حوارات

إمام الأنصار "الصادق المهدي" لـ(المجهر السياسى) 2-3

للأسف الفقهاء كتبوا السيرة النبوية لمنافسة أنبياء آخرين بالعجائب والغرائب
القوة الناعمة سبب الانتشار وفتح مكة كان شبه تظاهرة شعبية
هذا برنامج قاسٍ جداً وأحياناً أقود سيارتي وحدي لزيارات غير مبرمجة
“منصور” ضلّل “قرنق” بحكم السودان لأنه قفز فوق الواقع السوداني
أنا الكبير في بيت “المهدي” وهناك متمردون
حوار – صديق دلاى
{ كيف تقرأ السيرة النبوية؟
_ أنا قرأت تقريباً كل كتب السيرة النبوية، وملاحظتي المهمة أنها (كلها) كتبت بعد (100) سنة بعد وفاة الرسول “صلى الله عليه وسلم”، وللأسف كتب السيرة قدمت السيرة بمنطق الفقهاء لتحاول منافسة سيرة الأنبياء الآخرين فنسبت غرائب وعجائب حتى يكون مثلهم في تلك الصفات؟
{ نشرح أكثر؟
_ السيرة كتبت في زمن أولويات مارشالية ومحاربة الإمبراطوريات القديمة، فكتبت بصورة ترسم صورة الرسول “صلى الله عليه وسلم” كغازٍ وسميت بالفعل (المغازي).
{ أين بيت القصيد (بصراحة واختصار)؟
_ النتائج كانت سجالاً يَهزِم ويُهزَم، وسبب الانتصارات كان القوة الناعمة وليس القوة العسكرية (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا).
{ كان ذلك فتح مكة؟
_ فتح مكة كان أشبه بتظاهرة شعبية.
{ الحروب كان لها مبرر في ذلك الوقت؟
_ لم تكن حروباً سياسية وليست لنشر الإسلام، وحتى يومنا هذا فأغلبية المسلمين، انظر لأكبر دولة مسلمة (إندونيسيا) أسلمت سلمياً، وسيرة الرسول “صلى الله عليه وسلم” ليست محتاجة لعجائب ومن أهم إنجازاته أنه رسول الإنسانية، ودوره مهم في القرن الـ(21) كما كان مهماً في القرن السابع الهجري.
{ كيف تجمع النقطة الإنسانية بين المسيحية والإسلام؟
_ لديّ محاولة لكتابة (ميثاق الإيمانيين)، فالدين الإبراهيمي يجمعنا وكل الأنبياء مهمتهم التوحيد (مسلمون دا المعنى).
{ البعض يدعي أن التسامح داخل المسيحية مكثف؟
_ المسيحية فيها جزءان، هما التوراة والإنجيل، والتوراة مليئة بالدماء وحينما جاء سيدنا “عيسى” لم يقل بتغيير الناموس، وعموماً درجة التسامح في القرآن هي الأكبر وآيات التسامح أكثر.
{ البعض يفهم آيات الحث على القتال في سياق مختلف وفي مناخ الحرب العالمية على الإرهاب؟
_ آيات القتال كلها دفاعية وليس فيها هجوم.
{ هل قرأت قانون الأحوال الشخصية.. وكيف تفهم قانون النظام العام عندنا؟
_ المرأة مضطهدة جداً في تلك القوانين.
{ التطبيع بين تل أبيب والخرطوم (توقعاتك)؟
_ الخرطوم تعيش رزق اليوم باليوم.
{ لم يسمعك أحد وأنت تضحك بصوت عالٍ تقهقه… هل أنت سعيد في حياتك؟
_ أنا متفائل على الدوام ومتوازن، ومرة سألوا من يعرفني فوصفني بأنني (المهذب المعذب).
{ هل (أحياناً) تقود سيارتك بنفسك بسبب الزيارة ونوعها مثلاً؟
_ نعم.. أحياناً أقود سيارتي وحدي، والمجتمع السوداني فيه تداخل كبير. وهناك زيارات اجتماعية غير مبرمجة.
{ ربما بسبب نجوميتك السياسية والمجتمعية فأنت لا تعيش مرتاحاً تمشي سوق أم درمان وتدخل على الجيران وتتحدث “الصادق” الطبيعي؟
_ كل ما ذكرته صحيح وأعاني منه.
{ أليس ذلك نوعاً من السجن والاعتقال؟
_ بالضبط هو نوع من الاعتقال وهو برنامج قاسٍ جداً، والغريب أنني أحس بنفسي حراً في حاجتين، أثناء السواقة (بنفسي) وفي السجن، وتلك هي الأوقات التي تختمر فيها أفكاري الكبيرة، ولحسن الحظ في عهدي “النميري” والإنقاذ الحالية لم يمنعا الكتب عني في الاعتقالات.
{ ما هو الشيء الذي يحن له الإمام بتعلمه وهو عاجز؟
_ بمعنى؟!
{ مثلا أنا “دلاي” أحب الرسم وعاجز عنه تماماً؟
_ (شوف يا ابني) أنا كنت عايز في حياتي الأكاديمية أن أتقدم في الدراسة الأكاديمية الخاصة بالمجال الزراعي، ولكني ذهبت في طريق آخر.
{ لديك موقف من العسكرية؟
_ بالعكس تربيت على أسس عسكرية وأحترم العسكرية جداً، لكن أن تبتعد من العمل السياسي ولذلك أنا دائماً ضد الانقلابات.
{ (لسع) لم تفتر من ذكر التفاصيل الفرعية؟
_ (لا) لم أفتر لأنني لا أتكلم بأجندة غريبة عن ضميري وأخلاقي ومبادئي.
{ ربما الإرهاق جراء السنين والسنين؟
_ ما مرهق.
{ هل تجد نفسك أحياناً في مجلس عادي تعتز بكونك من العباسية؟
_ نعم، أعتز أنني من العباسية الوطن الصغير.
{ وكيف تبدو أم درمان القديمة في هذه الظهيرة من عام 2017؟
_ كل العبقرية السودانية تفتقت من هنا ومن تجليات أم درمان القديمة.
{ عمتك “فاطمة عبد الرحمن” تنتقدك كثيراً لكنها تحبك جداً؟
_ هي عمتي.
{ وقالت لي إن بيت “المهدي” يفتقد للكبير؟
_ نعم، للأسف هناك اختلافات كثيرة.
{ وبيت “المهدي” يفتقد للكبير (رأيك)؟
_ أنا أعدّ نفسي (الكبير).. ومن يقولون ذلك أحسبهم متمردين.
{ مشاكل القبة على الخط؟
_ أبناء الإمام “المهدي” الحقيقيون يستحقون الدفن بها، وأفكر في حل المشكلة باختيار (جبانة) جديدة.
{ أنت و”منصور خالد” على خصومة مستمر ويذكرك في كتبه “صادق” غير معرف (أيه الحكاية)؟
_ “منصور” من مدرسة مختلفة جداً، هو من مدرسة فيها (جفوة لكل ثقافتنا) السودانية الإسلامية العربية وأنا أمثل رمزاً لتلك الثقافة السودانية، وللأسف لعب “منصور” دوراً مهماً كوسيلة ليهزم تلك الثقافة، وقال: (انتظروا أن يحكم السودان شخص غير عربي وغير مسلم) ووجد في “قرنق” ضالته.
{ ربما العلمانية هي بديل “منصور”؟
_ نعم، وبعض العلمانيين كانوا يقولوا لـ”قرنق” نحن نؤيدك من أجل الدولة العلمانية، وليس لدينا مانع في إزالة الثقافة العربية بجذورها الإسلامية.
{ تحولت المواقف لعداوة؟
_ ليست لديّ مشكلة مع “منصور” كشخص، وهو ضدي بناءً على ما أمثله من ثقافة وموقف عام بين السودانيين.
{ هل ثمة تفاصيل؟
_ “منصور” كان يكتب ردود “قرنق” على شخصي، وكنت أنبه “قرنق”.
{ من أين تأكدت؟
_ من أسلوبه في الكتابة، وواحدة من بناته اسمها “إخلاص مهدي” طبعت كل تلك الردود، وكان “منصور” يجير لـ”قرنق” أنه الشخص الذي سيحكم السودان.
{ ولكن “منصور” له طموح كونه سودانياً أصيلاً؟
_ لكن نظرته عبارة عن قفز فوق الواقع السوداني.
{ أن يحكم “قرنق” السودان.. هل هذا قفز فوق الواقع السوداني؟
_ هناك وضع اجتماعي لا يمكن القفز فوقه، يمكن تغييره أو تحسينه، ولا يمكن واحد زي “قرنق” يحكم السودان إلا بالقوة، لأن الغالبية لها واقع مختلف.
{ كان “قرنق” بحياته واثقاً من إحراز (نتصار ما)؟
_ زينوا له المشهد وضلّلوه.
{ أنت قيادة منفتحة سيد “الصادق”؟
_ نحن أقرب ناس ليه وكتب لي في 1985 وكنا نحاورهم في كوكادام يقول لي: (نحن وأنتم نمثل القوة الوحيدة التي صنعت في السودان وشعار السودان للسودانيين لو لم يكن شعاركم لقلنا به وأصبح شعارنا).
{ كان دائماً عربون تحالف؟
_ نعم، ولكنهم كانوا على الدوام يضلّلونه ليخدموا قضيتهم، وكان “منصور” يؤكد لـ”قرنق” أنه سيحكم السودان لأن الإخوانية ستنتهي والختمية بسيطة تقول لـ”الميرغني” (مولانا) وخلاص تنفك العقبة معهم والمشكلة الوحيدة هي “الصادق”.
{ بالله؟
_ باع الفكرة الواهمة.. ونسفوا الخط الإستراتيجي الذي بنيناه معهم ولا يمكن أن تنجح مساعيهم لأن الوجدان العربي الإسلامي يرفض الإلغاء الكامل، وكان خطابهم لـ”قرنق” (نقبل الديمقراطية الناقصة والعنصرية ونسلمك السودان).
{ دعنا نرتاح قليلاً بعيداً عن “منصور” و”مبارك”؟
_ تفضل.
{ هناك تاج افتراضي ينتظر أن تضعه على رأس تختاره بعناية؟
_ أي زول يمثل قيم التأليف بين التأصيل والتحديث يستحق ذلك التاج.
{ علاقتك بالجيل الرابع من بيتكم؟
_ تقصد أحفادي؟
{ بالضبط؟
_ لديّ لقاءات طويلة معهم أسبوعياً وأعطيهم قيماً معينة منها احترام الآخر ومافي أي عنف ولا أي تباهي بالأصل ومن تلك الجلسات كتبت (أيها الجيل).
{ ما الذي تخاف منه؟
_ ما يخيفني تياران، تيار الإسلامي النافي للآخر وتيار العلماني النافي للآخر وبينهما نُذر حرب أهلية، وللأسف وجود كليهما يعزز ذلك الخوف.
{ خلافة ابنك “عبد الرحمن”؟
_ (دا كلام فارغ).
{ نقطة ضعف الإمام؟
_ أعامل الناس بمقاييسي أنا، ومن باب (تلك الثقة) جاءتنا كل المشاكل وجاء بنتائج عكسية.
{ هل الذاكرة بخير؟
_ الحمد لله.
{ مرة “آمال عباس” ذكرت لي أنها كانت طالبة في مدرسة وكانت الراحلة “سارة المهدي” معلمة؟
_ نعم.
{ وجئت أنت ذات يوم وقدموا لك ضيافة (موية ساخنة) وتاني يوم أحضرت ثلاجة للمدرسة؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية