لماذا هذا الفشل
بعد أن فشلت الجهود التي بذلها د.”عبد الحميد موسى كاشا” والي النيل الأبيض في اللحظات الأخيرة لعودة طلاب دارفور لذويهم حاضنين في حقائبهم قرار الاستقالة من الجامعة.. والعودة لمعسكرات النازحين والقرى والمدن الدارفورية ونفوسهم محتقنة بمرارة الأحداث.. فإن السؤال الذي يطرح نفسه في فضاء ساحات التعليم العالي وفضاء السياسة الوطنية هل انتهت قضية طلاب دارفور بجامعة بخت الرضا؟؟ وهل عودة الطلاب بقرار جماعي لجذورهم الاجتماعية تعني فقدانهم فرص التعليم الجامعي وبالتالي يصبح خيارهم البقاء في دارفور (عطالى)، يحدقون في مناظر المعسكرات الكئيبة ويكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي قصصاً من واقع أحداث بخت الرضا.
وقرية الشيخ الياقوت.. وقصصاً من الخيال والتخيل عن العنصرية المزعومة التي مارستها السلطة نحو طلاب دارفور والسلطة المتهمة بالعنصرية (40%) منها مكون من دارفور.. ووزارة التعليم العالي رمز الفشل (يتوهط) في قلب الوزارة وزير دولة من دارفور بروفيسور “التجاني مصطفى” أحد قادة دارفور السياسيين.. والوزيرة د.”سمية أبو كشوة” تمتد جذورها الجغرافية إلى منطقة تالودي بجنوب كردفان القريبة من دارفور وجدانياً واجتماعياً.. وتمتد جذور الوزيرة إلى بحر أبيض حيث جدودها قبل هجرتهم إلى تالودي.. وللجغرافيا أثرها في أساس الإنسان وبمشكلات الإنسان لكن وزيرة التعليم العالي كانت ضيفاً على الواتساب تقرأ عن حكايات طلاب دارفور.. وموقف الجامعة الثابت من القضية ومدير بخت الرضا مثل جبل الداير لا تستطيع قوة في الأرض زحزحته من مكانه وإقناعه بالتراجع عن تشدده حتى لو كان ثمن هذا التشدد أن تنخر الأحداث في عظام البلد وهي عظام أصيبت بداء الهشاشة منذ انفصال الجنوب قبل سنوات، لو كانت وزارة التعليم العالي حاضرة في الدويم والشيخ الياقوت وتشجعت الوزيرة وذهبت لطلابها وطالباتها واختارت المبيت مع الطالبات في العراء.. وساعدت بناتها بطبخ الفاصوليا.. وتحدثت إليهن كأم وأخت ومربية لنجحت في احتواء الأزمة وأعادت الطلاب لفصول الدراسة، ولكن الوزيرة جعلت أمرها في يد غيرها.. واستمعت لأحاديث التخويف وتهويل القضية.. وتركت أمر معالجة قضية تربوية وسياسية للشرطة لتطوق الطلاب وتمنعهم من دخول الخرطوم وتفتح للمعارضة ساحة نزال تبحث عنها ولا تجدها.
وفشل وزيرة التعليم العالي في معالجة القضية لا يقل عن فشل أبناء دارفور في السلطة من كل جنس ولون.. وقد أغمض الوزراء أعينهم عن طلاب بخت الرضا.. وأمسكوا عن الحديث.. وتعثرت السيارات الفارهة ولم تبلغ قرية الشيخ الياقوت جنوب الخرطوم بنحو 45 كلم لإقناع الطلاب بالعودة لمقاعد الدراسة.. ونصيب دارفور من السلطة الحاكمة الآن أكبر من نصيب إقليمي كردفان ودارفور ومعهم العاصمة الخرطوم، ولكنه وجود في كراسي السلطة وغياب في دائرة الفعل باستثناء النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” الذي تجده في كل ساحة عطاء بحماس ورغبة، فإن بقية الذين يدعون تمثيل دارفور وجاءت بهم أزمة الإقليم المنكوب هم يمثلون بدارفور الآن!! أين قادة الحركات المسلحة الذين يسكنون الفنادق في الخرطوم ويهرعون عند تقسيم الغنائم للحديث عن مواجع دارفور وآلامها.. أين نواب البرلمان المنتخبين من الشعب والمعينين من قبل الرئيس؟؟ أين المؤتمر الشعبي الذي يسند ظهره لدارفور ويمد لسانه بدارفور وأين ولاة دارفور.. وقادتها.. والطلاب يواجهون واقعاً صنعوه في جامعة بخت الرضا.
والسؤال قبل الأخير أين حكومة الوفاق الوطني التي توالت عليها علامات الفشل الصغرى من قضية الإسهالات المائية إلى قضية تجميد كرة القدم السودانية وأخيراً فضيحة بخت الرضا.. فمتى تثبت الحكومة التي هلل لها المتفائلون بأنها قادرة على إثبات نجاحها بنفسها؟؟ ثم أخيراً لماذا يختار المؤتمر الوطني معالجة مثل هذه المشكلات من خلال أجهزة الدولة التنفيذية ولا يستخدم الحكمة السياسية والأذرع التنظيمية في درء مخاطر الصراعات الطلابية ذات الطبيعة الصدامية بالحكمة والموعظة الحسنة بدلاً من التي هي أخشن!!