حديث الحاكم
تتالت مقالات من الكُتاب كبيرهم وصغيرهم تتناول شأن جمع السلاح وتداعيات الحدث من غضبة مضرية للشيخ “موسى هلال” زعيم عشيرة المحاميد، على أبناء عمومته الصامتين ترفعاً عن الانزلاق في حضيض التباغض والتنابز في الأسافير، مما يذهب بوقار الرجال ويفقدهم الاحترام بين الناس، وأكثر المقالات التي خطها الكُتاب والسياسيون، وأثارت جدلاً في أوساط المجموعات المعنية بنزع السلاح في غرب السودان، هي مقالتي حاكم كردفان السابق “عبد الرسول النور إسماعيل”، والمثقف العميق د.”الوليد مادبو”، الذي تخطفته مراكز البحوث العالمية في الخليج للاستفادة من قدراته وإمكانياته، وأصبح الرجل رقماً كبيراً في المركز الذي يديره الفلسطيني “عزمي بشارة” بدوحة العرب وكان د. “الوليد” هنا في السودان لا يأبه لما يكتبه أحد.. ولكن العالم الآخر اكتشف هذا الكنز ووضعه في المقام الذي يستحقه، مثله وعالم اللغة “محمد الأمين كاكوم” الذي تم فصله من تلفزيون السودان بحجة ضعف الكفاءة، فأصبح من بعد في قناة الجزيرة رقماً كبيراً.
مقال الأخ الكبير “عبد الرسول النور” بكل أسف أخطأ في بعض حواشي القضية التي تحدث عنها.. والرجل بمثابة أخي الكبير والذي بسببه نشأت عن بغض نظام مايو وكراهية رموزه وقادته من الصغر وحتى الآن، وذلك لأن عمتي “عائشة عبد الرحمن” (جقو) كانت تنهض في الصباح الباكر من فراشها لتعد الشاي واللقيمات وتذهب راجلة على قدميها لسجن الأبيض، حيث يقبع ابن أختها “عبد الرسول” في السجن وأنا صغير في سني يحدثني عمي “البشرى إبراهيم الزاكي” عن بطش مايو بأخي “عبد الرسول النور” وقتلها لـ”محمد نور سعد” فارس قبيلة المسبعات في كردفان.. لذلك يصعب علىَّ تقويم وتصويب من هو في مقام “عبد الرسول النور إسماعيل” إلا (مضطراً) مثل (اضطرار) “حسبو” على مواجهة الرافضين لجمع السلاح بغليظ القول.. وقال “عبد الرسول” إن “حسبو” هو أول نائب لرئيس الجمهورية من غرب السودان.. والحقيقة في عهد الإنفاذ الحالي (مّر) على منصب نائب الرئيس د. “الحاج آدم يوسف” وهو من غرب السودان كما يعلم القاصي والداني ومن بادية البني هلبة في جنوب دارفور.. وفي سنوات مايو ارتقى لمنصب النائب الأول الفريق “عبد الماجد حامد خليل” وهو من شمال كردفان محلية أم روابة من رموز أهلنا الجوامعة.. وبعد الانتفاضة كان المشير “سوار الذهب” رئيساً للسودان وليس نائب رئيس، وهو من الأبيض عاصمة كردفان الكبرى.. الصحيح أن “حسبو” هو أكثر المسؤولين من أبناء غرب السودان همة ونشاطا وحيوية وثقة في نفسه وخدمة لغيره.. ولكنه ليس أول من يتولى منصب نائب رئيس من كل غرب السودان.
الخطأ لأخي “عبد الرسول” قوله إن (حسبو) تم انتخابه من قبل أهله في دائرة الفردوس والصحيح دائرة بحر العرب.. والخطأ الثالث (نقلي) من أفواه حضرت لقاء نائب الرئيس بقادة المسيرية في قاعة المجلس التشريعي الرجل لم (يتنبر) في أهله ولم (يهز) ضراعه فوق عشيرته من المسيرية، لكنه تحدث بصفته ابنهم الذي يستطيع أن يقول لهم ما لم يقله الآخر.. كان “حسبو” صريحا
مع أهله المسيرية وليس فظ القلب شديد القول كما ورد إليك أخي الكبير “عبد الرسول” وأشد ما أغضب الرجل هو فشل جهود الصلح بين أبناء بطون القبيلة الواحدة، وقد سهر الرجل مع الطرفين ساعات وساعات وتبددت الجهود هدراً بسبب نكوص بعضهم عن ما يتم الاتفاق عليه، وعندما قال (هوي أهلي المسيرية) فإن “حسبو” لم تتقمصه روح الشر ولا غرور السُلطة والزهو بها كما خيل للبعض إنما دفعه للقول الخشن أواصر القربى قبل سطوة وبطش السُلطة وبريقها، وحتى اليوم “السبت” آثر “حسبو” الصمت على ترهات “هلال” الذي ركب رأسه دون سبب وأنهال عن أبناء عمومته “حسبو” و”حميدتي” شتماً بلغة بذيئة لا تشبه وقار رجل القبيلة ولا فراسة الرزيقات، لأن الفارس لا يشتم الفارس الآخر ولكنها سكرة السُلطة ونشوة المال والاعتزاز بالرجال، وحينما أعجبت المسلمين قوتهم وبطش رجالهم نزلت عليهم هزيمة موقعة (حنين) للعبرة والدروس.
ونواصل..