الحاسة السادسة
باستثناء الوعي!!
رشان أوشي
عندما قدم الزعيم الراحل “عبد الخالق محجوب” للمحاكمة إبان أحداث يوليو 1971م، سأله القاضي: (ماذا قدمتم للشعب السوداني؟)، أجاب الزعيم” :الوعي ما استطعنا”، بعدها كانت المقصلة تعمل على جسده، بينما ظلت نضالاته خالدة حتى يومنا هذا، كما لم يتاجر “عبد الخالق “بنضالاته، ولم يرغ ويزبد بما قدم للشعب السوداني منذ الاستقلال، ولم تكن تعنيه المكتسبات السياسية، إنما فقط الوعي ما استطاع.
أعلن القيادي الأنصاري المعروف (عبد الجليل الباشا) عزمه على تكوين حزب سياسي جديد بعد مغادرته كتلة (مبارك الفاضل) لخلافات بينهما، وبهذا تكون أحزاب الأمة قد شارفت على أكثر من (10) أحزاب بالتمام والكمال، إن أردنا أن نكون منصفين علينا أن نتساءل ماذا قدمت تلك الأحزاب للإنسان السوداني منذ عقود، في إطار الوعي والتغيير الاجتماعي، بدون تفكير عميق سنجد الإجابة ماثلة أمامنا، (لا شئ) سوى تفريغ خلافات بيت المهدي، وتشظي جماهير الحزب بين أحفاد الإمام، مجموعة خرجت مع أبناء “الإمام الهادي” الذين تنكر لهم” الصادق المهدي”، ومجموعة التفت حول “مبارك الفاضل” الذي سئم من محاولات “الصادق” المتكررة في إبعاده عن دائرة الضوء وخيوط الحزب المتشابكة في بيته الصغير، وآخرون قرروا أن يصنعوا مجداً بعيداً عن البيوت المهدية (“مسار” و”نهار”).
ظلت أحزاب الأمة منذ أول انقسام تدور في حلقة مفرغة، أبعدتها تماماً عن دوائر الفعل السياسي المؤثر، وجعلت منها مسوخاً تقتات من تاريخ فقط، من توالوا منها مع الإنقاذ انزووا خلف مناصب ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع، فخرجوا من المسرح إلى الكواليس تزين بينهم الإنقاذ جيد مشاركتها المدعاة، وتبقى حزب الأمة القومي يتأرجح بين المعارضة وتقديم روشتات للنظام الحاكم، خسر المعارضة ولم يكسب النظام.