زوارق الألحان
اختار المطرب الذي يعيش في جلباب والده “محمد خضر بشير” أغنية (كيف يجهلوك) التي يندب فيها المغني حسرته على ذلك الجمال الأخاذ الساكن في النفس وأغنية (كيف يجهلوك) هل كانت بمثابة سؤال استنكاري لجموع شباب الإسلاميين في كياناتهم الثلاثة وهم يلتقون على المحبة والابتسامة وصفاء النيّة ولكنهم في حالة استنكار لتجاهل مشروعهم الإسلامي الذي يصفه “عبد الماجد عبد الحميد” ببراعة وصف البقارة بأنه (عَرَّد) بفتح العين وتشديد الوسط كناية عن الهروب يقول البقارة فلان عرَّد أي هرب وجرى وأطلق ساقيه للريح بلغة أهل البندر، ولكن من هرب وعرّد مشروع الإسلاميين من حُداة ركبه؟؟ أم حملة مشاعل المشروع الحضاري ألقوا به في أبواب الوزارات وقرب خزائن المؤسسات وتركوه مرمياً مثل راية الأمير “يعقوب” في معركة أم دبيكرات؟؟
و”عبد الماجد” من بقارة بني حسين في شمال دارفور وهم عرب بقارة وسط محيط الأبّالة وما بين الثقافتين كثير من والنقائض وقليل من المشتركات لكن مجموعة الزوارق عبر التطبيق الفوري الواتساب أصبحت هي البديل لنظام الأسر في التكوينات القاعدية للإسلاميين وفي زوارق شيخ عرب البطانة “حاتم أبوسن” تلاقت أجيال مختلفة وقلوب مؤتلفة في العشرين من رمضان بفندق القراند هوليدي فيلا بشارع النيل، أطياف من الإسلاميين في المؤتمر الوطني وفي المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن وما فشلت فيه أجهزة التنظيمات الثلاثه نجح فيه “حاتم أبوسن” بابتسامته الصافية وبشاشته ووسطيته وقد تجاوز أهل الزوارق فواصل الوهم التي صنعها فشل القادة والنخب في الحفاظ على سلامة الثوب من الفتق وصعوبة الرتق وتساموا فوق جراح اللسان والدم الذي أريق في مابعد مفاصلة الرابع من رمضان كان “عوض بابكر” بزهده وتواضعه وكتمانه لأسرار الإسلاميين وهو مدير لمكتب الترابي هو “عوض” نفسه لم يبدله السجن “ود عبد الفضيل” بعافيته النفسية وتصالحه مع الآخرين يبتسم في وجه الزمان الشين كما يقول مغني شهير من ديار الشايقية يدعى “معاوية المقل” وكان “حسب الله صالح” أمين دائرة كردفان بالمؤتمر الوطني يبتسم بالرضاء ويرسم نصف فرحة على وجه “غازي صلاح الدين” المحزون منذ أن فشل في إسقاط المثال الذي من أجله امتشق السلاح في واقعة دار الهاتف وحينما دانت للإسلاميين سلطة مطلقة في بلد تقيده التقاليد العتيقة اكتشف “غازي” بعد المفاصلة أن المثال شيء في مخيلة الحالمين والواقع يفرض نفسه والمجتمع يقول كلمته وإن من بيده القوة المادية من أهل الشوكة التي تحتكر العنف هي من يقرر في مصير الأشياء.
واقع المسافة بين القصر حيث السلطة وزوارق الإسلاميين في العالم الافتراضي هي كالمسافة بين الخليفة “المهدي” ابن الملك وخؤولته الأتراك يوم سقوط الدولة الأموية ونحيب النساء والجواري على ملك ضاع منهم في غفلة من قادتهم.
تبدت في الوجوه حسرة وفي النفوس لوعة والأسى يعتصر القلوب وقد أصبح الخروج من السلطة كالخروج من الحياة ومن يخرج تنتاشه السهام وتتقاذفه تهم التخوين والفساد والتشكيك في كل شيء ليرسم الواقع بريشته الرمادية لوحة كأنها تجسِّد حالة “معاوية بن أبي سفيان” يوم مقتل “الحسين بن علي” وقد كانت بشاعة التنكيل بجثمان فلذات “علي بن أبي طالب” كرم الله وجهه سبباً في صبغة الحزن المقيم في نفوس الشيعة منذ ذلك الزمان وشباب الإسلاميين يتأملون (العيش الملا القندول) على قول “المحبوب ود عبد السلام” وشيخهم “الترابي” حينما غربت شمس دولة الشيوخ وبزغ فجر دولة الجنرالات ذهب للسجن مكسور الخاطر وحتى الضابط الذي اعتقله تمت مكافأته لجليل صنعه بترقيته وزيراً وأخرج “صلاح قوش” مثلما أخرج الطليان “….” من وطنه ليبيا وقال قولته التي سارت بها الركبان (خرجت من بلدي مثل الطريد فما ودعت خلا ولا أدركت ثاراتي) وسالت جراح المطرودين من دولة التنظيم من “غازي” إلى تخوين “علي عثمان” وأكل لحم “طه عثمان” بعد أن شبعوا مما جادت به جهوده، وتمضي قافلة التخوين والتشكيك حتى آخر حراس صنم السلطة العجوز شباب الزوارق بين محنة الواقع والتصافي والتلاقي في بيت “ود أبوسن” يرسمون خريطة لاستطالة الظل الوقف وما زاد.