رأي

بعد ومسافة

“شاويش” في حفل دبلوماسي!
مصطفى أبو العزائم

صديقنا الفنان الأستاذ “أحمد شاويش” يتمتع بصوت معبر، وملكات لحنية عظيمة، وهو من القلة القليلة التي بقيت تمسك بقواعد العمل الفني الأصيل، لكنه قليل النشاط على المستوى العام رغم قربه الشديد من المايكروفون، حيث يعمل في الإذاعة السودانية بكل إرثها الكبير منذ أن بدأت البث قبل نحو سبعة وسبعين عاماً.
قبل أسابيع قليلة، وتحديداً يوم العاصفة والأمطار التي ضربت “الخرطوم” كنا على موعد مع صوت “شاويش” الذي كان مفاجأة لمن تمكن من الوصول إلى منزل صديقنا السفير الدكتور “علي يوسف” تلبية لدعوته الكريمة للمشاركة في وداع ثلاثة من سفرائنا الشباب الذين اختيروا لتمثيل بلادنا في كل من أستراليا والبرازيل وأندونيسيا، إذ أختير السفير “إبراهيم البارودي” لتمثيل بلادنا في أستراليا، والسفير “عبد المنعم الأمين” لتمثيل السودان في البرازيل، بينما يمثلنا في أندونيسيا السفير “صديق عبد العزيز”.
كل الذين تمكنوا من الوصول رغم غزارة الأمطار، كانوا يحتاجون إلى وقت بعد التحية والسلام حتى يجف بعض ما ابتل من ثيابهم نتيجة المياه المنهمرة من السماء في تلك الليلة المطيرة، وقد وصل قبل الكثير منهم الفنان “أحمد شاويش” صحبة السفير “البارودي”، ودار حديث طويل بين المدعوين حول قضايا كثيرة من بينها دور الفنون والموسيقى والتراث في تقريب ونقل ثقافة السودان إلى العالم، وأشار السفير “عبد الغني النعيم” وكيل وزارة الخارجية، إلى زيارة قام بها الموسيقي الدكتور “الفاتح حسين” إلى البرازيل عندما كان السفير “عبد الغني” هناك، وكيف احتفى البرازيليون بالموسيقي الكبير الدكتور “الفاتح حسين” من خلال صحافتهم وأجهزة إعلامهم التي تحتفي بالمهرجان السنوي الذي يقام هناك، ويعتبر أحد أبرز المعالم الثقافية والسياحية في البرازيل.
كنا نستمع لما يقول السفير “عبد الغني النعيم” ونركز على التفاصيل، ويتداخل السفير “عبد الحافظ إبراهيم” والسفير “رحمة الله محمد عثمان” وغيرهما بأحاديث مفيدة تدعم اتجاه الدولة لأن تهتم بالفنون والموسيقى والبعثات الفنية، لأن ذلك من أقوى ما يوطد التواصل بين الشعوب.. هنا تدخل الفنان “أحمد شاويش” وأمسك بريشته وبدأ العزف المتقن بإحساس عالٍ وصدح بصوته الشجي ليغني، فسكت الجميع وأرهفت الآذان السمع تتابع هذا الفنان المبهر، بينما تخرج عبارات الإعجاب بين وقت وآخر لما يستبد بأحدهم الطرب الوقور.
سكت “شاويش” عن الغناء وبدأ الحديث عن أهمية الغناء والفنون، وهو بحر لا ساحل له في جوانب الثقافة والموسيقى والفنون وأثرها ودورها ورسالتها التي تهدف إلى رفعة المجتمعات الإنسانية، وأعلن أمام ذلك الجمع الكريم بأنه على أتم الاستعداد لتلبية أي دعوة للمشاركة في الأنشطة الفنية الخارجية بلا مقابل، فقط ليشعر أنه قدم شيئاً لهذا الوطن، وهو ما وجد الاستحسان من الجميع وخفف كثيراً من آثار تلك الليلة المطيرة، وقد كان السفير “عبد الغني النعيم” يأمل أن يصطحب معه السيد “سامح شكري” وزير الخارجية المصري والوفد المرافق له إذا ما أدت العواصف والأمطار إلى تأخير إقلاع الطائرة التي ستقلهم إلى القاهرة بعد انتهاء زيارته الرسمية للسودان، وكنا نتمنى لو حدث ذلك حتى نكون قريبين – نحن الصحفيين على الأقل – من تلك المباحثات، لأننا نعلم أنه ليس كل ما جرى أو تم نقاشه يجد طريقه للإعلام.
ليلة كانت ليلة يستحق السفير الدكتور “علي يوسف” أن نزجي له أسمى آيات الشكر والتقدير على مواقفه النبيلة والكريمة التي يعرفها زملاؤه وتلاميذه وأبناؤه في الوسط الدبلوماسي، ويستحق كل الحضور الشكر على المشاركة، وكذلك الفنان “أحمد شاويش” الذي أضفى على الليلة المطيرة جمالاً على جمالها، وضياءً على ضيائها.
اللهم احفظنا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وسوء وقنا شرور أنفسنا إنك سميع مجيب.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية