تقارير

نافع..الزج بالملفات الساخنة على فضاءات الإعلام !

منذ أن ألغت حكومة السودان اتفاق أديس الإطاري الذي وُقع بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان في يوليو2011 لحل مشكلتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الذي عُرف باتفاق “نافع” اعتقد الناس أن الإلغاء تبعه إبعاد لـ”نافع” من مراكز صنع القرار، أو هكذا بدا لبعضهم عندما ابتعد الدكتور عن ملف الجنوب وربما من قضايا الساحة الملتهبة آنذاك،  وانحصر دوره في الفترة السابقة على تصريحات مرتبطة بملفات كانت بعيدة نوعاً ما عن شؤون الحزب، لكن الحوار الذي أجراه تلفزيون السودان بالأمس مع “نافع” وصفه بعض الناس بالصريح لأنه حسب زعمهم أعاد إلى الأذهان دور الدكتور السابق ولقاءاته التي تتسم بالصراحة والوضوح،  ولم يروا فرقاً بين ما قاله وأسلوبه المتبع في مثل هذه اللقاءات، حيث دفع “نافع” في هذا الحوار بمعلومات ورأي كان يُحبس في أضابير مكاتب حزبه في أوقات ماضية، وبالمقابل لم يرَ آخرون جديداً في الطريقة التي اتبعها مساعد الرئيس في لقائه أمس، لكنهم قالوا في العادة  كان لا يميل كثيراً إلى الصراحة حينما يتحدث عن ملفات حزبه أو حكومته، ودائماً ما يحاول المرافعة ورد الكرة إلى ملعب الخصم، كما كان يفعل مع المعارضة، إلا أن طبيعة الخلافات التي يمر بها المؤتمر الوطني والظروف الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد دعته  أمس إلى الغوص في تفاصيل القضايا التي وُصفت بالساخنة، وربطوا بين توقيت اللقاء والمحاولة الانقلابية  التي أعلنت عنها حكومته من قبل وما زالت تداعياتها تشغل الساحة السياسية؛ الأمر الذي دعا المراقبين للحديث عن وجود مجموعة  تنتمي للحزب أو الحكومة تحاول التغيير من الداخل. “نافع” نفى وجود هذه المجموعة  والتململ في حزبه، وأشار في ثنايا حديثه إلى أن المعارضة هي من يقوم بتضخيم الأمر لتهيئة المناخ لشل حركة الدولة بعدما فشلت في إسقاط النظام عبر السيناريوهات التي اتبعتها، لكن “نافع” أكد هذا النفي عندما تحدث عن أن المحاولة الانقلابية الأخيرة سبقتها محاولة شاركت فيها معظم الأسماء التي ظهرت في المحاولة الأخيرة (انتهى حديث نافع). وبما أن  بعض الأسماء التي شاركت في المحاولة الأخيرة لها علاقة بالحزب والتنظيم أو الحكومة فهذا يعني أن هناك تململاً واحتقاناً وصل مرحلة التفكير في تغيير النظام؛ ولهذا السبب “نافع” أسهب في هذا المحور وكشف عن المحاولة الانقلابية التي ظلت طي الكتمان ربما للتقليل من دور وقدرة هذه المجموعة التي حاول بعضها تكرار المحاولة مرة أخرى. وحديث “نافع” عن المحاولة التي لم تعلن عزز من اعتقاد الناس بوجود خلافات داخل مجموعة من الأجهزة الحاكمة وانقسام فيما بينها وربما بينها وبين أهل الفكرة و”نافع” أحدهم، وتنويهه إلى أن المحاولة كاملة الأركان ببيانها وساعة الصفر المحددة يدل على أن المجموعة المتورطة ستخضع إلى محاكمة كاملة لن تستجيب فيها الحكومة إلى نداءات بعض الإخوان الذين طلبوا التخفيف والنظر إلى أبعاد العلاقة الإخوانية التي كانت تربط بينهم وقادتهم في الفترة السابقة.      
 كذلك رسائل الدكتور التي وجهها إلى من يريدون شق الحركة في إشارة لدكتور “غازي” ومن سانده تؤكد أن الاحتقان هو السبب المباشر لهذا اللقاء والرسالة كانت الحركة لن تنشق، وإذا حاولتم الانشقاق ستخرجون مع مجموعة صغيرة لا تتجاوز الاثنين، وأكد بالمقابل على حميمية العلاقة التي تربط بينه وبين مجموعة “سائحون” التي قيل إنها تقود تيار الخلاف داخل الحركة الإسلامية، حيث أوضح أنه التقى بهم وهناك لقاء آخر سيتم معهم، واستعداده للجلوس معهم يشير إلى أن مجموعة الإصلاحيين تتمتع بقوة داخل الحزب جعلت صقوره يقرون بضرورة التحاور معها. وفي السياق انتقل في حديثه إلى ما اعتبره تفلتاً في التصريحات وحديث أكثر من قيادي  حول الحدث الواحد بوجهات نظر مختلفة، وطالب القيادات بترك الحديث إلى الجهات المختصة، منوهاً إلى أن حزبه سيتخذ من الإجراءات ما يكفي لضبط وتجويد التصريحات، وكان يشير إلى تصريحات وزير الخارجية  “علي كرتي” حول دخول السفن الإيرانية بورتسودان في المرة الأولى التي تقاطعت مع تصريحات حكومية كانت تتسق مع تصريحات جهات مسؤولة عن المؤسسات الدفاعية.
من ناحية أخرى لم يغب الشعب عن ذاكرة “نافع” في هذا الحوار على ضوء ما تشهده البلاد من احتقانات ومظاهرات بسبب أحداث جامعة الجزيرة التي أودت بحياة أربعة من طلابها، بجانب الأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى تذمر واسع وسط المواطنين، وكان واضحاً أن “نافع” في رده على سؤال الأوضاع الاقتصادية أراد التأكيد على صعوبتها عندما اعترف بوجود غلاء في المعيشة ولم يُخفِ وجود أسباب داخلية، إلا أنه لم يعتبرها  مبرراً للغلاء الطاحن. وكشف عن نيتهم إجراء مراجعة لما سُمي البرنامج الثلاثي للإنقاذ الاقتصادي حتى يبدو أنه ـ كمسؤول حكومي ـ منحاز إلى الشعب ويمتص بالمقابل الغضبة العارمة التي انتابت بعض الناس وقد تدفعهم إلى الخروج إلى الشارع لاسيما أن الأوضاع في تفاقم مستمر،  و”نافع” حاول بث الأمل في النفوس عبر الإعلام لشريحة مقدرة من المواطنين والتنفيس.
 كذلك خصص الدكتور “نافع” جزءاً من حديثه لقضايا إقليمية ودولية حينما تطرق إلى ملف التفاوض مع حكومة الجنوب ونتائج زيارته إلى روسيا وضرب إسرائيل لمصنع اليرموك، وكان ملفتاً حديثه المقتضب عن الأخبار التي راجت خلال هذه الأيام حول قيام قاعدة عسكرية إيرانية في البحر الأحمر حيث قال:(إذا كانت هناك قاعدة الناس كانوا شافوها).
وبالعودة إلى حديث “نافع” عن الأوضاع الداخلية، فالبرغم من أن “نافع” حاول التأكيد على استقرار الأوضاع السياسية وتناغم المسؤولين في الحكومة وقدرتها على حسم التفلتات، إلا أن قراءات ما بين السطور تشير إلى غير ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية