عز الكلام
إلى مدير مكتب الرئيس!!
ام وضاح
بعض المناصب تكتسب أهميتها من حساسيتها، خاصة إذا كانت تتيح لصاحبها فرصة أن يكون قريباً من صناع القرار مما يجعله بمرور الوقت أشبه بالمستشار والناصح حتى ولو بشكل غير مباشر، ثم يتحول إلى مباشر ومؤثر بمرور الوقت والتعود والعشرة، وهي حالة سودانية بحتة لا يستثنى منها حتى من هم في قمة هرم المسؤولية. ولعل هذا القرب المؤثر أوحى لكاتب سيناريو فيلم (طباخ الريس) الذي أخرجه ولدنا “سعيد حامد” أن ينداح في أمنياته بأن يجد شخصاً ينقل نبض الشارع للرئيس المحاصر بالحاشية والحرس وحارقي البخور الذي يحجب دخانه الرؤية، حتى لو كان هذا الشخص هو مجرد طباخ في القصر الرئاسي قام بدوره ببراعة الفنان “طلعت زكريا”.. لكن مصير الطباخ في النهاية كان تلفيق إصابة بمرض معدٍ له في مؤامرة لإبعاده عن الرجل الكبير الذي اكتشف ومن داخل أسوار قصره العالي أن سعر صحن الكشري أصبح (7) جنيهات وليس جنيهين كما كان يظن، وأن ما يصله من تقارير كلها قصص وروايات محبوكة رمادية اللون.
المهم أنني أتصور أن أي شخص يقترب من المنطقة الخطرة والساخنة هو بالضرورة شخص كان على الأقل في يوم من الأيام من الناس يعيش آمالهم وأحلامهم وأمنياتهم، لكن ما عارفة ليه الناس دي فجأة بتتبدل وتتحول وتركب ماكينة، (وكان على الماكينة براها هينة)، لكنهم للأسف يتعمدون أن يصنعوا حاجزاً غير مرئي من الرجل الكبير، ويرفعون السدود ويضعون المتاريس أمام أصحاب الحاجة والمظالم، بل إنهم يغبشون الصورة ويزيفون الحقائق ويكونون هم سبب الكارثة الحقيقية في الشعور السيئ من الرعية تجاه الراعي.
وهذا الكلام ضروري ومناسب جداً أن أبدأ به قبل التحايا والوصايا للأستاذ “حاتم حسن بخيت” الذي صدر قرار بتعيينه وزير دولة ومديراً لمكتب السيد الرئيس عقب إعفاء الفريق “طه” من المنصب الذي خلق للرجل هالة ونفوذاً فاق بكثير صلاحيات مدير مكتب الرئيس، وهذا النفوذ وهذه الحالة تحتاج حقيقة أن نتوقف عندها بالدراسة، لأنه وضع غريب ومحير نسبة لمحدودية صلاحياته، ولا أظن أن الشعب السوداني يعرف اسماً لمدير مكتب رئيس منذ عهد الرئيس الراحل “الأزهري” حتى “جعفر نميري” أو حتى مديري مكاتب “البشير” ما قبل “طه”.
وهذا لا يقدح في مهنيتهم وكفاءتهم، بل إنهم لم يتمددوا ويخرجوا خارج الإطار الطبيعي لهم، لكن الآن منو ما بعرف الفريق “طه” الذي فرض نفسه وحراكه وأفعاله على المشهد السوداني، لينبري السؤال المهم: لماذا الفريق “طه” وحده الذي شكل هذه الحالة وخلق كل هذا الانتباه والأفعال وردودها؟ المهم.. ما أود قوله إن الأستاذ “حاتم حسن بخيت” جاء لهذا المنصب ليجد نفسه تحت الأضواء الكاشفة والمقارنة التي لا ترحم.. ورغم معرفتي البسيطة جداً بالأخ “حاتم” التي لم تتعدَ السلام والتحية في بعض لقاءات الراعي والرعية التي كانت تنظمها رئاسة الجمهورية حتى العام الماضي، إلا أنه واضح جداً أن الرجل أكاديمي وعملي ومهني، وهي حقيقة تؤكدها سنوات عمله الطويلة بمجلس الوزراء.. أما على المستوى الشخصي، فكل ما سمعته عنه حتى الآن يشير إلى أنه شخص متواضع ومتعاون، يجيد فن العلاقات العامة. ولأن “حاتم” جاء بعد رجل نافذ جعل لنفسه قبضة حديدية وكاريزما ورصيد غير كبير من العلاقات، ورصيد غير قليل من الضغائن وحكايات أسطورية ربما هي حقيقية أو غير ذلك، لكنني لن أقول للأخ “حاتم” إلا: كُن أنت نفسك وليس أي شخص آخر، ولتأخذ من تجربة سلفك العبرة والعظة، فالمنصب لا يدوم، ولا أحد تحميه إرادة الأرض طالما إرادة السماء موجودة.. ومنو البصدق أن يذهب “طه” بهذا الشكل الدراماتيكي بعد تصريحه الشهير في أحد الحوارات الصحفية: (أنا لست مدير مكتب الرئيس ولكنني ابنه)!!
أقول للأخ “حاتم” كن عوناً للرئيس بأن تجعله قريباً من الناس، والناس قريبين منه بالحد الذي لا يرجع صاحب حاجة أو يمنع صاحب مظلمة.. وليتك أخي “حاتم” تكون للرئيس عوناً في العدل والحق ليصبح المنصب بشارة خير وحمامة سلام وليس نذير شؤم (وتمساح خطف وبلع)، وتذكر أنها ما دوامة أم بنياناً قش.. وكان الله في عونك وفي عون كل من لا يدري أو يدري أن المناصب قطعة من نار وأن الله يمهل لكنه لا يهمل.
{ كلمة عزيزة
حضر احتفال تدشين محلية الخرطوم لآليات النظافة كل من وزير البيئة الولائي اللواء “عمر نمر” ورئيس هيئة النظافة دكتور “مصعب البرير”، وواضح كده أن كليهما جاء للمناسبة كضيف شرف رغم أن الموضوع من صميم واجباتهما.. فهل تحولت وزارة البيئة إلى وزارة الزراعة والشتول وكل حراكها تقلص في التشجير والحزام الأخضر، ولم تعد لها أية مشاركة في أمر البيئة والنظافة؟ ولّا الحكاية شنو بالضبط؟!
{ كلمة أعز
قرأت البيان الذي أصدره زعيم الحزب الديمقراطي السيد “محمد عثمان الميرغني” الذي أبدى فيه تأييده الكامل للخطوات، كما سماها، التي تقوم بها الإمارات ومصر تجاه الإرهاب، وكأنما الرجل أراد أن (يحرج) الموقف الرسمي الذي لزم الحياد، ليعرض خدماته كحزب لكلا البلدين اللذين تربط “الميرغني” بهما علاقات شخصية ومصالح وأملاك، ولا أظن أن هذا التأييد له علاقة بمصلحة الشعب السوداني أو قضاياه الإستراتيجية، والمسألة مربوطة على ما يبدو بإقامة الرجل الدائمة بالمعادي والمؤقتة في المدينة المنورة.