حوارات

مع الدكتور "أمين حسن عمر" حول الحركة الإسلامية(1/2):

الحوار مع الدكتور “أمين حسن عمر” ممتع عادة باعتباره من قلائل الإسلاميين الذين يقولون الكلام دون الاكتراث بما سيجلبه عليهم من ردود أفعال، كما أنه لايضع كبير اهتمام بالمنصب الدستوري الذي يتقلده، وهو حالياً وزير برئاسة الجمهورية. ويقول ما يؤمن به ويراه صحيحاً, ولكن في هذا الحوار استنكر عليّ العديد من الأسئلة التي سألته له عندما بدأ يجيب عليها بأسئلة أخرى.. خصصنا هذا الجزء الأول من الحوار للحركة الإسلامية ومؤتمرها العام المثير للجدل، والذي تزمع عقده في نوفمبر المقبل. 
 
{ بداية دكتور “أمين” نريد أن نعرف ما هي الحركة الإسلامية؟
رد مستغرباً, هذا مثل أن أسألك وأقول لك (من أنت؟) كيف تأتي الإجابة،
السؤال فرضته وضعية الحركة الإسلامية حالياً، فهي ليست جماعة دعوية أو اجتماعية أو اقتصادية, لدرجة أن بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” قال إنه لاتوجد جهة في السودان تستطيع أن تسجل الحركة الإسلامية.
– يا أخي.. الحركة الإسلامية كائن جماعي موجود في الساحة هذه أبسط إجابة.. أما الإجابة الأخرى أنها هي جماعة أو تنظيم اجتماعي له أهداف ثقافية واجتماعية وسياسية. ومع تطاول الزمن تحول التنظيم وتطور ليصبح مجتمعاً.. يرتبون السلطة فيما بينهم.. وهم الآن تجاوزوا البيروقراطية, وتطورت أهدافهم.
{ لكن قيادات الحركة الإسلامية يقولون إنهم أيضاً يشتغلون في السياسية، وأن حزب المؤتمر الوطني يمثل الواجهة السياسية، ومع ذلك يرفضون تسجيل الحركة لدى الجهات المنظمة للجماعات؟
– وأنت لماذا لم تسأل لماذا لم تسجل الطريقة القادرية عند المسجل أو الطريقة التجانية أو حتى الختمية التي تتخذ من الحزب الاتحادي الديمقراطي واجهة سياسية له.. كما أن التجانية انضموا لجبهة الميثاق الإسلامي ولم يكونوا مسجلين, وكذا الحال بالنسبة لجماعة أنصار السنة المحمدية.
{ ولكن بالنسبة للقادرية وبقية الطرق الصوفية لا تشتغل بالسياسة، وليس لها نشاط سياسي معروف مثل إقامة الندوات السياسية، والعمل في حزب يقود الدولة مثل المؤتمر الوطني؟!!
– نحن في الحركة الإسلامية قررنا أن نكون المؤتمر الوطني.. والأمر الجديد، فنحن قوى حديثة وجماعة متطورة لها أثر في المجتمع، وهذا ما لا يستطيع الكثير معرفته وتصوره. وأنا لست ضد فكرة التسجيل.. ويمكن أن تسجل بغلبة النشاط الاجتماعي.. وإذا كان هنالك جهة تسجل الجهات ذات الأنشطة الثقافية والاجتماعية، فما المانع من ذلك؟!, ولكن في رأيي أن هذا لا يفيد. ولكن في رأي أن الحركة الإسلامية أكبر تيار وأكبر تنظيم على مستوى البلاد.
{ ولكن ألا تعتقد أنكم برفض التسجيل وكأنكم تستعرضون القوة وتعملون ضد اللوائح المنظمة لعمل الجمعيات والتنظيمات التي يتطلب عملها التسجيل، خاصة وأنكم تقومون بأنشطة سياسية وتقدمون الدعوات لشخصيات من خارج البلاد؟
– نحن نستأذن من الجهات المختصة, وليس شرطاً أن نقوم بالتسجيل. وأود أن أقول لك إن لدينا كثيراً من الواجهات التي سجلت نفسها، وتعمل في أنشطة متعددة مثل هيئة الأعمال الفكرية، ومؤسسة أروقة، وغيرها من الجهات.
{ هنالك عدد من القيادات في الحركة الإسلامية ومنها “أمين بناني” تنتقد عمل الحركة وتقول إنها تعمل في سرية وتديرها (شلة صغيرة)؟!
– ليس هذا صحيحاً، والأصل أن التنظيم سري. وكل الأحزاب تدير أنشطتها بسرية.. والتنظيم بطبيعته غير معلن وليس سرياً، لكن أنشطته علنية ومعروفة.. وأنا متفق إلى درجة مع حساسية بعض قيادات الحركة الإسلامية من أن تثير المشاعر السلبية من بعض عناصر المؤتمر الوطني بابتعادهم عن الإعلام حتى لا تثار الحساسيات في القضايا الخلافية. ومع ذلك، فالجميع يعلم أننا لسنا تنظيماً سرياً، ويعرفون أن الأمين العام للحركة الإسلامية هو “علي عثمان محمد طه”، وكل شيء في العلن.
{ إذاً, إذا لم تكونوا تعملون بسرية، فمتى تعقدون اجتماعاتكم وأين تعقدونها؟
– ولماذا لا تسأل عن أين ومتى يعقد اتحاد الكتاب السودانيين اجتماعاته، وهل تعرف متى تجتمع الأحزاب.. ولماذا الحركة الإسلامية تحديداً.. ولكني أقول لك إننا ليس لدينا مكان محدد لنجتمع فيه, والحركة الإسلامية منتشرة في كل مكان في السودان.
{ مثلاً إذا أردت أن انضم للحركة الإسلامية، فأين أذهب, فمثلاً الأحزاب والجمعيات لديها دور ومقرات معروفة؟!
– الحركة الإسلامية موجودة في أي حي في السودان, وإذا ذهبت إلى أي مسجد ستجد شخصاً في الحركة الإسلامية, وعموماً أي شخص إذا أراد أن ينضم للحركة الإسلامية، فإنه سيعرف إلى أين يتجه.
{ إذا كان الدخول إلى الحركة الإسلامية بهذه البساطة، فلماذا ترفضون عضوية الإسلاميين من حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور “الترابي”؟
– نحن لا نسلبهم من صفتهم كإسلاميين أو إسلاميين حركيين, ولكننا رفضنا أن ينضموا إلينا في التنظيم؛ لأننا وكغلبة قررنا أن ننضم للمؤتمر الوطني. وإذا أرادوا أن ينظموا تنظيماً لهم، فليفعلوا. والذي أعرفه أن الدكتور “الترابي” يرفض وجود تنظيم للحركة الإسلامية، وعندما اشتدت عليه الضغوط وافق على قيام تنظيم فوقي من مكتبه ومجلس شورى.
{ إذا افترضنا جدلاً أن الدكتور “حسن الترابي” قرر أن ينضم للحركة الإسلامية، هل ستقبلون به؟
– الدكتور الترابي وغيره مرحب بهم في الحركة الإسلامية بشرط أن يلتزموا بلوائح وشروط الحركة, ولا نمانع في الانضمام إلينا إذا وافقوا على شروطنا.
{ هل تم حسم الجدل حول منصب الأمين العام الذي يتقلده الآن النائب الأول لرئيس الجمهورية “علي عثمان محمد طه” بعدم التجديد له مرة أخرى؟
– نعم، هذا أمر محسوم، وبنص الدستور الذي لا يتيح للأمين العام أن يترشح لأكثر من دورتين. وحتى إذا أراد بعضهم أن يغير الدستور، فإن ذلك يكون قبل المؤتمر وليس أثناءه ولم تبدأ حتى الآن، ولم يتم البدء في إجراءات تعديل الدستور، ولا أعتقد أن هذا سيتم، وهذا يعني أن هذه الدورة سيتم اختيار أمين عام جديد لها.
{ هل فكرت في أن ترشح نفسك لمنصب الأمين العام؟
– أنا أصلاً لم أفكر في نفسي كقائد لحزب أو حركة إسلامية أو جمعية ثقافية. وأنا أحب أن أعمل في مجموعة عمل. وحتى إذا فرض عليّ في جهة ما فإنني سوف أعمل, ولكن فيما يتعلق بالحركة الإسلامية، فأنا أرى أنه ليس لدي القدرة على القيادة، ورحم الله أمراً عرف قدر نفسه. ولكنني سأصوت من أراه مناسباً لهذا المنصب، وحتى لو كان كل المرشحين دون مستوى المنصب، فسأصوت لأفضلهم.
{ ومن تعتقد أنه الأفضل خلفاً لـ”علي عثمان محمد طه”؟
– هذا أمر سابق لأوانه. وهذا الأمر يدخلنا في باب مجموعات الضغط, صحيح أن هنالك تشاورات بين مجموعات وأخرى, ولكن لا يجب أن تصل إلى مرحلة مجموعات الضغط  لفرض جهة معينة؛ لأن هذه ضد مبادئ الديمقراطية ومهدم لروح التوحد وسط الناس.
{ من أين تمولون الحركة الإسلامية؟
– الحركة الإسلامية يمولها المنتسبون إليها, سواء كانوا أفراداً أو رجال أعمال.. وهنالك استثمارات معروفة.. وحتى حزب المؤتمر الشعبي ذهب بجزء من هذه الاستثمارات.. وبالمناسبة هي ليست كثيرة.. وأنا أستغرب لماذا يشكك البعض في مصادر التمويل بالمؤتمر الشعبي, وهم يعلمون كيف تسير الأمور منذ الماضي, ونقول لهم لم يتغير شيء. وأقول لهم إذا كنتم تستحون من شيء متعلق بالتمويل الآن، فهو موجود في الماضي. وعموماً، فإن مسألة التمويل معروفة، ونحن نلزم الأعضاء بزيادة مساهماتهم عندما تكون هنالك أحداثاً كبيرة لمقابلة الاحتياجات المطلوبة.
{ لماذا لم تقدموا الدعوة لشخصيات إسلامية معروفة مثل “الصادق المهدي” وغيرهم للانضمام إلى الحركة الإسلامية؟
– نحن لا نحدث أنفسنا بالأوهام؛ لأننا نعرف أن “الصادق المهدي” لا يرى نفسه تابعاً ويرى نفسه متبوعاً! ويمكن أن ينضم إلينا إذا رأى نفسه تابعاً.
{ ألا تخشون من أن ينظر إليكم الغرب والولايات المتحدة بريبة عندما قدمتم الدعوة لبعض الإسلاميين في الخارج لحضور المؤتمر العام, وخاصة أن صفة الإرهاب تلتصق بكثير من الإسلاميين، وهذا مقرون بما حدث للمؤتمر العربي والشعبي الذي كان يقوده “الترابي” وأتى بكل الإسلاميين المعارضين إلى الخرطوم؟
– نحن اعتدنا على دعوة إسلاميين من خارج السودان كضيوف ولتبادل تجارب الإسلاميين. خفي العالم بعد أن أصبحت تعمل بشكل علني. والحركات الإسلامية في كل العالم العربي أصبحت تتجه للعمل العلني بعد أن تغيرت الأوضاع في الدول العربية والإسلامية.. وكانت تعمل في السر؛ لأنه كان ضد إرادتها.. وأنا أتساءل لماذا يقبل الناس الأممية للأحزاب المسيحية، ولا يقبلون ذلك بالأممية الإسلامية.
{ وكأنك تريد القول إن ظاهرة الربيع العربي أفادت الإسلاميين في توحيد أنفسهم وعملهم في العلن..
– نعم, الربيع العربي بلا شك جاء في مصلحة شعوب المنطقة عموماً والإسلاميين خصوصاً.
{ هل هنالك اتصالات موجودة لتوحيد الحركات الإسلامية في العالم العربي؟
– ليست هنالك اتصالات؛ لأن مثل هذا الحديث مجرد أمنيات لايمكن أن تتحقق, فالحكومات الإسلامية لم تتوحّد، فما بالك بمثل الحركات الإسلامية؟!.
{ أنتم في الحركة الإسلامية، هل لديكم الحق في توجيه حزب المؤتمر الوطني فيما يتعلق بالعمل الفكري وشؤون الدولة؟!
– نحن ننظر إلى المؤتمر كتنظيم خارجي. وإذا قلنا إننا سنملي قرارات على المؤتمر الوطني نكون غير عادلين. ولهذا، فإننا في الحركة الإسلامية ممنوع علينا مناقشة التحالفات السياسية وخطط المؤتمر الوطني, ومن سيكون رئيساً للجمهورية في المرحلة المقبلة؛ لأن هذا ليس من شأننا، وهو من شأن المؤتمر الوطني.
{ سأكون صريحاً معك دكتور “أمين” وأقول لك إن حكاية أنكم قيادات في الحركة الاسلامية وذات القيادات في المؤتمر الوطني، وتقول لي إننا لسنا معنيين بما يفعله المؤتمر الوطني، هذا أمر لا يقبله العقل. فـ”علي عثمان” مثلاً هو الأمين العام للمؤتمر للحركة الإسلامية، وفي ذات الوقت هو نائب رئيس المؤتمر الوطني, وأنت قيادي هنا وهناك.. وكثير من القيادات يؤدون نفس الدور، ألا ترى أن هذا الأمر غريب؟
– لماذا لا تقول إن “الصادق المهدي” رئيساً لحزب الأمة وإماماً للأنصار والميرغني مرشداً للختمية ورئيساً للحزب الاتحادي. ولماذا تستكثر علينا هذا الأمر.. وليست هنالك غرابة في هذا.
{ أنا لا أتحدث عن هذه الأمثلة, أنا أتحدث عن الأمر من حيث المبدأ؟
– أنا لا أنفصم في الشخصية, فعندما أكون في الحركة الإسلامية أفكر بطريقة مختلفة عن تلك التي أفكر بها في المؤتمر الوطني. والفيصل بيننا الرأي العام داخل الحزب.
{ ولماذا نفس هذه القيادات هنا وهناك, لماذا لاتكون قيادات الحركة الاسلامية منفصلة عن قيادات المؤتمر الوطني؟
– هذا اختيار العضوية، ولسنا راغبين في ذلك, ولا نستطيع أن نعمل ضد رغبة القواعد. والآن نحن ننتخب (30) شخصاً و(15) شخصاً يتم تعيينهم من قبل المكتب القيادي.
{ ما الجدوى من وجود الحركة الاسلامية؟
– لتحقيق أهدافها طبعاً, ولأن الحزب لايستطيع أن يحقق هذه الأهداف؛ لأن طبيعة الحزب مختلفة، وهو قائم على المصالح، وخاصة أنه ليس حزباً أيدلوجياً, والحركة الإسلامية ذات فكرة إسلامية. ولذلك، فإن طبيعة الحزب لا تحقق جميع أهداف الحركة الإسلامية.
{ هل ستتم مناقشة قضايا الإصلاح داخل الوطني والمذكرات المرفوعة داخل المؤتمر العام للحركة الاسلامية؟
-نعم, كل الأمور الخلافية ستناقش، ولكنها ستناقش باعتبارها قضايا وليست مذكرات. وهنالك نقاش موجود الآن وأصوات عالية واشتطاط. وأنا سعيد بذلك بوجود مثل هذا الاختلاف, بل أنا قلق من كثرة التوافق، وليست الانشقاقات. وأنا أرى أن الوفاق المفرط خطر على الحركة الإسلامية أكثر من الانشقاقات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية