ربع مقال
“معتز موسى”.. لا تكرموا هذا العامل
خالد حسن لقمان
“أحمد مارن مطر”.. عامل كهرباء يتبع لقسم الكوابل في قسم سك العُملة بالخرطوم .. هكذا أفادني هذا العامل الذي أدهشني وأفرحني وأبكاني .. عند الثالثة صباحاً من ليلة الجمعة الماضية، وأنا أكابد ليل الخرطوم بظنونه الماطرة ورياحه الغادرة و(بعوضته) الفاتكة الجبارة الهازمة لجبروتنا الإنساني بمثال المولى عز وجل وضعف ولاية الخرطوم وهوانها أمام غزواته وفتوحاته علينا.. في هذا المناخ وجدت هذا الرجل كما والشبح وسط الظلام وحيداً تماماً فقط أمامه بطارية تضئ الأرض تحته فيضربها بمعوله بهمة وإرادة.. اقتربت منه وقد ظننت لحظتها أنني أمام رجل مجنون أو مسطول.. ما هذا الشبح .. دراكولا؟.. هتفت به وبيني وبينه مسافة للحذر والترقب : السلام عليكم.. فرد علىَّ السلام دون أن يلتفت إلىَّ.. في شنو.. بتحفر شنو هنا؟.. (والله كهرباء يأخي .. ده كبيل معطل .. ) قلت له: لازم تحفر الآن في هذا الوقت؟.. (أيوة دي ورديتي ووزعوني هنا..).. لماذا أنت وحدك؟.. ( بقية الزملاء وزعوهم مواقع تانية..) كيف ستجد الكيبل؟.. (حددوهو بالجهاز..).. ومتى تنتهي؟.. (بعد حفر خمسة أمتار حول الكيبل ..) الله يعينك.
يأخي الكريم.. وعند صلاة الفجر وجدت الرجل في طريقي ينهي عمله ويستعد للحاق بالصلاة.. تركته بتحية وذهبت بعد أن فكرت في شئ أكرمه به ولكني عدلت عن ذلك.. فلن يزاحم أي شئ مني ما يحققه هذا الرجل من قيمة في نفسه.. قيمة العمل في ليل مدلهم ووحدة قاتلة وأجر زهيد لا قيمة له أمام شظف الحياة ومتطلبات عيد أقبل.. وليهنأ من يكرمون بأنواط الجدارة وشعارات الاقتدار وليفوز هذا العامل وزملاؤه برضى أنفسهم ورب العالمين.. وتحياتنا لك أخونا زماااااان معتز موسى..