطوم. وعلق “الهادي بشري” على معالجات طرحها وزير البنى التحتية بالولاية لمشكلة تسرب المياه السطحية قائلاً: “هذا الكلام سمعناه قبل سبعة أشهر للتخفيف عن الناس، لكن لم يحدث أي شيء والآن تناقشون المشكلة من الصفر.
وقال إن مواطني أم درمان لا يشكون حالهم لمسؤول (يضعون الكوع فوق الجوع) ويظلون ينظرون إلى المسؤول كده لغاية يفوت.
وأضاف “لا تضحكوا على الناس بينما كل يوم ينهار بيت وترحل أسرة وهنالك جهات تدفع مبالغ ضخمة لشراء هذه البيوت.
وأكد اللواء “الهادي بشري” أن منزل لاعب الموردة الأسبق “عبد الرحمن شاخور” آيل للسقوط والتنظير والكلام في الغرف الباردة والكراسي الوثيرة لا يؤدي إلى فائدة
وبينما تستمر معاناة مواطني الأحياء المتضررة بأم درمان تختلف الروايات والدراسات حول تشخيص الظاهرة حيث أكدت بعض الدراسات أن سبب طفح المياه الجوفية بسبب زلازل وقع في الثمانينيات أدى إلى انشطار الأرض قبالة بيت المال مما أدى إلى تسرب المياه من النيل إلى الأحياء، وتقول آراء أخرى إن هذه المياه قادمة من شمال كردفان ومع اقترابها إلى النيل مع كثرتها تطفح على سطح الأرض ورأي آخر يعتقده معظم مواطني الأحياء المتضررة بأن هذه المياه هي مسربة من شبكة المياه القديمة بجانب المصاصات التي يستخدمها المواطنون للصرف الصحي.