البروفيسور والخبير الإعلامي "علي شمو" لـ(المجهر السياسي) 2-3
“القاهرة” في 49 مدينة أوربية وشاهدت حريقها بأم عيني
اتخارجت بسبب اتهامي كـ(إسلامي) وثورة 52 كانت مكروهة في الشهور الأولى
كنا مدعوين من الملك “فاروق” لزواجه من “ناريمان”
هذا سؤال صعب جداً وخائف من هذا التوصيف
حوار – صديق دلاى
{ كنت عائداً للتو من مصر خريج شريعة من الأزهر الشريف؟
– وشهدنا حكومة “الأزهري” في 54.
{ سريعاً سوف يأتي “عبود” بانقلاب عسكري؟
– عموماً في تلك الأيام ثمة شيء لم ينضج فينا.
{ حصل التوالي ديمقراطية ثم انقلاب عسكري؟
– صدقني لولا “عبود” ما جاءت أكتوبر ولولا مايو ما جاءت الانتفاضة.
{ والإنقاذ؟
– نحن عاوزين المجتمع يتحرك إلى أن تستعدل التجربة الديمقراطية ثقافة وموقفاً وإجراءاتٍ.
× من المسؤول عن ذلك الخلل غير المعلن؟
– كلنا مسؤولين ولا يستطيع أحد أن يتبرأ منه ولا أبرئ نفسي.
{ “القاهرة” في 1949؟
– أجمل من قاهرة اليوم، كانت مدينة أوربية.
{ (دا عهد الباشوات)؟
– أغرب حاجة في أول يوم قبل الداخليات نزلنا وأجرنا سطوح عبد الحميد عبد الحق باشا.
{ (فيك نزعة إسلامية ما)؟
– أنا من أسرة متدينة.
{ كيف واجهت “القاهرة” و”الأزهر” وأنت من “النهود”؟
– كانت هيصة كبيرة ولأول مرة أختلط بهذا النوع من الناس وأبقى جزءاً منهم.
{ لغتك الإنجليزية؟
– بصراحة (ما كانت خالص).
{ هل قابلت الملك “فاروق”؟
– كنت مدعواً ضمن القيادات الطلابية لعشاء مع الملك “فاروق” وكان في قصر عابدين وحضرنا زواجه من “ناريمان”.
{ كيف كان يبدو الملك “فاروق” من قريب؟
– وجيه جداً لكن زاد وزنه وكان معه الياناور اللواء “عبد الله النجومي” ، أظنه أخو “عبد الرحمن النجومي”.
{ الأزهر من الداخل؟
– كان ليس بالضرورة أن يكون شيخ الأزهر من مصر، وكان به شيوعيون أقوياء جداً ومرة أحرجونا مع الملك “فاروق”، كنا في صلاة جثمان “صلاح بشرى” مات في السجن وأرسل “فاروق” محافظ أسوان ليصلي معنا في جامع الكيخيا، فوزعوا مناشير سرية أثناء الصلاة ومشينا لفؤاد سراج الدين نعتذر له عما حصل.
{ هل جلست مع “طه حسين”؟
– كان وزير المعارف ولم ألتقِ به.
{ و”نجيب محفوظ”؟
– لم ألتقِ به أيضاً.
{ كان السودان يصرف عليك؟
– ليس بالضبط وكانت تأتي من أبوي 3 جنيهات معها قروش البعثة ثم مكافأة العشرة الأوائل.
{ كنت مرتاحاً؟
– ما عشت زمناً صعباً كما يحكون.
{ شاهدت حريق القاهرة بأم عينيك؟
– نعم، كان اللهب يخرج من العمارات والبيوت والأسواق وكان حريقاً مدبراً.
{ عدت بسرعة بعد ثورة يوليو 52؟
– اتخارجت بعد التنكيل بالإخوان وثورة يوليو لم يكن مرحباً بها أول مرة هكذا، فالإقطاعيون والرأسمالية وحتى السودانيين كانوا زعلانين والنقابات اضطرت الثورة إنتاج شئ اسمه هيئة التحرير ليستوعب ذلك الاحتجاج في كتلة واحدة ليسهل إدارتها، وحينما رفضوا الانضمام لها ضربوا وأعدموا وشردوا ولم يمتلك “عبد الناصر” الزعامة إلا بعد تأميم قناة السويس.
{ من الزمن البعيد صار معظم زملائك كباراً في الحياة العامة؟
– منهم الملكة “دينا عبد الحميد” زوجة الملك “حسين” وهؤلاء كانوا يدرسونا ، “عبد الرازق السنهوري” و”ساطع الحصري” و”مصطفى الزرقا” و”محمد يوسف موسى” و”سيد صبري”.
{ هل كنت قريباً منها، كيف كانت تبدو؟
– عادية جداً وكنت بالنسبة لها فقط “علي شمو” من السودان.
{ متى حصل التحول الثاني في حياتك؟
– حينما وجدت فرصة للعمل في الإذاعة المصرية ودي قصة طويلة.
{ لماذا خفت من ثورة يوليو و(اتخارجت)؟
– كنا متهمين عندنا (اتجاهات إسلامية) وكنت خائفاً من التنكيل.
{ نقيف شوية على بوابة الاستقلال؟
– أحس بأن تدريس تلك الفترة حول كيفية قيام الحركة الوطنية في مقتبل الأربعينيات بالذات دراسة الأفكار السياسية، وخلفية مظاهرات تلك الأيام وأسألك أنت من هذا الجيل هل تعرف أي شيء عن وفد السودان لبريطانيا 1946.
{ أنا أعرفهم فرداً فرداً ولكن سؤالي حول طبيعة كتابة التاريخ نفسه من وجهة نظر أفراد وليس مؤسسات؟
– طبعاً دا صحيح، بعض تاريخ السودان كتب من وجهة نظر شخصية ودا عيب خطير في تدوين التاريخ والحقائق الوطنية.
{ مرة الإمام الصادق في حوار قال لي إنه كتب تاريخ المهدية من مشافهة له مع جده السيد “عبد الرحمن”؟
– دي حاجة خطيرة جداً.
{ كيف عشت أيام الاستقلال، هل كان قرار نخبة أم تدافع مجتمع؟
– كان المجتمع السوداني واعياً جداً.
{ فرضوا الاستقلال وكان ناس “الأزهري” عنوان بس؟
– الاستقلال فرضوه الناس وليس “الأزهري” ولا الأحزاب.
{ البعض من الاستراتيجيين يقولون إن عدم وجود دماء على بوابة الاستقلال كان مشكلة وليس فرادى؟
– سمعنا دا كتير لكنه ليس صحيحاً ونحن عملنا الدفع المقدم من زمن كرري 11 ألف شهيد و19 ألف جريح.
{ كيف شاهدت “أزهري” تلك الأيام؟
– بسيط ومتواضع ومؤدب ولم يسمعه أحد قط أنه نادى على شخص بدون ذكر يا سيد فلان حتى المراسلات والسواقين.
{ عكس السادة الختمية لابد أن ينادوا بها؟
– بالولاء الديني وفعلاً الفرق كبير.
{ يجب أن تحتج على “أزهري” لأنه تسبب في تمرد 1955 ولم يكن حكيماً حسب حيثيات تاريخ التمرد؟
– (ما بقدر أقول كدا).
{ التمرد قام من هنا؟
– بل كان التمرد في سياق مؤامرة كبيرة.
{ ستقول الإنجليز؟
– طبعاً.
{ شاهدت السيد “علي” الكبير؟
– مرة واحدة ومن بعيد.
{ ومولانا “محمد عثمان الميرغني”؟
– نديدي وقابلته معي المرحوم “محمد خوجلي صالحين” في دعوة عشاء بالقاهرة.
{ مولانا من قريب؟
– لطيف جداً وبتاع نكتة وضحكته عالية، زكي ويمكن ينتصر في أي مواجهة.
{ زكي؟
– زعيم ما ساهل بل هو زعيم حقيقي وأفتكر الجانب الديني مغطي على زول سياسي محنك ويستاهل يقود الحزب الاتحادي الديمقراطي.
{ نجئ للإمام “الصادق”؟
– كنت في الإذاعة وهو رئيس وزراء في الثلاثين من عمره كنا نقول لبعضنا حان الزمن لنصير وزراء.
{ كنا نطمع في إفادات احتجاج وليس طبطبة وإطراءات؟
– أبداً أنا ما دائماً كده ولا أتردد لحظة أن أكون حاداً لو دعت الضرورة.
{ (شنو الماعاجبك في الإمام “الصادق”)؟
– رؤيته الإيرانية في النطاق العربي وكنت وزير إعلام في أوائل الإنقاذ دي قابلت “صدام حسين” أشرح له ملابسات موقف السودان بعيون “الصادق المهدي”.
{ الذي لا يعجبك في مولانا “الميرغني”؟
– موقفه الحالي وما ممكن تكون حزباً ديمقراطياً وليس لديك ديمقراطية داخل حزبك، كيف تبقى 40 سنة في قيادته وبصراحة الدفاع عن مولانا “الميرغني” في الحتة دي صعب شوية.
{ كيف كان النقاش مع رجل مثل “صدام”؟
– كان رجاله من حوله ضد الإنقاذ طارق عزيز، نصيف جاسم وأحمد حسين السمرائي وأقنعتهم أن الإنقاذ ليست بتاعت إخوان مسلمين وعقب صدام مؤكداً (أن كلام الأخ علي معقول) نتكلم معاهم ونفهم.
{ نجحت؟
– وأخبرته بأن النائب الأول “الزبير محمد صالح” سوف يشرح لكم كل شيء ومن حينها أدركت أن “صدام” أشطر من معاونيه(حتى كشخص).
{ “صدام” من قريب قسماته كلامه وإشاراته؟
– راجل قوي جداً ولا يلعب إطلاقاً في موضوع العروبة.
{ لماذا كذبت على الإخوة في العراق وقلت إن الإنقاذ ليست من الإخوان؟
– لا لا لا لم أكذب وفعلاً ما كنت متوقعهم إسلاميين.
{ كان كل شيء واضحاً حتى من الأيام الأولى؟
– عارف النفوذ بس ولكني لم أكن أعلم أن الأيديولوجية نفسها هي مية مية إخوانية.
{ أيديولوجية شمولية؟
– مغلقة وشمولية.
{ دعنا نتحدث عن “الترابي” بعيداً عن سياق الإنقاذ؟
– “الترابي” ظاهرة (يجب أن نعترف بذلك).
{ كيف يعني ظاهرة؟
– حتى رحيله لم يجد واحداً مستعداً لمناظرته وحتى هؤلاء لم يستطيعوا تقديمه للمحكمة وصاروا يتحدثون عن بعد لأنهم يعرفون الهزيمة منه مؤكدة.
{ احتجاجك عليه؟
– قاسي جداً في أحكامه وناقد شديد على أترابه.
{ يجب أن تهتم بطريقة تفكيره؟
– فيها ديناميكية عالية.
{ كيف تفهم المفاصلة في 1999؟
– حصلت فرملة للمبادرات الدولية وانخفض مستوى الحراك الداخلي.
{ أقرأت له كل مطبوعاته؟
– أصدقك القول (لا) ومدخرها أقراها.
{ على الأقل كتاب (الأحكام السلطانية وأثرها على الواقع)؟
– قرأته كاملاً وكان تأليفاً صعباً و”الترابي” فيه عيب في لغته وأفكاره تنزلق منك أثناء مذاكرتها.
{(وهناك منصور خالد قمة تانية)؟
– الأسلوب في التأليف مختلف جداً.
{ ندخل على “الطيب صالح”؟
– دا من أعظم السودانيين نادر في ضميره ووطنيته، صاحب قلب كبير وما عندو صغائر(سيبك من الإبداع) فهناك مبدعون لهم نصيب من الدناءة والجشع.
{ والطيب؟
– إنسان وبني آدم جد جد.
{ ومن بعده صار المتسلقون يحكون عنه بلا هوادة؟
– الطيب من النوع الذي ينمو من حوله مثل أولئك لأنه طيب وكبير في كل شيء.
{ أنا قدمت اتهاماً للأستاذ علي مهدي و رد علي بأدب الصوفية ودافع عن نفسه؟
– (دا كلام قاسي على (علي مهدي) وعرفته وهو طفل صغير عن طريق التلفزيون.
{ بمن ترجح الكفة لصالح استقرار ومنفعة الشعب السوداني، الترابي والطيب صالح في كفتي ميزان؟
– ….صعب … مافي مقارنة.
{ (أصحح سؤالي) من ينال أغلبية (رضا السودانيين)؟
– الأدب منتشر أكتر و”الترابي” عالم عقائد.
{ كيف واجهت موسم الهجرة في أول مطالعة؟
– اللغة والتحرر كان صادماً للمجتمع السوداني آنذاك.
{ عشان بت مجذوب يعني؟
– ربما ولكني كنت أقرأ الموسم وأنا أعرف مؤلفه جيداً وتلك تفرق في العين الناظرة وهو عمل لي مراجع في رؤيته (منسي).
{ من كل مؤلفاته، تعتقد ماذا يريد أن يقول “الطيب صالح”؟
-(دا سؤال صعب جداً).
{ مرة خلع دكتور “غازي صلاح الدين” حينما صارحه باعتراضه بدخول المسلمين للأندلس قال له (ما كان في داعي)؟
– هو كدا يقول ما يعتقده مباشرة، ضهره وبطنه شيء وااااحد ما عندو أي لولوة.
{ له طريقة وجودية في النظر للأشياء من حوله؟
– سمعتها منك من قبل ولكني خائف من ذلك التوصيف.