الحاسة السادسة
جنوب كردفان.. رسائل الحرب والسلام (1)!
رشان أوشي
لم تغب عن ذاكرتي لوهلة مغادرتنا مدينة كادوقلي في العام 2011م على عجالة، وكنت وقتها حديثة عهد بمهنة الصحافة، كنت مرافقة لوفد صحافي أوكلت له مهمة تغطية الحملة الانتخابية للقائد “عبد العزيز الحلو” عندما كان مرشحاً لمنصب والي جنوب كردفان منافساً لمولانا “أحمد هارون”، طفت برفقته الولاية جبلاً جبلاً، وقرية قرية، وكنت سعيدة بأن أتيحت لي فرصة تاريخية بزيارة مدينتي كاودا وبحيرة الأبيض.. سحرتني تلك الطبيعة الخلابة، والناس البسطاء المتمسكين جداً بتراثهم وثقافتهم الأفريقية الأصيلة، وحياتهم التي تسير بوتيرة متلاحقة كعقارب الساعة، كانوا وقتها يرفلون في نعيم (نيفاشا) قبل أن تصم آذانهم أصوات المدافع اللعينة مرة أخرى، وتستحيل حياتهم جحيماً لا يطاق.
جنوب كردفان هي هبة الله لنا، جغرافيتها تغازل أفكارنا وتراودها، تستحق تلك المنطقة أن تكون قبلة للسياحة خاصة في فصل الخريف، ولكن لابد من اشتراطات لتحقيق هذا الحلم قريب المنال.
تفتقر المنطقة للبنى التحتية، الطرق متهالكة، ربما دمرتها الدانات التي تسقط بين الفينة والأخرى أوقات الحرب، وتنعدم المصارف التي تفرغ مياه الأمطار خارج المنطقة السكنية، بالرغم من المصارف الطبيعية التي حباها الله بها، إلا أن مدينة كادوقلي عاصمة الولاية بحاجة لشبكة مصارف معمولة بعناية فائقة تفرغ مياه المطر الكثيفة التي تتجمع على شكل برك كبيرة تقضي بها الضفادع وقتاً طيباً كل ليلة، وتصبح مسرحاً عبثياً للبعوض وتبعاته من أمراض.
– نواصل-