مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي دكتور "معاوية السر قشي" لـ (المجهر)
لا تراجع عن القرار والمقررات الدراسية تخضع للمراجعة المستمرة
حذف مادتَيْ التوحيد وتنقية العقيدة هو تنقيح وليس إلغاءً
تم اتخاذ القرار لتجنُّب الطلاب البلبلة والتشتت الفكري
لم نتصوَّر أن يأخذ الأمر هذه الأبعاد وسنوسِّع دائرة التداول مع العلماء والمختصين
لدينا لجنة فنية تعمل الآن في معالجة هذه الموضوعات
رأي جماعة أنصار السنة محل احترام عندنا
الدولة لا تتدخَّل في هذا الأمر والمسألة لا تتعدى إجراء تربوي
نحن على استعداد لمحاورة أي جماعة فيما يهم الأمة في مجال اختصاصنا
حوار – فاطمة عوض
تفاقمت أزمة حذف مقررَيْ التوحيد وتنقية العقيدة من مادة الإسلامية ومعارضة الجماعات السلفية، فيما أكدت وزارة التربية والتعليم عدم تراجعها عن القرار، بيد أنها وافقت على توسيع دائرة التداول مع العلماء والمتخصصين حول الطريقة المثلى لصياغة هذه الموضوعات، بحيث تتجنب المساس بعقيدة المجتمع ولتتحقق الأهداف التربوية.
(المجهر) أجرت حواراً عميقاً مع مدير المركز القومي للمناهج والبحث العلمي دكتور “معاوية السر قشي” حول ملابسات القرار وفحواه وتداعياته وفرص التراجع عنه ومراجعته. وقطع “قشي” بعدم التراجع عن القرار، وأكد استعداده لمحاورة أي جماعة فيما يهم هذه الأمة في مجال اختصاصهم باعتبارهم جهة علمية محايدة . وأبان أن الجهة المعنية بمناهج التربية الإسلامية رأت أن دائرة الملاحظات الواردة حول درسين من دروس مقرر المادة قد اتسعت وهذا يقتضي مراجعة هذه الدروس وإعادة صياغتها وقال أن ذلك أمر عادي يقوم به المركز، حيث تصاغ الدروس وتحكم وترجع إلى المقرر بصورة تُجنِّب التلاميذ والطلاب البلبلة أو التشتت الفكري.”..فمعاً لمتابعة الحوار:
*هل صحيح أن وزارة التربية حذفت مقررات من منهج التربية الإسلامية؟.
نعم، قام المركز القومي للمنهج والبحث التربوي بحذف درسين من مقرر التربية الإسلامية، أحدهما بالصف السادس من مرحلة التعليم الأساسي بعنوان (تنقية العقيدة من الخرافات)، والدرس الثاني بالصف الثالث الثانوي، بعنوان (الإسلام دين التوحيد).
*لماذا اتخذتم هذا القرار الآن؟.
ما أود تأكيده أولاً أن المقررات الدراسية للمواد المختلفة تخضع للمراجعة المستمرة، وتتم مراجعة تطبيقها في الميدان من قبل الأقسام العلمية المتخصصة بالمركز القومي للمناهج، وبناءً على المرجع الميداني والملاحظات التي ترد تتم المراجعة والتعديل وهو أمر روتيني يحدث في كل عام دراسي والغرض من الحذف المؤقت الذي تم هو إعادة صياغة هذه الدروس بالقدر الذي يزيل ما عليها من ملاحظات.
وما نؤكده ثانياً أن حذف درس في موضوع لا يعني إلغاء الموضوع نفسه، وإنما إعادة الصياغة أو الترتيب، وهذه قضايا فنية. فالتوحيد كموضوع جزء أصيل من المقرر وتنقية العقيدة جزء من المقرر، أما الدروس الواردة فيها فتخضع للمراجعة والتعديل وفقاً لتقدير أجهزة المركز المختصة.
*هل يعني هذا أنكم ستتراجعون عن القرار؟.
نحن لن نتراجع عن القرار، وإنما ستُراجَع هذه الموضوعات بما يُطوِّرها ويُحسِّنها ومتى ما اكتملت هذه المراجعة ستعود هذه الموضوعات إلى المقرر.
*(مقاطعة) وهل ستعود بعد حذفها؟.
هو لم يسقط باعتبار أننا ذكرنا أن الموضوعات موجودة في بنية المقرر، ولكننا نراجع الآن معالجتها وصياغتها فيما يخدم الأهداف التربوية.
*ما أهمية حذف مواد مع إدراككم أنها تجد معارضة من أنصار السنة؟.
نحن مؤسسة قومية، ونحترم جميع مكونات المجتمع السوداني، ومذاهب أهله، ولا نستهدف أي جهة بأي قرار نتخذه، والقرارات التي تصدر عنا تمليها علينا فقط المهنية العلمية والتربوية، ونحن على أتم الاستعداد دائماً لقبول كافة الآراء والملاحظات التي تأتينا من كل المكونات المهتمة بقضية التربية والتعليم، حيث تخضع هذه الآراء للدراسة في مؤسسات المركز القومي العلمية، كما أننا على استعداد لمحاورة أي جماعة فيما يهم هذه الأمة في مجال اختصاصنا، فنحن كجهة علمية محايدة تبحث عما فيه خير هذه الأمة وأجيالها الناشئة، والله نسأل أن يهدينا جميعاً سواء السبيل.
*حسناً، هل تم التداول مع العلماء وجِهات الاختصاص حول القرار أم أنه خرج من الوزارة؟.
القرار الذي صدر قرار فني يلي المناهج، حيث رأت الجهة المعنية بمناهج التربية الإسلامية أن دائرة الملاحظات الواردة حول درسين من دروس مقرر المادة قد اتسعت وهذا يقتضي مراجعة هذه الدروس وإعادة صياغتها وهو أمر عادي يقوم به المركز، حيث تصاغ الدروس وتحكم وترجع إلى المقرر بصورة تُجنِّب التلاميذ والطلاب البلبلة أو التشتت الفكري، ولم نتصوَّر أن يأخذ الأمر هذه الأبعاد، أما الآن فقطعاً سنوسِّع دائرة التداول من العلماء والمتخصصين حول الطريقة المثلى لصياغة هذه الموضوعات بحيث تتجنب المساس بعقائد مكونات المجتمع ولتتحقق أهدافها التربوية.
*وهل تنفذ المناهج قرار الحذف لمجرد ملاحظات أو شكاوى من المعلمين؟.
المسألة تخضع لدراسة الملاحظات التي ترد من الميدان وتخضع للدراسة والتقييم، وإذا شعرنا أن هذه الملاحظات تؤشر إلى مشكلة ما، لابد أن نعالج هذه المشكلة. والمركز القومي للمناهج هو جهة فنية لديها أسس وقواعد تضبط عملها، وكل ما يصدر عن المركز من قرارات يكون من منطلقات تربوية وعلمية وليس هناك أي دوافع أخرى.
*ولكن عشرات من الخبراء التربويين والأكاديميين والمعلمين ووزراء تربية أبدوا استغرابهم من قرار مركز المناهج وتأييد الوزارة للقرار؟.
القرار ليس أول مرة يحدث، وكثير من موضوعات المقرر وحتى مادة التربية الإسلامية صدرت، فيها العام الماضي، نشرات من المركز عالجت بعض الموضوعات في مادة التربية الإسلامية نفسها، وفي كل عام، وهذا أمر متعارف عليه في جميع المواد، وهناك لجنة تتابع تطبيق المناهج والتقويم باستمرار، لتكشف القصور والمشكلات الفنية.
*هناك حديث عن تعرُّض الدولة لضغوط خارجية أدت لحذف هذه الدروس؟.
هذا أمر لا علم لنا به. فالدولة ممثلة في رئاستها وحكومتها لم تتدخل في هذا الأمر، وكما أسلفت فإن المسألة لا تتعدى إجراءً تربوياً داخلياً الهدف منه التحسين والتجويد والنأي عن مواطن الاختلاف والشد والجذب الذي يضر بالعملية التربوية، ولدينا الآن لجنة فنية تعمل في معالجة هذه الموضوعات وسيتم تحكيمها لدى العلماء والمختصين والهيئات، كهيئة علماء السودان ومجمع الفقه الإسلامي.
*أنصار السنة قالوا اتخذتم هذا القرار بعد زيارة “الجفري” للسودان؟.
أنا والله لا أعرف “الجفري” ولم أسمع باسمه سوى اليوم، ولكنني أؤكد أن المناهج جزء مهم من سيادة الدولة ولا تخضع لأي مساومات أو تنازلات أو تدخُّل من أي جهة كانت، ونحن بالمركز القومي للمناهج مهنيون تربويون نعمل لنرضي الله سبحانه وتعالى ولنقوم بأداء الرسالة التي حملناها بأمانة وتجرُّد لنحقق غايات ومقاصد التربية السودانية.
*كيف ستتعاملون مع حملة السلفيين التي جمعوا لها (300) مسجد؟.
نحن مؤسسة حكومية، لها اختصاصات محددة بالقانون ولها مؤسسية علمية محددة تحكم وتضبط عملها ونؤكد لجماعة أنصار السنة أن رأيها كجماعة سودانية محل احترام عندنا، ونؤكد للجماعة أن الأمر بالنسبة لموضوع التوحيد وموضوع تنقية العقيدة هو تنقيح لهذين الموضوعين يضع في اعتباره ما ورد حولهما من رجع ميداني ومجتمعي وليس إلغاءً لهما من المقرر، لأن مفردات مقرر التربية الإسلامية واردة في وثيقة هذه المادة، ولا يملك أي شخص أن يلغيها، ونتطلع إلى الحوار الموضوعي مع الجماعة ومع غيرها من الجماعات المكوِّنة لمجتمعنا السوداني للدفع بعملية التربية والتعليم تعاوناً على البر والتقوى.