رأي

بكل الوضوح

مهداة إلى ولاة أمرنا  الفاروق “عمر” مع أم اليتامى..!!
          عامر باشاب
 
بـ(كل الوضوح) نفردها اليوم لسرد قصة الخليفة الراشد سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه مع أم اليتامى، لنهديها إلى كل ولاة أمرنا عسى أن تحرِّك فيهم ساكن الاهتمام بالرعية.
{ السيرة العطرة لسيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه، تؤكد أنه كان يتفقد رعيته كل ليلة، وكان رضي الله عنه لا يتهاون في أمر جولاته التفقدية هذه لأي سبب من الأسباب.
{ تحكي السيرة أنه في ليلة شديدة البرودة اصطحب معه الصحابي الجليل “عبد الرحمن بن عوف” رضي الله عنه في جولة تفقدية، وأثناء سيرهما رأى سيدنا “عمر” ناراً تشع من خيمة وسمع بكاء أطفال، فقال لصاحبه: هيا لنتبيَّن الأمر، وعند وصولهما للخيمة وجدا امرأة تجلس وبجانبها قدر على النار وأطفالها حولها يبكون، بحنو ولي الأمر استفسرها سائلاً: لماذا يا أمة الله لا تطعمين أولادك حتى يناموا؟.. ردت وهي لا تدري مع  من تتكلم: الجوع أضناهم.. القدر ليس فيه غير حجارة والماء ألهوهم به ليناموا!!
وفي هذه اللحظة تزلزلت الأرض من تحت أقدام الفاروق، الذي كان الشيطان لا يسلك مسلكه، فأسرع عائداً مع رفيقه إلى بيت مال المسلمين، فأخذ ما وجد من سمن ودقيق ثم قال لمرافقه: احمل عليّ هذا.. فرد “بن عوف”: عنك أم عليك يا أمير المؤمنين؟ قال: بل احمل عليّ أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة؟.
وعادا مسرعين إلى أم اليتامى، فقال بن “الخطاب”: يا أمة الله خذي هذا واشبعي أطفالك. فقالت له وهي ما زالت تجهل من هذا الذي جاءها بكل هذا: والله إنك لأحق بالخلافة من “عمر”.. فرد عليها: وكيف يعرف “عمر” حالكم؟ وهنا قالت: الله في “عمر” أيلي أمرنا ويغفل عنا، وهنا سقط “عمر” من شدة ما سمع، ورد عليها بكل ليونة وعطف: يا أمة الله في الغد آتي إلى “عمر” وسأخبره عن حالك. وغادرا المكان حتى وصلا إلى تلة، فتوقف “عمر” رضي الله عنه، فبادره “عبد الرحمن بن عوف” رضي الله عنه: هيا يا أمير المؤمنين لنذهب فقد اشتد البرد. لكن “عمر” لم يكن يترك الشيء حتى يطلع عليه بنفسه فقال لصاحبه: والله لن أغادر حتى أسمعهم يضحكون كما سمعتهم يبكون.
وفي الغد بينما سيدنا “عمر بن الخطاب” و”علي” و”عثمان” جالسون يتناقشون فيما بينهم أمور المسلمين، قدمت إليهم أم اليتامى بعدما دلوها على مكانه، ولما اقتربت رأته يتوسطهما وكل واحد منهما يناديه يا أمير المؤمنين، فارتعدت أوصالها.. أليس هذا الذي زارني الليلة وقلت له كذا وكذا؟ وبعقلية الحاكم العادل والمتفرِّس فطن “عمر” للموقف وبادرها: هوِّني عليك يا أمة الله تقدَّمي.. عندها شعرت بالراحة والطمأنينة.. ثم سألها كأي شخص عادي وليس كولي أمرها: بكم تبيعين مظلمتي لك؟ فردت عليه: أو أنت ظلمتني؟ فقال: نعم لقد ظلمتك أشد الظلم. ثم قال لسيدنا “علي”: اكتب يا “علي” (لقد اشترى “عمر بن الخطاب”- ولم يقل أمير المؤمنين- من هذه المرأة مظلمتها من ماله الخاص بكذا وكذا). ثم قال: يا “علي” إذا مت فاجعل هذه الورقة بين جسدي وكفِّني لعل الله يطلع عليها فيغفر لي.
{ حقاً في زماننا هذا نفتقد مثل هذه القيم العدلية بين الحاكم والرعية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية