بعد… ومسافة
خروف الغضب!
مصطفى أبو العزائم
وذلك على عنوان واحد من أشهر كتب الصحفي المصري العربي الأشهر الأستاذ “محمد حسنين هيكل” الموسوم بـ(خريف الغضب) والذي تناول فيه بجرأة كبيرة سيرة ومسيرة الرئيس المصري الراحل “محمد أنور السادات” إلى أن تمت تصفيته على يد مجموعة من المتطرفين بقيادة “خالد الإسلامبولي”
تلك مقدِّمة لازمة، لكنها غير ضرورية لموضوعنا هذا الذي يرتبط بالأضحية وأسعارها في (شوارع ) الخرطوم التي أضحت سوقاً مفتوحاً لعرض الأضاحي و(القش) بمختلف أنواعه، وهي أسواق بات الناس يخشون الاقتراب منها بسبب غلو أصحاب المواشي ومبالغتهم في وضع أسعار تفوق طاقة وقدرة وإمكانيات الكثير من الناس الذين هم من ذوي الدخل المحدود و(الحيل) المهدود، حيث يبلغ سعر الأضحية المتوسطة حوالي الألفين وخمسمائة جنيه ويزيد!.
اتحاد عمال السودان بادر بعمل طيب، وهو تقديم الأضحية بأسعار مجزية.. بالتقسيط بحيث طرح كميات كبيرة لمنسوبيه بسعر ألفين ومائة وخمسة وأربعين جنيهاً، على عشرة أشهر كاملة، وهذا عمل يحمد لهذا الاتحاد الذي يرى معاناة عضويته ولا يستطيع أن يكبح جماح الأسعار المتصاعدة، حيث طال الغلاء كل شيء.. نعم كل شيء.
والي الخرطوم الفريق أو ركن مهندس طيار “عبد الرحيم محمد حسين” ونائبه وأعضاء حكومة الولاية، كان لهم دور مقدَّر في محاولة مساعدة مواطني الولاية، وذلك بأن خصصوا أربعة عشر موقعاً، في أنحاء الولاية المختلفة لبيع الخراف بالوزن، حيث لا يتجاوز الكيلو الأربعة وخمسين جنيهاً.. ولا زال الناس في الانتظار.. وهنا بالطبع يكون البيع لغير العاملين في المرافق والوزارات والمؤسسات الحكومية الذين يستفيدون من مبادرة اتحاد عمال ولاية الخرطوم، ونحن جميعنا ننتظر ونترقب تنفيذ هذه الفكرة التي إن نجحت نأمل أن يتم الاستفادة منها في بقية كل ما ينتفع به من سلع استهلاكية.
أذكر أنني في بدايات عملي الصحفي أواخر سبعينيات القرن الماضي في صحيفة الأيام (الغراء)، وكنت معبأ بروح الشباب والحماسة الزائدة، أذكر أنني تبنيت وزميلي الأستاذ “نجيب نور الدين” حملة صحفية دعونا فيها المواطنين إلى مقاطعة الأضحية عامذاك 1979م، وحاولنا أن ندعم دعوتنا تلك بما يعضدها، خاصة إن لم يكن باستطاعة المرء أن يضحِّي، أو إذا قام ولي الأمر بذبح أضحية نيابة عن رعاياه، أو العمل بمبدأ الشراكة في الأضحية، وما كنا ندري أي باب من نار قد فتحنا على أنفسنا، وكان أثر الصحف اليومية كبيراً وتأثيرها خطيراً، وانتشارها واسعاً، وكانت ردة الفعل الشعبية عاصفة وعارمة وصادمة بالنسبة لنا، واتهمنا البعض بالترويج للأفكار الشيوعية، خاصة وأن صحيفة (الأيام) كانت تحسب – شعبياً – على اليسار – وهي ليست كذلك، ولكن كان ذلك هو الانطباع السائد.. فسكتنا ولم نعاود الكَرَّة والدعوة مرة أخرى، ولا أحسب أن أحداً سيجرؤ على المناداة بذلك، لأن (خروف الضحية) أصبح عادة اجتماعية – للأسف الشديد – لدى الكثيرين، ومظهر من مظاهر التفاخر أو إرضاء أهل البيت والأطفال رغم ما يمكن أن يحدثه من شروخ في بناء وهياكل ميزانيات ذوي الدخل المحدود.. لأن غياب الأضحية من البيت أزمة كبيرة داخل الأسرة، أزمة لن تكون صامتة بأي حالٍ من الأحوال رغم هذه الظروف التي نعيشها جميعنا والتي جعلت الكثير من الضرورات.. محظورات بسبب الغلاء.. نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والغلاء وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.