مبادرة الفنان أبو اللمين
التجانى حاج موسى
الفنان الكبير الموسيقار “محمد الأمين” مهموم منذ سنوات ويبحث عن طريقة يحرض بها قبيلة الإبداع شعراء وملحنين ومغنين لينتجوا أغنيات وطنية جديدة للوطن، وقناعته أن مثل هذا الغناء يؤدي وظيفة إيجابية تخدم الوطن والمواطن في رتق نسيجه الاجتماعي وفي رأب صدعه السياسي والاعتداد بالمواطنة وبالطبع هذه قناعة أهل الثقافة والإبداع في كون الثقافة هي خلاص الوطن من كل علله، والثقافة هي التي تقود قاطرة الحياة وهي المؤثر الإيجابي.. دائماً يستشهد ويقول (لمن تدق الدلوكة وتعزف الموسيقى الكل يستمع أو يبشر أو يرقص) تذوب الجهوية وفي الحفلة تنزوي القبيلة فالكل في ساحة الإبداع سوداني.. وحتى حينما يغني المغني الجاي من دارفور ذي أخونا “عمر إحساس” يغني (زولي هو!! زولي الأخدر!! كان شفتو بخدر) ترقص معاهو وتطرب لي غناهو.. برغم التنوع في السحنات وفي اللهجات وفي الإيقاعات …الخ.. تترسم اللوحة الإبداعية صورة زاهية جميلة متعددة الألوان.. بيقولوا (البرواز سوداني والصورة رائعة مرسومة بألوان متعددة)، والفنان “محمد الأمين” يحمد للذين تغنوا للوطن بأغنيات خالدة لا زال أهل السودان يرددونها طرباً ويدركون معاني الوطنية المضمنة في نصوصها الشعرية لكنه مقتنع أيضاً بأن ما تغنينا به قليل ومتواضع قياساً بالكم الهائل المنتج من أغنيات العاطفة والحُب.. فالرجل يحمل هماً أراد أن يحمله كل مبدع سوداني.. موسيقي، شاعر، مغني، ملحن.. وأخذ يبشر ويحرض وكم من مرة اجتمع بنا بدار الفنانين ليشرح لنا مبادرته وهو الفنان الذي تغنى لثورة أكتوبر رائعة الشاعر “هاشم صديق” والتي نظمها وهو صبي يافع وزاد عليها عدداً من الأكتوبريات التي نظمها صديقه أستاذنا “فضل الله محمد”.. وتمضي الشهور ومبادرة “ود الأمين” لم تخطُ خطوة للأمام إذ إن إقامة مهرجان للأغنية الوطنية يحتاج إلى معينات مادية للصرف على البروفات واللجان المختصة بالمهرجان إلى أن التقى “أبو اللمين” بالأخ الكريم نائب رئيس الجمهورية “حسبو” والكلام جاب الكلام فتحمس السيد نائب الرئيس والرجل ما شاء الله عليه ديناميكي لا يتأخر ويدعم أي مبادرة تشد مصلحة البلاد والعباد ودونكم رحلاته العديدة لدارفور الكبرى لجمع السلاح ووقف الحرب.. وجه الأخ النائب الأخ وزير الثقافة الاتحادي “الطيب حسن بدوي” ليصدر قراراً بتكوين لجنة قومية رئيسها الفنان “محمد الأمين” لتشرع فوراً للإعداد لمهرجان الأغنية الوطنية والتي تشرفت بعضويتها وشرعنا بالفعل لنجد التصور للمهرجان توطئة لإنقاذه لرفد ساحة الغناء بغناء وطني يمجد الوطن ويعتز به ويحرض أهله على الحفاظ عليه ويدعوهم إلى العمل والسلام ويحرضهم على وحدة الصف ونبذ الفرقة والخلاف.
وهنالك أكثر من دليل بجدوى إنفاذ إستراتيجية تعنى بالثقافة والأمثلة عديدة ودونكم مهرجانات الثقافة الثلاثة التي أقيمت إبان فترة الحكم المايوي وما أحدثته تلك المهرجانات كانت قومية حركت كل المبدعين كباراً وصغاراً ليتباروا في كافة صفوف الإبداع شعراً وغناءً وموسيقى وفنوناً شعبية وفناً تشكيليا إلخ.. من ضروب الإبداع.. أسماء كثيرة من رموز الإبداع لمعت نجومها ونحمد لبروفيسور الصديق “إسماعيل الحاج موسى” توليه دفة إدارة المهرجان باعتباره الدولة للمهرجان والذي نقلت فعالياته الإعلامية الجزائرية “حنان البشراوي” والتي كانت تعمل بقناة الـ (mbc) وقد غير ذلك المهرجان نظرة العالم السالبة لحكومة الإنقاذ الشيء الذي دحض مقولة إن السودان يرعى الإرهاب ولا يعترف بالفنون، وهنالك النشاط الثقافي للملحقيات والسفارات التي لها تمثيل دبلوماسي بالسودان كانت تشارك بفعاليات ثقافية تحت مُسمى مهرجان الموسيقى العالمي.. ثم جاءت وزارة الثقافة بوزيرها مولانا الأستاذ “السموأل خلف الله” أول وزير للثقافة وفرحت قبيلة الثقافة فرحاً شديداً وتفاءل المبدعون خيراً لأن الدولة أخيراً انتهجت وأنشأت الوزارة الاتحادية لكن واقعا لحال وشح مال الخزانة العامة نسبة للكساد الاقتصادي بسبب وضع السودان في قائمة الدول المحاصرة اقتصادياً وبسبب تكلفة فاتورة الحرب جعلت الوزارة مكبلة ومقيدة لم تنطلق لرحاب الفعل الثقافي الإستراتيجي.. لكن يبقى الأمل في انصلاح الحال وتبقى مبادرة “أبو اللمين” إحدى الفعاليات التي تؤكد قيمة العمل الإبداعي.