تقارير

مابين زيارة نائب "أفريكوم" وتقاطر الوفود الاقتصادية الأمريكية

مؤشرات ما قبل الثلاثة أشهر
زيارة نائب قائد القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” للخرطوم أمس الأول، بالتزامن مع رفع الخزينة الأمريكية الحظر عن أموال تخص السفارة السودانية في كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى زيارة وفد اقتصادي قبل أسبوع للبلاد ووفد مركز المشروعات الدولية الخاص (سايب) التابع لغرفة التجارة الأمريكية للبلاد يوم (الاثنين) الماضي، واجتماعه بممثلي الاتحاد العام لأصحاب العمل في السودان، كلها إشارات تحمل في طياتها الكثير من المؤشرات حول شكل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان ما قبل الثلاثة أشهر.
الخرطوم – ميعاد مبارك
 لقاء “غندور” و”عدوي” بنائب “أفريكوم”
نائب قائد قوات شؤون الارتباط المدني العسكري “أفريكوم” “الكسندر لاسكاري” لدى لقائه أمس الأول، بمباني وزارة الخارجية وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” عبَّر عن تقديره للدور الذي يطلع به السودان إقليمياً، مشيراً لضرورة مواصلة الحوار الذي وصفه بالبناء بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، وفقاً لخطة المسارات الخمسة، الأمر الذي يدلل على استمرار الحوار بين البلدين، بالرغم من انقطاع الحوار بين لجنتي التفاوض السودانية والأمريكية بعد قرار الرئيس “عمر حسن البشير” للجنة التفاوض مع واشنطن كرد فعل على تمديد فترة السماح الأمريكية لثلاثة أشهر، أخرى بدلاً عن الرفع الدائم للعقوبات.
المسارات الخمسة
ظل وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” يؤكد مراراً مضي الحكومة في عملية الحوار البناء مع واشنطن والتزامها بخطة المسارات الخمسة، مشيراً إلى أنها أصبحت تمثِّل أجندة وطنية تسعى لتحقيق هدف تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم مصالح الشعبين.
تنسيق عسكري
التأمت أمس الأول، في الخرطوم مباحثات رسمية بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول ركن مهندس “عماد الدين مصطفى عدوي” ونائب القائد العام للقيادة الأمريكية الأفريقية لشؤون الارتباط المدني العسكري السفير “الكسندر لاسكاريس” ناقشت خطة خارطة الطريق بين الخرطوم وواشنطن،  فضلاً عن بعض القضايا الإقليمية خاصة الأوضاع في ليبيا .
وقال الفريق أول ركن “عماد الدين عدوي”، إن زيارة نائب القائد العام “أفريكوم” تأتي في إطار التعاون بين البلدين والجيشين، وأشار إلى أن الزيارة تأتي في إطار الحوار بين واشنطن والخرطوم، خاصة ملف العقوبات الذي قطع شوطاً كبيراً حسب رئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي أكمل قائلاً: (فيما يخص ليبيا وجدنا أن تحليلاتنا للوضع تصب كلها في اتجاه واحد)، وأضاف: (يمكن أن نتعاون مع آخرين في سبيل إعادة الأمن والاستقرار والسلام إلى ليبيا).
وأوضح رئيس هيئة الأركان المشتركة أن اللقاء تطرَّق إلى الصومال وجهود مكافحة الإرهاب وعمليات الاتجار بالبشر في المنطقة. وقال: إن العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية ظلت في فترات سابقة علاقات قوية ومتطوِّرة، مبيِّناً أن اللقاء جدد إمكانية استئناف التعاون العسكري بين البلدين بعد استيفاء بعض الموضوعات التي من شأنها تمهيد الطريق للتعاون العسكري.
من جانبه قال نائب القائد العام “أفريكوم” بعد لقائه “عدوي”، إنها أول زيارة له للسودان، وأن لقائه مع رئيس هيئة الأركان المشتركة تناول عدة قضايا على رأسها العلاقات السودانية الأمريكية بجانب الأوضاع في ليبيا والصومال، موضحاً أن الجانبين لديهما فهم مشترك لأهمية استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر في الصومال.
رفع الحظر عن أموال سودانية
رفعت الخزانة الأمريكية حظر فرضته سابقاً على مبلغ مالي يخص سفارة السودان بكوريا الجنوبية، ووصف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بالإنابة د.”عبد الرحمن ضرار” في تصريحات صحفية أمس الأول، رفع الحظر بالخطوة الإيجابية التي تنبئ بتقدم في العلاقات المالية بين السودان والعالم الخارجي، مبيِّناً أن المبلغ المذكور يخص المركز التجاري والاقتصادي الذي حوَّلته شركة “داو” الكورية للمركز، وتم حظره منذ العام 2015، وأفاد بأن الشركة أفادت مؤخراً بأن المبلغ وصل إلى حسابها من البنك الأمريكي لحسابها دون أي متابعة من جانبها، وأشار الوزير إلى أن الإجراء يتم في إطار الإجراءات المالية المعلنة من الحكومة الأمريكية للسودان مؤخراً، معرباً عن أمله في الرفع الكامل للعقوبات الأمريكية بعد استيفاء الشروط الموجبة لرفع العقوبات.
وفود اقتصادية
في وقت زارت فيه وفود اقتصادية أمريكية الخرطوم، أقرت غرفة التجارة الأمريكية بالأثر السالب للعقوبات الأمريكية على الاقتصاد السوداني، وقال المدير الإقليمي لأفريقيا في مركز المشروعات الدولية الخاص (سايب) التابع للغرفة التجارية الأمريكية “لارس بنسون”، إن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان تؤثر سلباً على الاقتصاد السوداني وعلى رغبة المستثمرين في الاستثمار في السودان، وأضاف: ليست العقوبات فقط التي تؤثر على الاقتصاد؛ وإنما القوانين والمبادئ
  التي تحارب الفساد، وفي نفس الوقت ضمان تنفيذها، ونادى بضرورة حوكمة الشركات حتى تتوافق مع النظم العالمية استعداداً لاندماج السودان في السوق العالمية في حال تم رفع العقوبات أكتوبر المقبل.
وأشار المدير الإقليمي في (سايب) إلى أن المستثمرين الأمريكيين يبحثون عن فرص شراكة وخلق فرص تضمن ديمومة العلاقة بين الطرفين ويستفيد منها كلاهما وليس منحة يستفيد منها طرف واحد بشكل مؤقت.
تسليح وتدريب
الخبير العسكري اللواء مهندس “أمين إسماعيل” قال لـ(المجهر)، إن الاجتماعات الأخيرة لنائب قائد شؤون الارتباط المدني العسكري “أفريكوم” مع وزير الخارجية ورئيس هيئة الأركان المشتركة هو تكملة لما بدأ خلال حضور “عدوي” لاجتماعات “أفريكوم” التي انعقدت في وقت سابق في ألمانيا وأنه تكملة للتفاهمات الأمريكية بين الخرطوم وواشنطن، خاصة بعد تعيين ملحق عسكري في السفارة الأمريكية في الخرطوم برتبة مقدم وملحق عسكري بسفارة الخرطوم بواشنطن برتبة عقيد، وأشار “إسماعيل” إلى أن اللقاء الأخير بين “عدوي”  و”لاسكاري” كان اجتماعاً لوضع شكل العلاقات العسكرية بين الخرطوم وواشنطن، مشيراً إلى أن الطرفان اتفقا على أن يكون السودان مراقباً في مناورات النجم الساحق بين الجيش الأمريكي والمصري، بالإضافة إلى الاتفاقات التي تمت بين الطرفين في مجال التدريب وتبادل الخبرات، وجزم “أمين” بأن العلاقات العسكرية بين البلدين تتجه لمرحلة التسليح التي اعتبرها مرحلة متقدمة في حال تم الرفع الكامل للعقوبات أكتوبر المقبل.
وأكد اللواء مهندس “أمين إسماعيل” أن العلاقات العسكرية السودانية الأمريكية تشهد تطوراً كبيراً قد يعيدها إلى سابق عهدها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأضاف الخبير العسكري (هذه خطوة في اتجاه رفع العقوبات بعد انقضاء الثلاثة أشهر)، مشيراً إلى زيارة وفد اقتصادي للخرطوم الأسبوع الماضي، ورفع الخزانة الأمريكية الحظر عن أموال تخص سفارة السودان بكوريا الجنوبية مع النبرة الهادئة التي تستخدمها واشنطن والخرطوم، مؤكداً أنها كلها مؤشرات تؤكد الاستنتاج بأن العقوبات الأمريكية سيتم رفعها في أكتوبر.

ملفات حساسة
مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في عهد الرئيس الأسبق “جعفر نميري” والخبير الدبلوماسي مدير مركز دراسات الشرق الأوسط “عثمان السيد” يرى أن زيارة نائب “أفريكوم” ورفع الحظر عن الأموال التي تخص السفارة السودانية في أمريكا الجنوبية مؤشرات جيدة تأتي في إطار العلاقات المتطورة و(المنشرحة على حد قوله، التي في طريقها إلى الإصلاح في أكتوبر المقبل.
وأكمل “السيد” العلاقات السودانية الأمريكية في طريقها للانفراج وتسير بصورة مشجعة، مشيراً إلى أن الوصول إلى مرحلة التنسيق في ملفات حساسة مثل الملف الأمني والعسكري دليل على أن العلاقات وصلت مرحلة من التحسُّن، منوِّهاً إلى أن التنسيق في هذه الملفات وزيارة نائب قائد “أفريكوم” لأول مرة للبلاد ليس بالأمر الهيِّن، وأنه برهان واضح على إصلاح العلاقات ومؤشر قوي للرفع الدائم للعقوبات أكتوبر المقبل.
البيت الأبيض
يرى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط أنه ليس هنالك تناقض بين استمرار الحوار بين المؤسسات وقرار البيت الأبيض، عدم العمل بنصائح وتقارير مؤسسات الدولة، مؤكداً أن سبب تمديد العقوبات لم يكن بسبب ما يشوب العلاقات بين البلدين، ولكن مرده إلى أن البيت الداخلي الأمريكي لم يتم ترتيبه بعد، وأنه لم يتم تعيين مستشاراً للبيت الأبيض للشؤون الأفريقية، فضلاً عن عدم تعيين (37) آخرين من المسؤولين الإداريين  في البيت الأبيض.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية