مسألة مستعجلة
خسائر الخريف.. السلطات آخر من يعلم!!
نجل الدين ادم
كعادة الجهات المسؤولة، دائماً ما تجدها متأخرة في رصد الخسائر والإلمام بالمعلومات في حالات الحوادث والكوارث، فتجدهم بعيدين كل البعد عن واقع الحال، تكرر هذا المشهد أمس الأول، في حصر خسائر الأمطار والأعاصير التي ضربت العاصمة الخرطوم، فبينما رصدنا في صحيفة (المجهر) عدد (17) حالة وفاة، كانت غرفة الخريف تتحدث عن وفاة شخص واحد ولا خسائر في الممتلكات!
ما رصدته الصحيفة رغم حجم الجهد الكبير، إلا أنه لم يكن شاملاً، ولو قدر لنا التواصل مع كل مناطق العاصمة الخرطوم، بذات الكفاءة لكانت أعداد الخسائر في الأرواح أضعافاً مضاعفة مما رصدناها من مصادر مباشرة ولصيقة، وذات الغرفة الحكومية ستقول لك وبلا استحياء إن الخسائر وفاة شخصين. مفارقات غريبة تكشف عجز السلطات المسؤولة عن رصد الخسائر والوصول إلى مواقع المتأثرين ميدانياً، ربما يقول قائل: إن أسر هؤلاء الضحايا لم يقوموا بالتبليغ الجنائي عن حالات الوفاة أو التبليغ الإداري بالخسائر، فحن نقول إنها حجة مردودة، بل إنها تلقي باللوم أكثر مما كان، إذن كيف للسلطات المحلية والمناط بها تقديم الخدمات للمواطنين وتذليل الصعاب والوقوف معهم ميدانياً عند المحن وتقديم العون، أن تكون بعيدة.
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فقبل شهر من الآن وعندما كانت (الصحيفة) في سرادق عزاء في حي العزبة الذي توفي فيه (9) أشخاص بالإسهال المائي، كان وزير الصحة بولاية الخرطوم، يحدث نواب المجلس التشريعي بأن حالات الوفاة بالإسهال المائي حالة واحدة فقط!
يتحدثون عن غرف متخصصة تضم كافة الجهات ذات الصلة، ولكن معلوماتهم التي تخرج لا صلة لها بأرض الواقع، هذا هو المشهد الآن في كل محنة.
ما فائدة هذه الغرفة إن لم تكن اللجان الشعبية التي تمثل حكومات قاعدية، جزءاً من هذه الغرفة، مسؤولية اللجان لا تتوقف على كتابة شهادات السكن أو رصد المنازل، بل ينبغي أن تكون ملمة بكل التفاصيل عما يحدث في الأحياء، قصور اللجان عن دورها لا يعفي المحليات من مسؤولية المعلومات المغلوطة والتي بات المواطن يتعامل معها باستهجان، فإذا أعلنت الغرفة أو الجهة الرسمية حجم أي خسائر، فإنه يقوم بمضاعفة عددها عشرة أضعاف، هل يعقل أن يفقد المواطن الثقة في السلطات المحلية والتي من أوجب واجباتها إعانته في محنته.
مطلوب من ولاية الخرطوم أن تعيد النظر في تشكيل غرف الطوارئ الخاصة بالأمطار أو أي من الكوارث الطبيعية، بحيث تكون معلوماته ميدانية لا تنتظر بلاغاً من زيد أو عبيد، فهكذا ينبغي أن يكون الحال، مطلوب من المحليات أن تفعِّل اللجان الشعبية لتكون جزءاً أصيلاً من آليات الحصول على المعلومات الحقيقية وليست مضابط الدفاع المدني أو أقسام الشرطة، لأنه وببساطة يكتفي من فقد قريباً له بصعقة كهربائية مثلاً، بمواراة جثمانه دون التبليغ عن ذلك، وحتى لا تغيب عن الدفاتر الرسمية هذه المعلومات، فعلى اللجان الشعبية أن تكون حاضرة في هذه اللجان الفرعية.. والله المستعان.