بعد ومسافة
عندما تكشف “تراجي” ويتورط (البرلمان) !
مصطفى أبوالعزائم
سعدنا عندما جاءت السيدة “تراجي مصطفى” لتشارك في أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وأن تقف على حقيقة ما يجري في ساحة العمل السياسي، على أمل أن تكون أقرب للواقع عندما تفتح نيرانها على الحكومة أو على المعارضة في أي اتجاه، لأنه ليس من رأى كمن سمع.. وظننا – وليس كل الظن إثم – أن تلك المشاركة ستوقف الاندفاع غير الموضوعي في لغة الخطاب والمخاطبة لدى السيدة “تراجي مصطفى”، خاصة وأنها حال وصولها إلى عاصمة بلادها وجدت أن كل الأبواب مشرعة ومفتوحة أمامها بدءاً من بوابة صالة كبار الزوار مروراً ببوابات قاعات مؤتمر الحوار الوطني ولجانه المختلفة، وكل الولايات التي رأت أن تقف على أحوال أهلها، انتهاء ببوابات القصر الرئاسي التي قادتها إلى حيث مكتب السيد رئيس الجمهورية الذي استقبلها مواطنة سودانية ترفع شعارات الإصلاح والتغيير، وتدعو لأن يفتح السودان أبوابه أمام كل دول العالم، بما في ذلك إسرائيل التي سبق أن زارتها السيدة “تراجي”، بل ودافعت عن زيارتها لإسرائيل بحسبان أنها زيارة تهدف إلى الوقوف على أحوال السودانيين الذين يعيشون هناك وأكثرهم من أبناء دارفور.
(ما قلنا حاجة).. شاركت السيدة الفضلى “تراجي” في مؤتمر الحوار الوطني حتى خواتمه وكان لها دورها المشهود الذي لا ينكره أحد في مخرجات الحوار الوطني، وعندما تحدث الناس عن أهمية تكوين حكومة الوفاق الوطني وتمثيل القوى السياسية فيها، استعداداً لانتخابات 2020م، وتمت تغذية البرلمان- المجلس الوطني – بدماء جديدة، كان نصيب السيدة “تراجي” أحد مقاعد البرلمان أسوة بآخرين من أمثال الأستاذ “الطيّب مصطفى عبد الرحمن”، والأستاذ “كمال عمر المحامي” وغيرهما ممن يمثلون قوى وأحزاب سياسية فاعلة في ساحات العمل الوطني بالداخل، لكن (مقعد نائب برلماني) لم يُرضِ طموحات السيدة “تراجي” التي داعبتها فيما يبدو أحلام الإستوزار، والحلم بالقطع هو حق للجميع لكن الواقع تحكمه ضوابط ومواصفات وموازنات، لذلك فتحت السيدة “تراجي” أبواب صالات المغادرة كلها وآثرت البعد عن المسرح السياسي كله!.
(برضو ما قلنا حاجة)، عادت السيدة “تراجي” إلى مهجرها الاختياري ورأت أن تعبئ مدافعها الثقيلة بقاذفات من النوع الثقيل وأن ترمي بها في كل الاتجاهات، ولا أحسب أن جهة ما قد سلمت من تلك النيران إلا من رحم ربي!.
من ضمن الذين تأذوا من نيران السيدة “تراجي” ومن هجومها العنيف، كان السيد وزير السياحة والآثار “محمد أبو زيد مصطفى” الذي اتهمته في أمانته وصدقه ونزاهته ودينه، عندما روجت من خلال (منشور صوتي) واسع الانتشار عبر الوسائط الإلكترونية، أنه باع آثاراً سودانية بمساعدة مدير مكتبه إلى تجار آثار في الخارج بمبلغ ثمانمائة ألف دولار، وعاد إلى أرض الوطن وهو يحمل خمسمائة ألف دولار، بينما مدير مكتبه يحمل ثلاثمائة ألف دولار – كل في حقيبته – دون أدنى مساءلة من الأجهزة الأمنية المناط بها حماية بوابات من مثل هذه التجاوزات والجرائم.
(المنشور الصوتي) للسيدة “تراجي” وجد الرواج المتوقع في مثل هذه الحالات، وخضع لاستغلال من كل صاحب مصلحة عامة أو خاصة، وسقط البرلمان في الفخ من خلال لجنة السياحة، ونائب رئيسها الدكتور “عثمان أبو المجد”، فقال في تصريحات صحفية من داخل البرلمان، إن عضو المجلس الوطني “تراجي مصطفى” (كشفت) عن بيع وزير السياحة آثاراً سودانية ودخوله البلاد وهو يحمل خمسمائة ألف دولار، بينما حمل مدير مكتبه ثلاثمائة ألف دولار دون أن يسائلهم الأمن على ذلك. وأضاف الدكتور “أبو المجد” أن اللجنة ستخاطب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني حول عدم مساءلة الأمن الاقتصادي للوزير ومدير مكتبه (انتهى).
نحن لم ننتهِ بعد.. ونتساءل كيف لا يضبط نائب رئيس لجنة السياحة مفرداته، ويقول إن النائبة البرلمانية “تراجي مصطفى” (كشفت) وهو ما يجعلنا نتساءل إن كانت السيدة “تراجي” مؤسسة أمنية أو صحفية أو تحمل أي صفة تخولها الحصول على المعلومات وتمنحها الحق في نشر ما حصلت عليه من معلومات دون تحويل أو تأويل، وكان من الأجدى والأصح والأدق أن يقول: (زعمت) أو (اتهمت) ولا يقول كشفت، لأن الكشف عن الفعل فيه تأكيد على حدوثه.. ثم إن الاتهام هنا يطال جهاز الأمن والمخابرات الذي يبدو كأنه غض الطرف عن دخول عملات أجنبية بهذا الحجم كأنما هو متواطئ في الأمر، وقول الدكتور “عثمان أبو المجد” بأن اللجنة ستخاطب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني حول عدم مساءلة الأمن الاقتصادي للوزير ومدير مكتبه فإنه – أي القول – يكشف عن جهل السيد رئيس اللجنة والذي يحمل درجة علمية رفيعة، ويطلب من الصحفيين ضرورة أن يكون حرف (الدال) سابقاً لاسمه، نقول إن ذلك القول يكشف عن جهل رئيس اللجنة بالدستور ولائحة البرلمان – معاً – إذ أنهما يقران مساءلة مدير جهاز الأمن والمخابرات في جلسة سرية عبر لجنة خاصة يتم تكوينها من قبل رئيس البرلمان.
بالله عليكم أتركوا هذا العبث وانتبهوا لقضايا الوطن الكبرى، ومن كان له دليل على تورط الوزير أو أي مسؤول فأبواب المحاكم مفتوحة!