والي جنوب كردفان الجنرال "عيسى أبكر" في حديث صريح مع (المجهر) (١-٢)
هذا ما حدث داخل الحركة الشعبية و”الحلو” أقرب لينا من “عرمان”
البندقية فشلت ولذلك اتجهنا للسلام . لا مستقبل للبندقية في كل السودان
نغني ونحصد ثمرة الاستقرار وهذا موقف المواطنين من النزاع
عام ونصف منذ أن توقفت الحرب في جبال النوبة أو جنوب كردفان
*صمت السلاح عن القعقعة وحصد الأرواح، ولكن لم يرخ السلام سدوله بعد، على تلك البقعة من أرض السودان التي شَقِيَت بالحرب كما لم تشق منطقة أخرى من الوطن، كيف تتوقف الحرب ولا يحل السلام ؟.
لأن قرار وقف إطلاق النار من طرف واحد هي الحكومة.
*ولم تخرق الحركة ذلك الوقف للظروف التي تحيط بها، ولذلك بعد أن وقف إطلاق النار اشتعل جسد الحركة بصراع داخلي بين قادتها لا يعرف إلى أين يقودها ؟.
(المجهر) استنطقت الجنرال د. “عيسى آدم” والي جنوب كردفان في حديث هو الأول للرجل منذ تفجُّر الصراع داخل الحركة وهو القريب من الأحداث، بل صانعها ومؤثر جداً في مساراتها.
“عيسي آدم أبكر” سياسي عميق الرؤيا واسع الاطلاع مفتوح الذهن رغم خلفيته الأمنية والعسكرية يبسط المعلومات حتى يبدو سياسياً أكثر منه عسكرياً في مسيرته الناجحة في قيادة ولاية شديدة التعقيد ظل داعية سلام وحوار، لذلك ارتاحت أذان المركز من تململ السياسيين المعهود في تلك المنطقة من الولاة المتعاقبين تحدث عن حزمة قضايا فماذا قال:
حوار – يوسف عبد المنان
*الأوضاع الأمنية في الولاية؟.
كما ترون الوضع الأمني في ولاية جنوب كردفان والولاية تعيش أمناً وسلاماً واستقراراً.. وبصراحة شديدة أستطيع أن أقول باعتباري ضابط أمن لسنين طويلة تدرَّجت في العمل الأمني بداية برتبة الملازم إلى رتبة اللواء، وهذا يعني أن لديَّ خبرة كبيرة في المجال الأمني، ولديَّ خبرة كبيرة جداً في ولاية جنوب كردفان باعتبار خبراتي السابقة في هذه الولاية وباعتباري كنت أدير الملف في جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ولديَّ معلومات كثيرة عن الجيش الشعبي والحركة الشعبية، لأنني كنت مدير الإدارة السياسية في جهاز الأمن الوطني وأعرف طريقة الحركة الشعبية والجيش الشعبي وتفكيره وكل هذه المعلومات وهذه التفاصيل عندما حضرت والياً لهذه الولاية قررت أن أستفيد من هذه الخبرات حتى تنعكس إيجاباً على ولاية جنوب كردفان، وبصراحة حاولت محاولة كبيرة أن لا أفكر تقليدياً لمعالجة قضايا الأمن في ولاية جنوب كردفان، التفكير التقليدي أن تجهَّز جيوش وتحارب الجيش الشعبي حتى تصل هذا هو التفكير الذي يتبادر إلى ذهن أي إنسان، لكن أنا افتكر الأسلوب العسكري صحيح إلا إذا فرض عليك.. يفرض عليك أنت صاح ..ونحن الآن نجهِّز منذ سنين في عدتنا لمواجهة أي حرب من الحركة الشعبية وهذا طبيعي أن تكون جاهزاً.. لكن أنا فهمي منذ حضوري للولاية أن السلام لا يمكن أن يتأتى بالحرب.. باعتبار أن هذه حرب عصابات ولدينا دراسات وتجارب أن حرب العصابات هي (اضرب واهرب) بأقل قوة ممكنة..أنت قد تقول الجيش الشعبي ستة آلاف أو عشرة قتلت منهم خمسة آلاف وبقي ألف ستظل حكاية (اضرب واهرب).. وأنت لن تصل إلى سلام.. وهذا يعني عصابة صغيرة يمكن أن تقطع لك طريقاً في الشارع الرئيس في الأبيض أو كادقلي أو العباسية أبو جبيهة .. وبالتالي أنا أفتكر أن هذه الخبرة جعلتني أصلاً لا أميل للسير في الجانب العسكري .. ولا يوجد أحد رآني ألبس (كاكي) باعتبار أنني حاولت الاستفادة من خبراتي لتنزل سلاماً واستقراراً، وهذه لا تتأتى إلا بالعلاقات المباشرة مع القيادات والمتمردين وحاملي السلاح .. وهذه ليست بالضرورة أن يباشرها الوالي نفسه صحيح الوالي لابد أن يكون لديه علاقات لكن الهدف الأساسي أنك بدل أن تجيِّش الناس نحو الحرب والتدريب .. أفضل أن تجيَّش الناس نحو السلام .. حشد الناس نحو السلام يحتاج منك في الأول أن تجمع الناس وتخبرهم برؤيتك، وأنا جمعت معظم مواطني جنوب كردفان، مثلاً كل الإدارة الأهلية، والإدارة الأهلية ليست كلها الأمراء، وكذلك الأحزاب السياسية وقيادات المجتمع في الولاية والشباب والطلاب والمرأة وغيرهم من الناشطين في الولاية وفي قاعة “فيصل” وطرحت لهم سؤالاً كبيراً، أنا افتكر أن الحرب لا جدوى منها، ونحن نحارب سنين طويلة ولم نحسب قضية الحرب الآن دعونا نطرح طريقة جديدة، أننا نريد سلاماً ولا نريد حرباً، ونحن كناس ولاية جنوب كردفان .. نحن كمواطنين هذه المرة نريد سلاماً مع الجيش الشعبي ونطرح هذه القضية ونجعلها سلوكاً بالنسبة لنا، وفيه نلغي ألفاظ الدانة ولا المهانة كلها نلغيها في لجنة الأمن، نلغي حكاية طابور خامس والمعلومات التي نجدها من الناس هي عدد القوات وتسليحها وأماكنها الآن بالأقمار الصناعية وصلنا لمرحلة من الإمكانات والتقنية، أنا باللاتوب أعرف ماذا يدور في “كاودا” يبقى أن المعلومة أسهل شيء أن تعرفها وتحرِّك القوات وتحرَّكت من سردبة وجاءت كل هذه التفاصيل.
{ يعني الوسائل التقليدية ؟.
ولا استجوابات، الناس ذات قيمة بحكم خبرتي الأمنية.. هذه الأمور غير متاحة لشخص عادي يفتكر أن متمرداً يمكن يعطيك معلومات ويمكن القول إن “يوسف” في كادقلي اتصل بقريبه في الحركة الشعبية.. الفهم التقليدي للتجسس للتعامل مع العدو ولتجميل المصادر ، هذه تجاوزتها لخبرتي الكبيرة فيها، وأستاذاً فيها وأدرِّس في أكاديميات الجيش والشرطة، طيب ما أريد أن أصل أن نغيِّر أدبياتنا وأسلوبنا وأنت تصل بالناس لمرحلة السلام، إذا لم تنزع الحرب من داخل النفوس والحرب حالة نفسية والسلام حالة نفسية، إذا أردت لشخص أن يتلبَّس الحرب كحالة نفسية يمكن أن تلبسه الحرب كحالة نفسية ولو نزعت هذه المسألة من داخله وصنعت السلام داخل الشخص مثلما نصنع الأشياء الأخرى ..واحدة من الأشياء التي وجدتها معشعشة في نفوس المواطنين أن البلد غير مستقرة ولا يوجد سلام وسيقصفون كادقلي وغيرها .. نحن بصراحة كحزب المؤتمر الوطني وأحزاب سياسية وكمواطنين اتفقنا أن أدبيات الحرب وألفاظها نشيلها من أنفسنا ونبدأ نتحاور مع المتمردين. طيب ماذا حدث بالضبط .. أصبحت هنالك ثقة للمواطن ليتواصل مع أهله .. أنا مثلاً رئيس المجلس التشريعي لديه عمه توفى، وقال لي: الآن من التمرد في ناس جو يعزوني .. “بشارة جمعة” قال لي: نقيب ورائد من الحركة جاءوا وعزوه في قريبه .. وصلنا مرحلة الناس كسبت ثقة .. قلنا لهم يا جماعة المناسبات تحضروها الأعراس والبكيات.. ووصلنا لمرحلة أصبحت علاقات اجتماعية رهيبة .. مناطق الكواليب والغلفان وصلوا مرحلة أنهم اتفقوا بما أنه ليس هنالك طابور خامس أن يتواصلوا.. في الدلنج فتحنا ممرات والنساء يأتين للعلاج ووصلنا مراحل بعيدة، الآن أصبح الناس من التمرد وحصلت لنا في الدلنج المرأة يجهزوها ويزفوها لعريسها في التمرد.
{ هذه المسألة لم تكن مزعجة بالنسبة لكم؟.
لا، ليس هنالك أي إزعاج .. الطريق القومي حجر جواد والمناطق التي تمرون بها هذه المناطق بعد المغرب كل الناس يأتون، الأطفال الموجودين في الأسواق آباؤهم متمردون.. نحن عارفين مثلاً حجر جواد لو عملت ليها كردون يمكن أن أقبض مائة متمرد، لأني أعرف أنهم يأتون بعد المغرب وهم منهم عدد من القيادات يعملون حماية للطريق القومي .. حتى مرة من المرات الغلفان قالوا كلموا الوالي أن أهل ناس “يوسف” والعرب والجماعة ديل ما يعملوا جريمة يجوا يقولوا ديل المتمردين.. وكلمنا “بقادي” وعمل مؤتمر كبير في الحمادي وطالبهم بذلك .. والآن لو لاحظتوا في الطريق القومي لا يوجد نهب ولا قطع طرق وهذا كله باتفاقات غير مكتوبة، ولكن ضمنياً هم يفهموها ونحن نفهمها وأنا كثيراً أقول إن كادقلي هذه لن يقصفوها .. هذا الأسلوب وصل الناس لقناعة أن السلام تحقق على الأرض ..لكن في ناس بتصلوا بقائد الجيش ويتصلوا بي أنا وهم قيادات ورتب عسكرية في الجيش السوداني أصبحوا متمردين يتصلوا بدفعتهم في الجيش بأن هذه الطريقة هي التي تأتي بالسلام، وقالوا نحن نكره الاستفزاز والإساءات طالما هذه الأشياء ما في ..الآن في عدد كبير حول “عبد العزيز الحلو” منهم، وهذا ما جعلنا نقابل خطوة الانشقاق الذي تم من “عبد العزيز الحلو” بأنها هي التي تأتي بالسلام.
{ هل خطاب “عبد العزيز الحلو” خطاب سلام؟.
خطابه لكسب المفاوضات تكتيك تفاوضي، هو يعرف أن جبال النوبة يمكن أن تنفصل، وهو أقرب للسلام بألف مرة من مجموعة “ياسر” لأن الناس الذين حوله يريدون سلام و”عبد العزيز” ليس لديه بعد خارجي حتى في أيامه مع “عقار” و”ياسر” ليس لديه اتصالات وفي فترة من الفترات انعزل وهو مربوط بالجيش والعساكر، يعني ليس لديه هوس أمريكا وبريطانيا، وحتى الجنوب ليس لديه به ارتباط وهو مربوط بالخلاء والجيش ..والآن الناس سئمت الحرب ونحن الآن وصلنا مرحلة يأتينا في اليوم أكثر من (200) في اليوم، ووصلنا مرحلة أصبحنا يرهقنا تقديم الخدمات لهم .. أكثر من ذلك قيادات الجيش الذين يمنعون الناس أن يدخلوا مناطق الحكومة باعتبار أنه سيفرغ الحركة من الناس والشعب .. الآن القائد يدفع بأهله وأسرته إلى أقرب منطقة فيها جيش ويطلب منهم الذهاب ..مثل هذه الأشياء أمَّنت القرى والمدن والزراعة، هل تتخيل أن جنوب كردفان العام قبل الماضي (2) مليون فدان، والعام الفائت (3) وهذا العام سنزرع (4) ملايين، والآن كل مزارع الحمرة والأزريق كلها مشاريع شغالة. الشرقية أصبح ليس فيها مشكلة .
{ هل لديكم أي اتصالات مع “عبد العزيز”؟.
“عبد العزيز” ليس لدينا معه اتصالات ولكن مع قيادات معه في كل المناطق.
{ هل هو سيطر على مناطق الحركة بالكامل؟.
هو سيطر بالكامل لا يستطيع لا “عقار” ولا “ياسر” الدخول إلى مناطقه .
{ هل يوجد أبناء نوبة مع “ياسر” و”عقار”؟.
يوجد، ولكن بتحفظ حتى الناس الذين معه متحفظين ولا يستطيعون الإعلان و”عبد العزيز” يعمل بذكاء، أن مثل “أردول” وغيرهم لديهم ولاء لـ”ياسر عرمان” ولم يتعامل معهم .
{ بالرغم من أنه طاف المناطق؟.
نعم، طاف كل المناطق وطرح لهم أفكاره.
{ ألم يعمل أي تغييرات في قيادات الجيش؟.
لا، لم يعمل وكل ما يقال ليس حقيقة وكل القيادات في مناطقها.. وحتى الآن هو يدرس في الموقف ويشرح سياسته الجديدة ويكسب ولاءات، لكن بصراحة الجيش الشعبي موالي لـ”عبد العزيز”.
{ هل لديه أي تحركات ذات طبيعة قتالية أو تحضيرات لمواصلة القتال ؟.
يعني، مثلاً آخر زيارة في إحدى المناطق واحد من السلاطين قال له: يا “عبد العزيز” نحن ناس سلام وسئمنا الحرب ولا نريد الحرب يعني كلام مشهور ومعروف إذا أنت تريد غير ذلك نحن ما ناسك .. هو قال ليهم أنا أريد التعارف معكم ونناقش هذه المسائل فيما بعد .
{ أنا أقصد داخل الجيش الشعبي؟.
هؤلاء جيش شعبي.
{ أنت ما متخوِّف من أن تتحوَّل إلى كيان عنصري؟
أنا كشخص في الميدان ولديَّ علاقات معهم لن يتحوَّل إلى كيان عنصري، لأن عدداً كبيراً منهم قالوا الدينكا أربعة ملايين في الجنوب وهؤلاء الأربعة ملايين قال انظروا مصير الدينكا في الجنوب . والدينكا الآن كل قبائل الجنوب لديهم رأي ضدهم .. وبالتالي القبائل كثيرة في السودان وفي التمرد والنوبة ليست قبيلة واحدة ولا يربطهم لا دين ولا لغة ..والواعين فيهم قالوا لا يمكن أن يحصل لنا مصير الدينكا.
{ أنت موجود في جنوب كردفان وهؤلاء مواطنين وتأتيك معلومات كثيرة الحركة الشعبية في آخر انتخابات وجدت كثيراً من الأصوات حتماً المواطنين هؤلاء موجودين من خلال آراء هؤلاء هل ترى أنهم أقرب لـ”عبد العزيز” أم “عرمان”؟
لا أقرب لناس “عبد العزيز” المواطنين عامة بالدعاية التي تمت وشغل الحركة الشعبية جبال النوبة أصبحوا يكرهون “ياسر عرمان” و”مالك عقار”، هنالك شحن حدث ليس فقط للنوبة، ولكن كل مواطني جنوب كردفان يكرهون “ياسر عرمان” وهو الذي جعل السلام لا يتم . ويتحدث عن الحرب ولم يساعدهم في الحرب ويتحدث عن مساعدات إنسانية في حين أن الجوع كله في مناطق الحركة الشعبية، ولم يقدموا لهم دعماً ولا سلاحاً ولا يوجد تعويض للجيش الشعبي، والآن العالم كله وقف ضده.