بكل الوضوح
يا تستقيل.. يا تبقى ثقيل!!
عامر باشاب
{ صباح أول أمس (الاثنين) استفزني أحد الخطوط العريضة، خرجت به صحيفة “الأهرام اليوم” (بدرية سليمان تدرس الاستقالة من البرلمان).
{ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الوصول إلى قرار الاستقالة أو عدمه يحتاج إلى دراسة؟!
{ وبالنسبة لشاغلي المناصب العامة في السودان خاصة في زمان (العشوائية والتخبط) غالبيتهم وجودهم زي عدمه، لذلك لا داعي للمراوغة والتلويح، وببساطة الحكاية عندنا صارت (يا تستقيل يا تبقى ثقيل)!!
{ برلمانيو هذا الزمان بدل أن يقنعونا من خلال جلسات التداول تحت قبة البرلمان بأنهم (شايلين همّ المواطن) ويعملوا جاهدين لمناقشة قضياهم خاصة المعيشية والبحث عن سبل لمعالجتها نراهم (شايلين حال بعضهم البعض)، كل منهم يتحين الفرض لكي يكشف عورات الآخر.. حتى أن القبة التي هي في الأصل وجدت لصالح الشعب تحولت إلى حلبة للصراع السياسي والتشفي وتصفية الحسابات.
{ لذلك ولكثير غيره، أرى أن مغادرة “بدرية سليمان” لمقعدها بالبرلمان لن يؤثر مثلما وجودها ووجود غيرها من البرلمانيين فيه لم يضف لشعبنا المغلوب على أمره الذي منذ أزمان بعيدة لم يأت قرار من تحت قبة البرلمان لصالحه.
{ بالله عليكم هل تذكرون أية قضية تهم المواطن وتم علاجها تحت قبة البرلمان هذا الزمان؟!
{ من أساسيات أي برلمان في العالم ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.. فهل سمعتم في قريب أو بعيد عن رصد البرلمان لأي أخطاء أو تجاوزات لأي من الجهات التنفيذية ومحاسبتهم على ذلك وما أكثر الأمثلة التي تكشف فشل التنفيذيين وتجاوزاتهم التي بسببها وقع الضرر على المواطنين؟!!
{ وإذا كانت التجاوزات والفشل في المواقع العامة في كل بلاد العام تعجل بمغادرة المسؤول المعني، فعندنا الفشل وعدم المسؤولية صارا من المثبتات لبقاء المسؤول على كرسيه ليدور به دورات عديدة ومديدة في الفشل والتراجع المتسارع..!!
{ الشعور بالمسؤولية والإحساس بالذنب أضحى من القيم المفقودة عند معظم المسؤولين في بلادنا!!
} وضوح أخير
{ سجلت السيرة في عهد الخليفة الراشد سيدنا “عمر بن عبد العزيز” عن والٍ اشتكي من عظم المسؤولية.. وما أن وصلت الشكوى الخليفة “عمر بن عبد العزيز” حتى كتب إليه: (يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء)، ومجرد أن قرأ الوالي رسالة الخليفة ترك ولايته وقدم للخليفة، فقال له: “ما أقدمك؟”، قال: “خلعت قلبي بكتابك، لا أعود إلى ولاية أبداً حتى ألقى الله عزّ وجلّ”، وبدون تردد استقال ذلك الوالي من منصبه.