رأي

مسامرات

نتائج منطقية
محمد إبراهيم الحاج

* إذا أغلقت القنوات الفضائية أبوابها أمام شعراء موهوبين لكنهم لا يروقون للمنتجين أو مديري البرامج.. ومُنح التمثيل الخارجي لمن يتماهون أيديولوجياً مع المؤسسات المعنية، فإن النتيجة المنطقية هي أن تكون “روضة الحاج” و”ابتهال مصطفى” و”مناهل فتحي” و”آمنة نوري” هن الأصوات الشعرية التي تشارك خارجياً بصورة مستمرة، وتُهمل أصوات شعرية حقيقية تناقش واقعنا الاجتماعي والسياسي بجرأة، وتُعمِل مبضع الجراح في قضايا الحروب والأزمات الإنسانية، وتنقل صوراً واقعية عن المشردين والعدالة الاجتماعية.. لكن الكثيرين لا يريدون سوى أن تتحدث الشاعرات اللائي تم تضمين بعضهن في مصنف (مائة شاعرة من الوطن العربي) عن الحب وقضايا العرب بلغتهم ومزاجهم.
{ لا اعتراض لي على شاعرية من سبقن ولا تمتعهن بالموهبة الكافية.. لكن كنت أتمنى من بعضهن أن يكسبن تجاربهن مزيداً من الواقعية السودانية.. وأن تقرأ “روضة الحاج” شعراً في أبو ظبي عن المرأة السودانية العاملة وما تعانيه في البيت والشارع والعمل.. وأن تتحدث عن المشردين الذين يسدون طرقات الخرطوم، وعن كوارث الموت المجاني في كل البلاد بالسل والإسهال المائي والحوادث المروية.. أن تتحدث لنا عن (الثوب السوداني) بدلاً عن (النصيف العربي).
{ إذا (شغرت) مؤسسات التربية الأسرية والجامعات من (مصدات) قوية لجيل الشباب تمنحهم قوة الدفع في صناعة مستقبلهم وتبصرهم بطرق الخير والسوء، تصبح نتيجة منطقية أن نجد آلاف الشباب هائمين على وجوههم حتى ساعات الفجر الأولى في طرقات الخرطوم (البائسة) يهلكون الليل سهراً ولعباً ومغازلة للفتيات، ويقضون صباحهم في النوم تحت المبردات التي لا تكاد يخلو منها بيت الآن.
{ المؤسسات التي تعنى بتربية الشباب في المجتمع السوداني لم تعد كذي قبل.. فرغت المدارس الحكومية من هيبة الأستاذ وأصبح (التلميذ) بما يدفعه من (مال) لصاحب المدرسة الخاصة بمثابة (آمر وناهٍ).. وتتمطى البيوت من الفقر ما يجعل رب البيت مكسوراً غير قادر على محاسبة أبنائه لأنه لا يستطيع أن يصرف عليهم، لأن الزمن والفقر جعلاه مثل (سقط المتاع).. ولهذا لا نستغرب إن صار المجتمع السوداني يعاني من صفعات (السلوكيات الخارجة) التي أصبحت على قارعة الطريق، ومن تمدد أوجاع الأسر وكثرة المشاكل وتعدد حالات الطلاق.. ليتنا نعود خمسين عاماً إلى الوراء تربية وسلوكاً وثقافة وأدباً.
{ إذا لم يتعامل عدد من المطربين الذين صعدت بهم ظروف محددة إلى واجهة النجومية ولم يدركوا اشتراطات بقائهم، فإنهم سيعودون إلى (الظل) الذي أتوا منه.. ولعل الذاكرة تحفظ كثيرين خدمتهم الصدف، لكنهم لم يخدموا أنفسهم مثل “نايل” و”خالد حسن” و”أمجد شاكر” الذين شاركوا في برامج مسابقات عربية.. شغلوا الناس كثيراً لكنهم لم يكونوا يملكون ما يقدمونه.. لذا فالنتيجة المنطقية أنهم عادوا إلى ذات المكان الذي أتوا منه.
} مسامرة أخيرة
{ سانحة ربما تبدو أخيرة للمطرب الشاب “أحمد الصادق” في أن يجمع ما تبعثر من نجوميته المفقودة وإرجاع جمهوره الذي توزع بين شقيقه “حسين الصادق” وبعض المطربين الآخرين.. هذه السانحة في حفله الذي أعلن عنه مؤخراً بنادي الضباط بالخرطوم.. “أحمد” يملك الموهبة لكن هل يملك قوة الشكيمة للعودة من بعيد..؟ لننتظر ونرى..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية