العاصمة تختنق مرورياً .. من كبري الحرية إلى مستشفى الخرطوم ومن "المك نمر" إلى حديقة التجاني
لم يجد “مصطفى عباس عمر” – 56 عاماً – الذي يتوكأ على عصاتتين صناعيتين، حلاً لأزمة الاختناق المروري بوسط الخرطوم سوى أن يترك مقعده في الحافلة ظهر أمس (الأحد)، وسط ارتفاع درجات الحرارة، ليسير بصعوبة بالغة وخطوات مثقلة بالهموم ليقطع كبري (المسلمية) الذي تم إغلاقه لأغراض صيانة الطريق بطبقة أسفلت جديدة تعالج عورات الطريق القديم.
وقال “مصطفى”، الذي كان يصطحب معه ابنه محمد، لـ (المجهر) من، فوق الكبري: (جئت من مركز جابر أبو العز لمرضى السكري ومتوجه الى صيدلية بالقرب من مستشفى الخرطوم، ووجدت الكبري مغلقاً، لذلك أقطعه سيراً على الأقدام، أنا ماشي لأم ضوبان وعايز أركب مواصلات من استاد الخرطوم). وعلى الرغم من الإرهاق الذي يبدو عليه إلا أن مصطفى يقول: (هذا شغل تمام، ينظموا الطريق ويصلحوه، وأنا ما زعلان، يعني شنو ساعة أو ساعتين تكون هنالك زحمة)؟
وشهد شارع “المك نمر” مع تقاطع “السيد عبد الرحمن”، بالإضافة إلى الشوارع المؤدية إلى كبري المسلمية ومستشفى الخرطوم التعليمي وصولاً إلى شارع بيويو كوان، شهدت زحمة مرورية واختناقاً أدى إلى تعطل الحركة وتأثر مناطق قريبة منها حتى الخرطوم (2) والخرطوم (3) وحتى حديقة التجاني يوسف بشير، وشاهدت (المجهر) دورية لشرطة المرور، بقيادة المساعد “إدريس إبراهيم”، ومعه جنود المرور المنتشرون في هذه المنطقة، يحاولون بكل اجتهاد أن ينظموا حركة السيارات المتكدسة بالعشرات في طرق الخرطوم الضيقة.
ويقول الصيدلاني “أحمد عبد المولى” لـ (المجهر): (أنا أسكن بالقرب من كبري المسلمية، وقبل يومين فوجئنا بأن آليات الطرق جاءت لتنظيف الشارع، وقفلوا الكبري، ومن المفترض أن يتم هذا العمل ليلاً أو يتم في أيام العيد بأجر إضافي). وأضاف، وهو ينظر للعربات التي تسير بصورة بطيئة جداً وقد بدأ الضجر يخرج من السائقين مع أصوات التنبيه العالية: (عدم التخطيط الصحيح لرصف الشارع وتوقيته الخطأ أدى إلى هذه الزحمة والضيق الحاصل ده)، وعلى طريقة السودانيين في تفسير رصف الطريق قال أحمد: (كل هذا من أجل الاستعداد لفتح الموقف الجديد للبصات أمام مسجد شروني، لقد تضررنا من الإزعاج والضجيج وما تبعثه عوادم العربات من أدخنة وروائح)، ويختم قوله: (نحن نعاني من السكة الحديد، هنالك إزعاج دائم وتشقق للمباني من حركة القطارات) .
ويدافع مدير المشروعات بشركة الخرطوم للطرق والجسور، عبد الله عبد الدائم، عن الاتهامات وهو ينظر إلى الآليات تعمل بكل جهد لتفادي سخط المواطنين: (مافي إضاءة في هذه المنطقة، والعمل يحتاج إلى أنوار، وهنالك أيضاً مستوى محدد لمقاييس انسياب المياه لتصريفها، وهذا العمل يحتاج إلى ضوء النهار بواسطة نظارة ولا تستطيع أن توزنها بالليل).
ويؤكد عبد الدائم أنهم يعملون أيام العطلات، ومنذ يومي الجمعة والسبت الماضيين، ويضيف بالقول: (وسنواصل العمل في جسم كبري المسلمية حتى لا يكون هناك اختناق مروري اليوم، وهذا العمل يحتاج إلى (4) أيام أخرى)، وأبدى عدم علمه عن الهدف من رصف الطريق وتجديده، وقال:( الأهداف تحددها وزارة الطرق، ونحن نقول للمواطنين: أبشروا الزحمة ليوم واحد فقط، واليوم الاثنين ستكون الحركة طبيعية من الكبري الى شارع المك نمر ما في زحمة).