تقارير

خبراء ومحللون يبصرون في الفنجان الأمريكي قبل ساعات من قرار "ترمب"

الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب: استوفينا كافة مطلوبات المسارات الـ(5) وما تبقى مسألة وقت
“سمير أحمد قاسم”: السودان استوفى الشروط واذا حدث تمديد للعقوبات سيكون بشروط مخفضة
أعده: مهند بكري – ميعاد مبارك
ساعات قليلة تفصلنا عن القرار المرتقب من الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” بشأن مصير العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، سبقتها مشاورات بين البلدين يلفها التكتم، سيما وأن وفداً من الكونجرس الأمريكي زار البلاد قبل يومين من الإعلان، التقى خلالها عدداً من المسؤولين .. ليبقى السؤال، هل قام هذا الوفد بتسريب بعض من ملامح القرار المرتقب، أم أنه جاء في إطار المشاورات السياسية؟ .
 (المجهر) حاولت قبل ساعات من صدور القرار المصيري، التبصر في الفنجان الأمريكي، لتقرأ آخر تصريح لوزير الخارجية والذي جاء بعد تمنع عن الحديث بشأن التوقعات الممكنة وهو يقول: (أي قرار غير رفع العقوبات غير منطقي وغير مقبول)، فاستطلعت عدداً من المحللين والخبراء عن كل الاحتمالات المتوقعة ومآلاتها .
توقعات هيئة مكافحة الإرهاب
نائب مدير الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب العميد “معاوية مدني”، قال: إن المؤشرات إيجابية والسودان استوفى كافة مطلوبات المسارات الخمسة فيما يلي رفع العقوبات الأمريكية وما تبقى مسألة وقت، والجهات المعنية في الخرطوم بذلت جهوداً مقدرة وأن تلك الجهود تسير في اتجاه حماية الأمن القومي، منوِّهاً إلى أن الحكومة لا تبذل جهودها في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والجريمة عابرة الحدود من أجل جهات معينة أو اشتراطات مسبقة فيما يلي قضايا رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو الحصار الاقتصادي، ويرى “مدني” أن جهود الحكومة في هذا الصدد تنطلق من منصة وطنية وهدف إستراتيجي لحماية البلاد والأمن القومي في الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، بيد أنه لم يستبعد حدوث ضغوط من بعض الدوائر السياسية بالولايات المتحدة الأمريكية على البيت الأبيض الأمريكي والتي قد تؤثر على سير القرار.
أصحاب العمل على الخط
كشف عضو اتحاد أصحاب العمل رئيس غرفة المستثمرين “سمير أحمد قاسم” عن زيارة وفود اقتصادية أمريكية للسودان أبدت رغبتها في الاستثمار في البلاد، فضلاً عن زيارة مرتقبة لوفد من رجال الأعمال السودانيين للولايات المتحدة الأمريكية بعد القرار الأمريكي لمقابلة نظرائهم وبحث سبل تطوير الاستثمار المشترك بين الخرطوم وواشنطن، إضافة إلى تمويل المشروعات المتاحة في السودان – وتابع “قاسم” (وهنالك شركات ومصارف أجنبية أكدت استعدادها للاستثمار في البلاد، بيد أنها أعربت عن تحفظها وترقبها لقرار رفع الحظر لبدء استثماراتها.
لم يستبعد رئيس غرفة المستثمرين أن يتم تمديد فترة السماح للقرار الأمريكي لمدة (3 إلى 6) أشهر، أخرى، ولكن بشروط مخفضة، مشيراً إلى أن السودان استوفى كل المطلوبات .
وأضاف: (العقوبات وضعت منذ عهد الرئيس الأمريكي “بيل كلنتون” وحملت تأثيرات على الاقتصاد والمواطن السوداني على مر (20) عاماً، مشيراً إلى انهيار قيمة العملة الوطنية بالعملات الأجنبية وقطع التعامل البنكي من قبل البنوك الأمريكية مع السودان والذي أثر مباشرة على المواطن وعلى الموازنة العامة، وزاد من حدة الفقر التي وصلت حسب الجهات المعنية إلى (46%).
وقال “قاسم”: إن قرار رفع العقوبات الجزئي قبل (6) أشهر، جاء برداً وسلاماً على الاقتصاد والمواطن السوداني.
وأشار إلى أن آثار الحصار الاقتصادي الأمريكي الذي استمر لـ(20) عاماً، لا يمكن أن تزول بين ليلة وضحاها، مشيراً إلى أن إزالة هذه الآثار تحتاج إلى ثقة وعمل سياسي واقتصادي كبير خاصة من أصحاب العمل في إقناع نظرائهم الأجانب بالاستثمار في البلاد.
وأضاف رئيس غرفة المستثمرين قائلاً: (الدولار الآن يعادل (19) جنيهاً، وهذا تضخم أرهق المواطن، فضلاً عن أن (80%) من المصانع مغلقة بسبب  التمويل والسياسات، وأن السودان أصبح دولة مستهلكة بدلاً عن أن يكون دولة منتجة، وهنالك عجز سنوي (6) مليار دولار، يتم تغطيته من المغتربين وعائدات الذهب والمحاصيل).
توقعات قانونية
د.”علي السيد” المحامي المعروف والقيادي بالحزب الاتحادي الأصل، قال: إن قرار العقوبات الأمريكية آحادي، وواشنطن هي الوحيدة التي تحدد رفعها أم تخفيفها أم مضاعفتها، ولا يمكن لأي جهة التكهن بمصير القرار، خاصة وأن الدبلوماسية الأمريكية والقائم بالأعمال الأمريكي”استيفن كوتسيس”، نفسه لم يقطع بشأن مآلات القرار ولم تحدد الجهات القائمة على الشأن الخارجي الأمريكي توجهاتها نهائياً بالخصوص، وتوقع “السيد” أن يكون قرار الولايات المتحدة الأمريكية هو إقرار الرفع الجزئي للعقوبات، وذلك لتحفيز السودان لمزيد من التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وقضايا الاتجار بالبشر المؤرقة لأوربا، وتابع قائلاً: (سياسات “ترمب” لا تهتم بمجال حقوق الإنسان، بل تهتم بمكافحة الإرهاب كمهدد لبقائه مما يقوده للذهاب في هذا الاتجاه).
وقال السيد: (إن الولايات المتحدة في قرارها المرتقب في الـ(12) من الشهر الجاري، ستقر رفعاً جزئياً للعقوبات في ملفات وصفها بالبسيطة متعلقة بقضايا اقتصادية بحتة وستحدد سقوفاً لم يفصلها لبقية النقاط الأخرى).
ووصف “علي السيد” موقف السودان بالحرج، مطالباً الحكومة ببذل مزيد من الجهود في مجال حقوق الإنسان ووقف الحرب بدارفور والنيل الأزرق وقضايا الحريات الصحفية لإنهاء الأزمات الداخلية والخارجية داخل الكونغرس تجاه حكومة الخرطوم.
وأشار القيادي الاتحادي إلى أن موقف السودان من الصراع الخليجي سيلقي بظلاله على القرار الأمريكي.
* تفاؤل دولي وإقليمي برفع العقوبات الأمريكية
قال الخبير العسكري اللواء “أمين إسماعيل”: إن الدلائل إلى الآن تشير إلى وجود تفاؤل دولي وإقليمي برفع العقوبات الأمريكية، مشيراً إلى التقارير الإيجابية لمدير الـ (CIA) ولجنة العلاقات الدولية الأمريكية بالرغم من كونها غير ملزمة للرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” .
وأشار “إسماعيل” إلى أن الحكومة أوفت بالتزاماتها وتم تبادل زيارات على مستوى رفيع بين البلدين وتم الاتفاق على أن السودان يسير في المسار الصحيح، وتخوَّف في ذات الوقت من أن يلقي قرار القضاء الأمريكي الأخير الذي أيَّد قرار الرئيس “ترمب” بشأن حظر دخول مواطني (6) دول من بينها السودان بظلال سالبة على القرار المرتقب.
وقال الخبير العسكري إن الأثر الإيجابي هدوء الأوضاع في دارفور ومساعي الحكومة في المفاوضات بالرغم من تعنت قطاع الشمال – على حد قوله.
وأشار “إسماعيل” إلى موقف السودان من أزمة الخليج ووصفه بالوسطي، وأنه نال رضا الولايات المتحدة الأمريكية، وأن هذا قد يكون مؤشراً إيجابياً لرفع العقوبات لتتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من الاستفادة من السودان كدولة لها قبول في العالم العربي وأفريقيا، ويمكن أن تمثل وسيطاً ناجحاً لحل الأزمات.
ولكن الخبير العسكري نوَّه إلى ضرورة عدم إهمال احتمال عدم رفع العقوبات والذي سيترتب عليه احتقان في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وآثار اقتصادية فادحة، فضلاً عن تأثر الموازنة الحالية وسعر الدولار وتجديد الضغط على المواطن والحكومة، مشيراً إلى تجربة السودان الطويلة في التعامل مع الحصار الأمريكي وقدرته على تخطي الأزمة.
ونبَّه “إسماعيل” إلى ضرورة وضع خطة للتعامل مع الموقف في حال اختيار الولايات المتحدة الأمريكية لخيار عدم رفع العقوبات .
وأكمل الخبير قائلاً: (على الدبلوماسية السودانية أن تبذل جهوداً مضاعفة في ماراثون الساعات الأخيرة من أجل الوصول إلى الرفع الدائم للعقوبات).
وفيما يلي الخيار الثالث (التمديد) قال “إسماعيل” إنه احتمال وارد للضغط على الحكومة للإيفاء ببعض الالتزامات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية