بعد .. ومسافة
السِّجل الصحفي بين المعادلة والمجادلة!
مصطفى أبو العزائم
خلال حفل تكريم وزارة الإرشاد والأوقاف بقيادة وزيرها الأستاذ “أبو بكر عثمان إبراهيم” للسيد “علي بن حسن جعفر” سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان، مساء (الاثنين) الأول من أمس بفندق (السلام روتانا)، سألني الأخ الكريم الأستاذ “الصادق الرزيقي” رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين إن كنت قد اطلعت على نتيجة امتحانات السجل الصحفي! أجبته بلا، وسألته بدوري إن كان هناك تحسن في نسبة النجاح، فأجابني بلا، وكشف عن أن هناك تدنياً في النتيجة، إذ لم تبلغ نسبة الناجحين الثلاثين بالمائة من جملة الجالسين لامتحانات السجل الصحفي، وهذه قطعاً مشكلة مزمنة ظللنا نعاني منها منذ وقت طويل، وقد ظللت عضواً في المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين– بالانتخاب– لأربع دورات وكنت نائباً لرئيس الاتحاد بأعلى نسبة أصوات في الدورة السابقة، وكانت هذه هي مشكلتنا الكبرى وأرى أنها ستكون مشكلة الاتحاد في هذه الدورة والدورات التي تليها.
منذ البداية كنت ضد الجلوس لامتحان السجل الصحفي أو القيد الصحفي كما كان يطلق عليها في السابق، ومنطقي في ذلك وحجّتي أن القارئ هو الذي يجيز الصحفي، وأن الناشر أو الشركة التي تصدر الصحيفة تعرف كيف تختار محرريها وكيف تعمل على كسب الأفضل دائماً، على أن يتم منح الصحفي العامل في هذا المجال شهادة السجل لمزاولة المهنة بعد أن تعترف به المؤسسة الصحفية التي يعمل بها، ليعترف به بعد ذلك اتحاده المهني، وأن يتم تجديد بطاقة اتحاد الصحفيين استناداً إلى استمرار ممارسة الصحفي لعمله.
أما السبب الثاني الذي دعاني لإطلاق ذلك الرأي، فهو أن الكثيرين يريدون الحصول على السجل الصحفي من غير خريجي كليات الإعلام القائمة الآن، وهذا حق لن يستطيع أحد أن يمنعهم من المطالبة به أو السعي ورائه، لكن إلزام خريجي كليات الإعلام خاصة الذين تخرجوا في أقسام الصحافة بالجلوس للامتحانات، فإن في هذا ظلم كبير لأننا نساوي بينهم وبين خريجي كليات أخرى– نظرية أو تطبيقية– لا علاقة لهم بالإعلام والصحافة إلا الرغبة في ولوج هذا العالم الساحر، لنكون بذلك قد أوقعنا ظلماً كبيراً بخريجي الصحافة والإعلام الذين يدرسون أربع سنوات، ويحصلون على شهاداتهم بعد النجاح في كل مواد التخصص، وهي شهادات يعترف بها الجميع.. بينما يجلس خريجو الكليات الأخرى للامتحان، ونكون قد ساوينا بينهم وبين خريجي كليات الإعلام في حين أن هذه الامتحانات كان من المفترض أن تتم لغير خريجي الإعلام مع استثناء خريجي الإعلام، أو قصر الامتحانات على خريجي الإعلام لتصبح مثل امتحانات المعادلة الخاصة بخريجي القانون في حال قصر الامتحانات عليهم.
الآن الاتحاد العام للصحفيين السودانيين يعاني من تضخم كبير في العضوية وعدد كبير منها لا يعمل بالصحافة، بل إن مِن العضوية مَن يعمل في وظائف أخرى لا علاقة لها بالصحافة أو بالإعلام.
علينا الآن أن نعمل على تصحيح الأوضاع خاصة وأن بلادنا تشهد تطبيقاً لبرامج عديدة تستهدف إصلاح الدولة، وعلى القائمين بالأمر في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية واتحاد الصحفيين والقائمين على أمر كليات الإعلام أن يجلسوا جميعاً لمعالجة الأمر، فالمشاكل لن تحل نفسها.. وعلينا أن نرفع الظلم عن أبنائنا وبناتنا من خريجي كليات الصحافة والإعلام.. وهذه أولى خطوات الإصلاح.