تفاصيل عودة (4) أطفال سودانيين من ليبيا ينتمي آباؤهم لتنظيم (داعش)
بينهم (3) من أحفاد الشيخ “أبو زيد محمد حمزة”
تقرير – مهند بكري
بعد مرور شهرين على إفراج السلطات الليبية عن (8) أطفال سودانيين قاتل أباؤهم في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بـ(داعش)، استقبلت الخرطوم (أمس) أربعة أطفال آخرين، ينتمي آباؤهم للتنظيم، منهم من قتل إثر غارات نفذتها القوات الليبية ببعض المدن، ولا زال هناك (4) تعمل السلطات على إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى ذويهم، إلا أن مساعد القنصل بالعاصمة الليبية طرابلس أوضح اتجاه السلطات هناك لمحاكمة (2) من الشباب السودانيين وفقاً للقانون الليبي، الذي يُعرِّض من بلغت أعمارهم أربعة عشر ربيعاً، للمحاسبة والتجريم، موضحاً أنهم من أبناء أسرتين قُتل أبويهما في غارات شنتها القوات الليبية على معاقل التنظيم.
وفي مؤتمر صحفي عقد أمس (الثلاثاء)، بصالة كبار الزوار بمطار الخرطوم الدولي، فور وصول الأطفال الـ(4) المفرج عنهم وتسليمهم لذويهم في السودان، سادته أجواء هي مزيج من الحزن والفرح بعودة الأطفال السودانيين، استقبلت فيها أسرة الشيخ الراحل “أبو زيد محمد حمزة” القيادي المعروف بجماعة أنصار السنة، (3) من أبناء نجله “محمد أبو زيد” الذي قُتل وزوجته في إحدى الغارات التي شنتها القوات الليبية على مناطق تتبع لسيطرة التنظيم، قبل أكثر من عام ونصف العام من الآن.
مكافحة بوسائل غير تقليدية
قال العميد “التيجاني إبراهيم” من دائرة مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، إن عودة مجموعة أخرى من الأطفال السودانيين من مناطق النزاعات المسلحة ليعيشوا وسط أهلهم ويتربوا وسط ذويهم في هذا الوطن العظيم، يجب أن يهنأ فيه الشعب السوداني، وأكد “التيجاني” على أن الأطفال سيجدون الرعاية الصحية والنفسية من قبل الجهات المختصة بالدولة ليتم دمجهم عقب ذلك في المجتمع بصورة كلية ومع أسرهم بصفة خاصة، مبيِّناً أن ذلك تم مع الأطفال والعائدين من مناطق النزاعات خلال مراحل مضت، وقال “التيجاني”: لقد ظل جهاز الأمن والمخابرات الوطني يقوم بمكافحة الإرهاب بوسائل غير تقليدية، أولها وسيلة الحوار الفكري والمعالجات النفسية، وأن هذه الوسيلة تتكون عبر ثلاثة محاور، هي محور الحوار المباشر مع المعتقلين داخل المعتقلات وخارجها، أما المحور الثاني يكون بإعادة تأهيل ودمج الموقوفين بعد إطلاق سراحهم، أما أخيراً يتم تحصين المجتمع عبر عمل إعلامي ومحاضرات اجتماعية وثقافية ونفسية بواسطة قطاعات حيَّة في المجتمع السوداني (طلاب وشباب وامرأة) كل هذا يتم تحت رعاية المجلس الأعلى للرعاية والتحصُّن الفكري التابع لرئاسة الجمهورية.
وأوضح “التيجاني” أن الأطفال المفرج عنهم، تم التوصل اليهم واستلامهم بالتنسيق مع الأجهزة الرسمية والشعبية بمدينة مصراتة والعاصمة طرابلس، وتقدم “التيجاني” بالشكر للسلطات الليبية والجهود التي ظلت تقوم بها على المستويين “الرسمي، والشعبي” بجانب البعثة السودانية بطرابلس ومصراتة، ومجهود جمعية الهلال الأحمر الليبية التي وفرت الرعاية للأطفال.
من جانبه قال د. “عادل عبد الغني” المحامي، أنه يتحدَّث نيابة عن أسرة الشيخ “أبو زيد” جد الأطفال العائدين من ليبيا، باعتباره صديقاً لأسرة الشيخ “أبو زيد محمد حمزة”، وأوضح أن الأسرة تسلَّمت (3) من أبناء نجل الشيخ وهم: “عبد الله محمد أبو زيد، عفراء، وعبير)، الذين قُتل والديهم أمام أعينهم في غارة شنتها القوات الليبية على معاقل للتنظيم، وتابع “عبد الغني” بالقول أنا أتحدث نيابة عن هذه الأسرة المكلومة وأتقدم بأعظم الشكر لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني الذي قام بعملية إعادة الأطفال إلى ذويهم، أسماها عملية (أمن إنسانية) التي تجعل الإنسان السوداني يشعر بالأمن والفخار لاهتمام الدولة بمواطنيها. وقال إن الأجهزة التي تلاحق أبناء وطنها في أي مكان لإعادتهم لأسرهم أجهزة جديرة بالاحترام، ظللنا في هذه الأسرة نتابع القضية مع جهاز الأمن والمخابرات الوطني وعلى اتصال تام مع الأسرة منذ بدء عملية الإعادة، وتحقيق الرعاية والعناية للأطفال بليبيا عبر التنسيق مع بعض المنظمات والأجهزة الخارجية على رأسها الصليب الأحمر، وبعض الحركات الثورية بليبيا، اليوم يستقبلهم أهلهم بالابتسامة رغم اختلاطها بالحزن على من فقدوا، ونعلم أن القائمين على هذا الأمر تكبَّدوا المشاق وسهروا الليالي لإعادة الأطفال. ونفى “عبد الغني وجود جوانب قانونية للأطفال دفعته لتمثيل الأسرة ، قائلاً: “ليس هناك أي جوانب قانونية أو إجرائية على الأطفال، وكل ذلك قام به جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، ووجودي ليس إلا من منطلق صداقتي للأسرة وكلفتني بالتحدث باسمها لأنها تعجز عن التعبير في هذه اللحظات”.
إجراءات مكثفة لإعادة التأهيل
وطالب “عبد الغني” الجهات المختصة التربوية والنفسية والمنظمات المحلية والدولية بتقديم الدعم الخاص للأطفال العائدين من مناطق النزاعات، خاصة وأنهم فقدوا والديهم أمام أعينهم، وكانوا عرضة للمخاطر بالانفجارات والضرب والرصاص.. وقال أناشد الحكومة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني بأن بالقيام بإكمال جميلها، وكذلك المنظمات والجهات الإنسانية سواءً أكانت محلية أو دولية بمباشرة ومتابعة أمر هؤلاء الأطفال حتى نتمكن من تنشئتهم نشأة حسنة ويكونوا أعضاءً فاعلين في المجتمع.
وذكر “عبد الغني” أنه بمجرد حدوث خبر وفاة والد ووالدة الأطفال الثلاثة، تمكنت الجهات المختصة في أقل من ساعة من إيصال الخبر إلى الأسرة بوفاة أبنيها “محمد أبو زيد” وزوجته في إحدى الغارات، قبل أكثر من عام ونصف من الآن، و فيما كان الجهاز يطمئن الأسرة بأوضاع الأطفال، موضحاً أن نجل الشيخ “أبو زيد، “محمد” انتقل من السودان إلى ليبيا مباشرة، أما شقيقه الذي استشهد قبله فقد انتقل من مالي إلى ليبيا.
رعاية لـ(8) أشهر
“عبيد محمد عبيد” مساعد القنصل بمدينة طرابلس، قال إن السلطات الليبية سلمتهم الأطفال الأربعة، ثلاثة من أبناء نجل الشيخ “أبو زيد” بجانب الطفلة “نوال محمد عبد الله”، الذين فقدوا ذويهم في الحرب بجانب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وأن السفارة والسلطات المختصة قامت بكافة الإجراءات توطئة لإيصالهم لذويهم بالخرطوم. وتابع قائلاً: “نتقدم اليوم بجزيل الشكر لمكتب التحقيقات الجنائية بطرابلس ومصراتة، وجمعية الهلال الأحمر فرع مصراتة”، بجانب السلطات السودانية التي قامت بدفع عملية العودة للأطفال، مبيِّناً أنهم تلقوا الرعاية الطبية من قبل جمعية الهلال الأحمر طيلة (8) أشهر، التي كانوا موجودين فيها بحوزة السلطات، وأوضح أن الأطفال وجدوا في منطقة سرت منطقة المعارك بين البنيان المرصوص وقوات الدواعش.
مصير تحفه المخاطر .. لا يزال هناك أربعة آخرون
وكشف “عبيد” عن وجود (4) من أبناء السودانيين الذين قاتلوا في صفوف تنظيم الدولة لدى السلطات الليبية، موضحاً أن (2) منهم رضيعان محبوسان مع أمهاتهم، بجانب (2) تجاوزت أعمارهما الـ(أربعة عشر ربيعاً)، يواجهان مصيراً قد يقودهما للمحاكمة والتجريم حسب نص القانون الليبي، الذي لا يعفي البالغين من العمر (14) عاماً، من المسؤولية الجنائية، مشيراً إلى جهود لا زالت تجرى للإفراج عن أبناء السودانيين بجانب (7) من الأمهات المعتقلات بليبيا، وأوضح “عبيد” أن الجهات السودانية المختصة تقوم بزيارات للاطمئنان على صحة وأحوال الرعايا السودانيين في السجون والمعتقلات ودور الرعاية بليبيا. ومضى “عبيد” بالقول (لحدي الآن لم يبت مكتب التحقيقات في أي عقوبة تجاه من تجاوزت أعمارهم الرابعة عشر ربيعاً، ولكن المكتب نقل لنا أن في القانون الليبي هؤلاء الأعمار غير معفيين من المسؤولية الجنائية، مشيراً إلى انحسار وجود التنظيم في منطقة سرت، بيد أنه قال: أن بعض الفلول المطاردين لم تكن لهم منطقة محددة).