رأي

بعد ومسافة

كيف يستفيد الحجاج من الأوقاف السودانية بالأراضي المقدسة؟
مصطفى أبوالعزائم
خلال لقاء السيد رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” ببعثة الحج السودانية في الأراضي المقدسة خلال أداء الفريضة، وجه سيادته وزير الإرشاد والأوقاف ومسؤولي الحج والعمرة بضرورة تفعيل الأوقاف السودانية في الأراضي المقدسة لصالح الحجاج السودانيين، وهو توجيه سيكون له ما بعده خاصة إذا علمنا أن للسودان أوقافاً عديدة في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، لكن المشكلة التي ظلت تقف دائماً للحيلولة من الاستفادة منها كانت كثرة الوكلاء عليها، وهي في جملتها حسب ما توفر لنا من معلومات ستة عقارات وأراضي ما بين جدة ومكة المكرمة، وأن هذه الأوقاف تتم إدارتها طبقاً لقواعد العدالة وأنظمة الحكومة السعودية، ويذهب ريع تلك العقارات إلى المعتمرين السودانيين والبعثة الإدارية والمرشدين، وقد بلغت إيرادات تلك الأوقاف قبل ست سنوات – حسب إفادات للمراجع العام – تسعمائة وتسعة آلاف ريال سعودي، منها ثمانمائة ألف ريال عبارة عن إيجار القنصلية السودانية بجدة، تم صرف مبلغ (633.467) ريالاً ليذهب الباقي من جملة الإيرادات أجوراً ومرتبات ونثريات، وكانت هناك مخالفات خطيرة لا زالت مضمنة في تقارير المراجع العام، وعلى صفحات الصحف وفي مضابط المحاكم في قضية الأوقاف الشهيرة التي أثيرت بسبب عقد موقع بين وزير الإرشاد والأوقاف الأسبق والأمين العام الأسبق للأوقاف.
حديث السيد الرئيس وتوجيهاته أعادتني إلى الاطلاع على أحد أهم الكتب الصادرة بشأن الضوابط الشرعية للوقف، وهو كتاب العالم والخبير المختص في كثير من الشؤون الشرعية الدكتور “موسى عبد الرؤوف حامد التكينة”، وقد حمل ذلك السفر العظيم اسم (الضوابط الشرعية في الاستثمارات الوقفية) وهو دراستي حالة للسودان ولدولة الإمارات العربية المتحدة التي حظيّ المؤلف بعضوية مجلس الإدارة فيها بأحد المراكز المتخصصة، ويتضمن الكتاب عرضاً للمراحل التي مرت بها الأوقاف في السودان منذ أن أصبح مسجد دنقلا العجوز أول وقف إسلامي بتشييده وإقامة الشعائر عليه بعد انتصار المسلمين على النوبة بقيادة “عبد الله بن أبي السرح”.
ومع كل ذلك فإن الكتاب القيم يتضمن التجربة السودانية في تنمية الأوقاف من خلال تطبيقات الاستثمارات الوقفية مع الوقوف عند معوقات الاستثمار والرؤية المستقبلية والتخطيط الإستراتيجي للاستثمارات الوقفية بالسودان.. مع الاستناد على أوقاف الحكام في عهود الممالك والسلطنات السودانية القديمة مثل السلطنة الزرقاء وسلطنة دارفور والتي امتدت إلى خارج حدود السودان.. حيث وقف أولئك الملوك والسلاطين الأبنية والبساتين والنخيل على الحرمين الشريفين ومن يؤمهما من طلاب العلم السودانيين، ومن تلك الأوقاف ما بقي منها حتى يومنا هذا معروفاً باسم الأوقاف السنارية.
الكاتب والعالم والباحث الدكتور “موسى التكينة” يرى أن تجربة الأوقاف السودانية جيدة لكنها تحتاج لكثير من المراجعة في إستراتيجيتها المطروحة خاصة بعد صدور قانون جديد عام 2008 حول هيئة الأوقاف إلى (ديوان الأوقاف القومية الإسلامية).. لذلك نرى أن الضرورة تستوجب أن تستعين وزارة الإرشاد والأوقاف بعلماء من خارج الدائرة الحكومية للنظر في أمر تطبيق التوجيهات الرئاسية الخاصة بتعميم فائدة الأوقاف السودانية بالأراضي المقدسة لتشمل الحجاج السودانيين وتخفف عن معاناتهم خاصة في جوانب السكن والاستقرار أو حتى الاستفادة من عائدات تلك الأوقاف فائدة لا تنحصر على الحوافز والنثريات والبعثة الإدارية، وليت الوزارة نظمت ورشة عمل للنظر في كيفية الاستفادة من هذه الأوقاف..
.. و.. كل عام وأنتم بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية