أخبار

لجنة التشاور

تنعقد اليوم بالخرطوم لجنة التشاور السياسي بين السودان ومصر برئاسة وزير الخارجية “إبراهيم غندور” الذي يرأس الجانب السوداني والسفير “سامح شكري” وزير الخارجية المصري في جدول أعمال لجنة التشاور التي أقرها الرئيس “عمر البشير” و”عبد الفتاح السيسي” في لقائهما الأخير لتضطلع هذه اللجنة بمهام محددة وهي البحث عن توافق وحل لقضية المعدنين السودانيين المعتقلين من قبل السلطات المصرية والانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها والاتهامات المتبادلة بين القاهرة والخرطوم، ولم تنفك السلطات المصرية من توجيه الاتهامات للسودان بإيواء الجماعات الإسلامية وخاصة الأخوان المسلمين الذين كانوا يحكمون مصر فانقلب عليهم “عبد الفتاح السيسي” وأحالهم للسجون وأزاحهم من المشهد السياسي بحظر نشاطهم ومنعهم من حق التعبير والحياة السياسية وتتهم الخرطوم من جهتها السلطات المصرية باحتضان المعارضة وتقديم مساعدات لوجستية لمتمردي دارفور.. عطفاً على قضية احتلال السلطات المصرية لمثلث حلايب وهي القضية الأكثر تعقيداً والأسهل حلاً في ذات الوقت إذا ما تجاوزت لجنة التشاور السياسي فقدان الثقة.. وظلال الإعلام المصري السالب الذي يشحن صدور السودانيين بانحداره لأسفل قاع الخطاب الإعلامي.. ورغم التوتر الشديد في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة والحرب المعلنة اقتصادياً بين الدولتين إلا أن دروب التواصل بين الحكومتين ظلت مفتوحة ولم تنقطع محاولات ردم الهوة العميقة التي تمردت إليها العلاقات.. ويحسب للرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” تواصله مع الرئيس “عمر البشير” في كل منعرجات العلاقة خلافاً لحقبة الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك” التي شهدت توترات أعمق وبوادر حرب علنية بعد اتهام القاهرة للخرطوم بمساعدة مجموعة نفذت عملية اغتيال مزعومة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منتصف تسعينيات القرن الماضي.. وشكل “عبد الفتاح السيسي” حضوراً في الخرطوم بزيارات ودية وعف لسانه عن الإساءة للسودان خلافاً لمنهج رؤساء مصر السابقين ورغم ذلك توقفت العلاقات بين البلدين في محطة الحرب الباردة.. وتبادل الأذى.. الخرطوم قطعت رئة مصر الاقتصادية وحظرت دخول المنتجات الزراعية ولكنها لم تذهب باتجاه تغيير وجهة السودانيين العلاجية من مصر إلى بلدان عربية أخرى، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي والقاهرة من جهتها سخرت علاقاتها العربية والدولية في الأضرار بالسودان حتى في قضية الحصار ورفع العقوبات وقفت مصر إلى جانب الجاني ضد الضحية.
لذلك تشكل اجتماعات لجنة التشاور السياسي بارقة أمل ضعيف وضوء خافت في آخر النفق لإمكانية الوصول لاتفاق سياسي ينقذ العلاقات من التدرج أكثر إلى قاع الهاوية.. وبالنظر إلى الإرادة السياسية التي تقود لجنة التشاور فإنها بالطبع مؤهلة لإحداث الاختراق المطلوب سواء من جانب السودان أو مصر، فالبروفيسور “إبراهيم غندور” يتمتع بثقة الرئيس “البشير” المطلقة وما يقرره وزير الخارجية لا معقب له في داخل الحكومة السودانية، ومن جهة مصر فإن “سامح شكري” يعتبر الساعد السياسي للرئيس “عبد الفتاح السيسي” وما يقرره في شأن أي قضية لا مرد له عند الرئيس المصري.. لذلك من حيث التفويض والإرادة وشمولية تمثيل الأجهزة التنفيذية والأمنية والعسكرية، فإن لجنة التشاور في كامل الأهلية لإحداث الاختراق الذي ينتظره الشعبان لتجاوز حالة الاحتقان الحالية.. إلى فضاء التفاهم وإدارة المصالح بفقه العزائم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية