رأي

مسألة مستعجلة

(الصحافة).. عرائض جنائية بالمجان!!
نجل الدين ادم
قبل أكثر من شهر أوردنا في صحيفة (المجهر) خبراً بعنوان (مصرع عامل بمصنع (بلك) بصعقة كهربائية)، نقله المحرر النشط “محمد أزهري”، ربما لم يقف أحد في تفاصيل الخبر خصوصاً وأنه وقع في منطقة طرفية بولاية نهر النيل بجانب أنه لم تكن هناك من ملابسات سوى إهمال العامل، لكن المفاجأة كانت أن الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة تعاملت مع الخبر كعريضة جنائية وحققت في أصل الحادثة، واذا بها – أي الشركة توافي الصحيفة قبل يومين بتوضيحات وافية بشأن الواقعة، وتقول إنه وبعد تقصي موقع المصنع المشار إليه داهمت قوة برفقة مهندسين من الشركة الموقع واتضح أن المصنع يستخدم توصيلات عشوائية من الجار المجاور، ولكم أن تتخيلوا أن الموقع المستعمل حالياً لمصنع البلك لا توجد به عدد كهرباء، وفي ذلك اتخذت الشركة الإجراءات اللازمة ضد المصنع.
سبق وأن وجهنا لهذه الشركة انتقادات شديدة على بعض أوجه القصور في تقديم الخدمة من مبدأ المصلحة العامة، ولكن الشركة ضربت مثلاً فيما ينبغي أن تقوم به أي مؤسسة تقدم الخدمة للجمهور من دور في التفاعل مع ما تكتبه الصحافة ويثيره الجمهور عبرها، وهذا يعكس تقدير الشركة لدور الصحافة في كشف مواطن الخلل، سيما وأنها شكرت الصحيفة على الخبر في كونه نبهها لاختلالات. والشركة تقول في خطابها (نفيد، سيادتكم بأن الحادث نجم عن الإهمال والتوصيل العشوائي غير القانوني وسوء التوصيلات الداخلية وكانت المعلومات المنشورة عوناً لنا.. مع تمنياتنا بمزيد من التعاون وتوضيح أسباب الحادث لإظهار مخاطر التوصيل العشوائي)، وقد حرصت على ايراد هذا النص لأعكس حجم التعامل الحضاري للشركة والذي ينبغي أن يكون ديدن أي مؤسسات خدمية.
مؤكد أن شركة الكهرباء استفادت بشكل كبير من ما نشرته الصحيفة في كشف هذا الإخفاق وفي التنبيه بأن هنالك من يخالفون القانون ويسعون لنيل الخدمة عبر طرق ملتوية مثل التوصيل العشوائي دون النظر للعواقب التي يمكن أن تنتج من هذا التصرف والذي اودى بالفعل بحياة نفس بشرية غالية كرمها الله، إلا أن ضعاف النفوس يأبون.
شكرا لكم شركة توزيع الكهرباء على هذا التعامل الراقي وإن كان هناك من لوم أخير فهو تأخير هذه المعلومات والتي حتماً أن الصحافة تتعاطى معها بمهنية عالية لتلفت نظر المواطنين إلى خطورة التوصيلات العشوائية، ليس خوفاً في تعرض صاحب هذه المصانع للمساءلة القانونية فحسب بل في مخاطر إزهاق الروح البشرية.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية