خربشات (الجمعة)
تمويل محطة كهرباء الباقير بصيغة ربوية حرام لقد خبرتنا وسائل الإعلام عن الآراء المختلفة التي تبودلت عند عرض تمويل محطة كهرباء الباقير بصيغة ربوية، وعرفنا من العرض الذي قدمه رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني بروفيسور “أحمد مجذوب” أن التمويل بالصيغة الربوية أجاز فتواه (مجلس الإفتاء الشرعي) على أساس فقه الضرورة. وبدءاً أسأل عن هذه الضرورة التي تبيح الحرام.. ما هي؟! أسأل هذا السؤال وأعلم أن الضرورة التي تبيح الحرام عمداً هي واحدة فقط.. وهي تلك التي تؤدي بالإخلال بواحدة من المقاصد المعلومة للشريعة الإسلامية.. فما هو المقصد الذي سيضيع بعدم التمويل الربوي الحرام لمحطة كهرباء الباقير؟!! وأعلم يقيناً أن (الربا) يترتب عليه (المحق) لا إرادياً، شاء المرابي أم لم يشأ! هذا حسب منطوق قانون الفعل المكافئ.. وهنا أسأل: هل مجلس الإفتاء الشرعي أو المجلس الوطني يملك من الأدلة والإثبات على أن فتوى الضرورة هذه تمنع سريان هذا القانون المهين؟ بمعنى أن هذه المحطة ومنتجاتها من الطاقة لن يصيبها (المحق) نظير (الربا) الذي خالط مكوناتها التمويلية؟ وهل ستسلم هذه المحطة من الأعطال أو الحريق أو عدم الكفاءء، أو تتسبب طاقتها الكهربائية المنثورة في كل الشبكة على طول وعرض البلاد في إحداث تلف أو حريق أو هلكة أو دمار يصيب بعض أو كل مكونات الشبكة؟ أو يعرض مستخدميها من المواطنين للأضرار المباشرة عليهم أو على أهلهم أو على منتجاتهم ومصانعهم التي توظف هذه الطاقة الممولة بالربا؟!
وتعلمون الآن أن التجربة الاقتصادية العالمية تتمدد لتثبت خطورة ممارسة الربا لضرورة أو لغير ضرورة، وذلك بعد قرون من الممارسة حيث عصفت بالاقتصاديات العالمية موجات مترددة من الأزمات الطاحنة الماحقة كان آخرها في العام 2008 – 2009م ولم يتوانَ دهاقنة وعلماء الاقتصاد في الدول العظمى من تحليل تلك الأزمات التي خلصوا من دراستها إلى الأسباب الرئيسة وراء عنفوانها الماحق، الذي لم يكن غير (الممارسات الربوية) وقد لاحظوا حينها أن الأموال التي كانت في قنوات المؤسسات الاقتصادية الإسلامية قد نجت من تأثيرات الكارثة، وهذا هو الذي دعاهم ليتبنوا الصيغ الإسلامية في ممارسة الاقتصاد، وسمحوا لتلك المؤسسات الإسلامية فتح أفرع ومنافذ لها في كل صقع تشاء، وهذا هو السبب الذي جعل رصيد ممارسات تلك المؤسسات ينمو خلال 15 سنة من (800) مليار دولار إلى (15) تريليون دولار.
عليه إذا تمددت الصيغ الإسلامية في المعاملات الاقتصادية إلى هذا الحجم الكبير من التمدد الأفقي والرأسي في ربوع العالم، فهل بقي لمن يفتي (بالضرورة) من عذر ألا يجد من يموله بالمرابحة، أو المشاركة، أو البناء الاسترجاعي، أو القرض الحسن أو الاستثماري، وهل بقي أي حيز للمخاطرة بممارسة (الربا) على أساس (فقه الضرورة) متحملين الأضرار التي ستنتج عن ممارسته سحقاً أو محقاً بما قد يتسبب في إهلاك ودمار الشبكة، فمال (الربا) هو مثل مال (الزكاة) ما خالطه مال إلا أهلكه!!
استنتاجاً من هذا التناول أقترح أن يعاد النظر في هذا القرض، وألا يتاح لأي قرض ربوي آخر تسنُّم ردهات المجلس الوطني لينظر فيه بمثل هذا المنطق المتساهل، خوفاً من أن تلحق باقتصادنا انتكاسات أو أزمات فيكفينا تحذيراً منطوق الوحي، يمحق الله الربا.
وانتهى إلى الخلاصات التالية:-
{لا توجد ضرورة متفق عليها تجبرنا على ممارسة الحرام في تمويل المشروع.
{يجب أن نعلي يقيننا بخطورة تأثير الربا في تمويل هذه المحطة على كل المحطات والشبكة من أن (تخالطها فتهلكها).
{أكاد أجزم بإمكانية تيسير تمويل نفس هذه المحطة بطرق وصيغ حلال قبل السحب من هذا القرض الربوي.
{أخاف من أن يلحق باقتصادنا جراء تمويلها بالربا محق يجعلنا نندم على تمويلها بالحرام.
{التزاماً إلى خلاصة التجربة البشرية الاقتصادية المؤكدة لسلامة وحماية كل الاقتصاد العالمي بإتباع الصيغ الإسلامية، أقترح أن يعاد تمويل محطة كهرباء الباقير في إطار أي من الصيغ الاقتصادية الإسلامية.
وفقكم الله إلى عدم مخالفة الوحي، وهداكم إلى صيغ المال الحلال، ووسعكم في فضله ورحمته لتفرحوا.
والسلام
د. الطيب إبراهيم محمد خير
شكراً د.”الطيب” على النصيحة المعلنة وإبراء الذمة في قضية شغلت الرأي العام ولكن السلطان يرفض الإصغاء إلى أي صوت لا تطرب له أذنه.. وقد يسأل الناس لماذا الحكام في هذا الزمان لا يتذكرون أن القبر قريب والساعة قد دنا يومها.. وأن المرء يوم البعث يخرج بلا حصانات ولا قضاة يحمونه وعسكر يصدون عنه ملائكة الحساب إلا من كان أميناً على حق العام حفيظاً على الدين.
للعم “الزين” الشهير “ببليبيص” وهو من حكماء قبيلة كنانة مقولة بأن الإنسان الذي يخاف الله ويخشى يوم الحساب لا يقترب من السلطة ولا السلطان، وقد نظم شيخنا “البرعي” قصيدة يسأل الله أن يبعده عن أبواب الحاكم والحكيم.. واليوم يقول د.”الطيب” كلمته ويبرئ ذمته.. ويبذل نصيحة للبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رئيس البرلمان لإيقاف إجازة القروض الربوية حتى لا يمحق الله خيرات أهل السودان بالقروض الربوية.