رأي

بعد ومسافة

القدسُ عروس عروبتكم؟.. أهلاً أهلاً
مصطفى أبو العزائم

الشاعر العراقي الأبرز “مظفر النوّاب” لا يختلف اثنان حول ثوريته ومواقفه الناقدة لأنظمة الحكم العربية، وهو ما عرّضه للمطاردة والملاحقة والاعتقال في وطنه العراق إلى أن خرج للعيش في أكثر من بلد وتوزع ما بين دمشق و(بيروت) وعدد من دول أوربا، وقد ظلت (القدس) همه وقضية فلسطين هاجسه وتحفظ له الذاكرة العربية واحدة من أمتع قصائده التي جاءت مفرداتها تقذف بالنار في كل اتجاه بحيث لم تجعل أحداً في جانب الحياد تجاه القضية الفلسطينية، وقد جاءت قصيدته تنطق بالصدق وتثير الحماسة حتى في القلوب الميتة، لكنها – وللأسف الشديد – كانت ولا زالت وربما تظل لسنوات عديدة ممنوعة من البث في كثير من أجهزة إعلام الأنظمة العربية، والقصيدة يعرفها الناس بالاسم الذي اخترناه عنواناً لهذا المقال (القدس عروس عروبتكم).
يقول “مظفر النواب” في بعض أبيات قصيدته تلك مخاطباً القيادات العربية:
القدس عروس عروبتكم..؟
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض
فما أشرفكم!
أولاد القحبة.. هل تسكت مغتصبة
أهلا.. أهلاً.. أهلاً..
القصيدة طويلة، موجعة كلماتها مثل الشفرات الحادة تمزق القلوب وتقطِّع الحناجر، وأصبحنا اليوم في حاجة إلى أن نوزعها مثل المنشورات السرية على أن يحرك ذلك سكون المشاعر والقلوب الميتة.. علّ وعسى.
لا حديث لأي مسلم حق، أو ثائر حر سوى حديث مواقف بني إسرائيل من أهلنا في فلسطين ومقاتلة جيشهم الباغي للعزل من المصلين الذي أرادوا الأقصى لصلاة الجمعة، وقطعاً فإن من رأى ليس كمن سمع، وقد تلقيت بالأمس تسجيلاً وزعه مركز إعلام القدس، تلقيت منه نسخة على حسابي في تطبيق التويتر، كان الأكبر تأثيراً، تبكي فيه النساء وقد مُنعن من دخول حرم الأقصى يوم الأمس (جمعة الأقصى).
نحن هنا في السودان لم نكن بعيدين عن إخواننا في فلسطين، فقد غضبنا للأقصى، ولكن ما باليد حيلة ولا نملك لمناصرتهم إلا سلاح الدعاء الذي هو العبادة، وقد دعا الشيخ الدكتور “عصام أحمد البشير” في خطبة الجمعة أمس، بمسجد النور إلى الجهاد المدني لنصرة أشقائنا في فلسطين، جهاد يتمثل في المسيرات التي تعبِّر عن الوقوف مع المسلمين في فلسطين، ومساندتهم، وطالب الدول العربية التي لها صلات وعلاقات رسمية ودبلوماسية مع دولة الكيان الصهيوني – إسرائيل – باستدعاء سفرائها كي تقر عين الأمة الإسلامية.
وأوشك الدمع أن يطفر من عيني الشيخ الجليل “عبد الجليل النذير الكاروري” بمسجد الشهيد وهو يقول إنه لا يوجد حتى الآن رئيس أو ملك أو حاكم عربي قال للصهاينة إن القدس (خط أحمر).
الآن ينكشف ضعف الأنظمة وقلة حيلتها، وتبين قوة الشعوب وكل الأمة المسلمة بالرفض من خلال مسيرات الرفض لما يحدث في المسجد الأقصى بالقدس الشريف، أو من خلال البيانات والمواقف الداعمة للشعب الفلسطيني لأن الاستهداف ليس لشعب عربي فقط، إنما هو استهداف للمقدسات، واستهداف لحرم شريف.
الآن علينا أن نتجاوز تيجان الحكم وعمائم السلاطين وصولجانات القصور الرئاسية، وأن نرفع أكفنا للسماء ندعو الله وحده وهو نعم المولى ونعم النصير.. وعلينا أن نبلغ رسالة هذه الشعوب المسلمة لكل العالم: لماذا يتم إخراج شعب كامل من أرضه ليحل محله شعب بلا أرض؟
نبدأ الآن بالدعاء.. الآن ومع كل سجود في الصلوات الخمس نسأل الله العلي العظيم أن يعيد لهذه الأمة المسلمة مجدها ليبقى حتى يوم الدين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية