تقارير

كل أحد يختار درجة اللون ليروي حكايته الخاصة: الحركة الإسلامية في زمن الشعب مصدر السلطات

تعقد الحركة الإسلامية مؤتمرها الثامن في ظروف مختلفة ومعقدة بعد 23 عاماً في السلطة ومفاصلة مع ذوي القربى، وانفصال بالزاوية الحادة، وتغيير شامل في كل مناحي الحياة الشفافية والصراحة، وتجلي القيم الليبرالية، وانتصار العلمانية في واقع حياة الناس وتداعيات الحرية بالفهم الواسع لجملة الأمور.
عقدت اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام للحركة الإسلامية مؤتمراً صحفياً، ظهر أمس، لدق جرس البداية لتنظيم عمل اللجان ومناقشة عناوين بعض الأوراق. وكانت منصة الحركة ناقصة حسب الإعلان عنها، وغاب “مهدي إبراهيم” و”عبد الرحيم علي”، وفي الوسط جلس البروف “إبراهيم أحمد عمر” بلياقة هي مفاجأة المؤتمر لمن يعرف ظروف الرجل بعد الابتعاد عن “الترابي” ورحيل الابن البار “إسماعيل”، وآلام الغضروف، وحكايات الفساد التي يعرفها أكثر من المراجع العام والصحافة من زاوية أن الأبناء في الحركة انحرفوا عن المسار. والصحيح أن الرجل استطاع أن يكون رجل دولة ويتسامى فوق الإخفاقات والأحزان الخاصة وأدار المؤتمر الصحفي بطريقة حاسمة لا تشبه الإعلان عن المرحلة المقبلة، أوقف “حسن رزق” دون أن يكمل، ونادى “سناء” بـ”سناء” دون لقب، وكان يرد على الأسئلة فوراً، وتكرر سؤال ازدواجية العلاقة الثلاثية بين الحركة والحزب والدولة  خمس مرات، وسؤال عن التمويل تكرر مرتين، ولوحظ حضور طاغ للإعلاميين والصحفيين، ويظن أن السبب هو تغيير الأمين العام ومناقشة خليفة “البشير” كما شوهد رجل واحد بزي الجيش، وأعلنت المنصة السماح لدكتور “مصطفى إسماعيل” تلخيص دوره في كلمات؛ لأنه سيلحق بالرئيس “البشير” المتوجه لمطار المرخيات، وأكمل “رزق” كوب الماء وتشابك الصحفي “أحمد شريف” مع “الخاتم” لتلاوة سؤال الأخير بوضوح، كما تغالط صاحب التيار الغائبة والبروف “إبراهيم” حول وضعية ما، وظهر “تيتاوي” في الصف الثالث و”الفاتح” في الصف الأخير من الجهة الجنوبية، بينما غاب معظم رؤساء التحرير، وخرج “مصطفى أبو العزائم” قبل النهاية.
ملامح الصورة
تُليت عناوين بارزة للأوراق التي ستقدم في المؤتمر العام انحصرت في مؤشرات الحكم الإسلامي وتداعيات انفصال الجنوب والموجهات العامة للدستور ومسألة صعود الإسلاميين والتحديات الاقتصادية، وسرد البروف “إبراهيم” أن المؤتمر لا ينحصر في انتخابات الشورى والأمين العام بل ستكون مفاكرة عامة فيها الأخذ والرد في الأسلوب الساخن، واختار أن يكون للإسلاميين المتكاسلين حظ أوفر في التظاهرة، قائلاً: لابد من الاتصال بأي كادر إسلامي والجلوس معه، إما أن يصحح موقفه وإما أن تصحح الحركة موقفها. وأضاف: (سنصل في الموعد المضروب).
وألمح لأهمية المؤتمر بعد وقوع الانفصال وصعود الحركات الإسلامية للحكم بعد ثورات الربيع العربي. وقال “مصطفى إسماعيل” ستشهد الساحة حضور منقطع النظير، وكل من يخطر ببالك من العلماء الإسلاميين سيحضر لا محالة. وفي سؤال عن الحركة الإسلامية جناح الشعبيين، قال البروف لا نعتبرهم حركة إسلامية، ولكن تحت شمس ظهيرة ذات اليوم أكد “حسن رزق” على تقديم الدعوات لكل الطيف السياسي بما فيهم المؤتمر الشعبي.
 وطلب إسلامي قديم وبصوت متحشرج أن يغير البروف من لهجته لتعود المياه لمجاريها كما يقولون.
 كانت الأرقام المحددة هي سمة بارزة في المؤتمر الصحفي التوضيحي، حيث يتكون مجلس الشوري من 400 عضو والمؤتمر العام من 4000 عضو لبحث 15 قضية جادة، كما أعلن عن اكتمال قيام المؤتمرات في القرية الحارة الحلة والحي 10290 مؤتمر بنسبة97% وأكملت ولاية الخرطوم بنسبة 100% ومتوسط الحضور العام 87% وتفوقت جملة عدد المؤتمرات العامة عن سابقاتها1400 مقابل 8843.
 كما أعلن بحسم شديد أن الدورة الحالية هي آخر الدورات لكل القيادات الحالية، ولن تعود مرة أخرى، وسأل الأستاذ “رحاب طه” عن مستقبل الأمين العام الحالي لو اختاره المؤتمر للمرة الثالثة، فأجاب البروف بأنه لا مانع؛ لأن كل السلطة لهذا المؤتمر، ومرة أخرى وتحت شمس أغسطس بعد نهاية المؤتمر الصحفي يؤكد “رزق” أنه لا مجال لعودة وانتخاب الأمين السابق؛ لأن الدستور حسم المسألة مبكراً.  
وامتدت الصراحة لإعلان فشل بعض المؤتمرات أما بسبب الخريف أو الصراعات أحياناً، وقد تم تدريب 500 كادر لإدارة المؤتمر العام للحركة الإسلامية باعتراف وتجرد. وبشأن الترتيب ذكر أنه تم التحسب لكل صغيرة وكبيرة، قبل المسافة التي قدرت  بـ77 يوماً، الفيصل الأكيد لإقامة أهم المؤتمرات للحركة الإسلامية في ظل  نقلة نوعية نادرة الحدوث.
لياقة البروف مستمرة، وهو يجيب على سؤال مصدر تمويل المؤتمر، فرد بسرعة أن مؤتمر الحركة الإسلامية تموله الحركة الإسلامية. وفي ذات السياق، سُئل عن ظروف الناس والتقشف، فأكد “إبراهيم” أننا في الحركة لسنا معزولين عن عامة الناس ولنا مشاعر، ولكن بالمقابل، فمؤتمر الحركة الذي تصرف عليه الأموال يبحث شؤون الناس وتطورهم في شتى سبل الحياة.
 (لا نعتبرهم أعضاء في الحركة الإسلامية)، كان هذا رد لسؤال عن دعوة الحركة الإسلامية بنسخة المؤتمر الشعبي، وهنا تدخل العم “إسماعيل طه” معرفاً نفسه بأنه من إخوة السامري، قائلاً: لماذا لا تعقد الحركة الإسلامية مؤتمرها في بيتها؟ وأين هي الآن بيتها وأهلها، وعملها، ورد البروف (سنذكرك بكل التفاصيل الحركة بيتها وأين هي وماذا تفعل!!).
عضويتنا هي عضوية الحركة، والمؤتمر الوطني هو الجهاز السياسي والتنفيذي لنا، وفي شرحه لازدواجية المناصب، قال إذا كان هناك أمين عام أو نائب رئيس، فإنه يأتي بجدارته كشخص وتحكمه ضوابط وظيفته وليس ضوابط الحركة الإسلامية، وهذه أحسن معادلة وجدناها.
ومعنا رجال أعمال في تجارتهم ورياضيون ومثلهم في المؤسسات السياسية، ولا تفرض الحركة الإسلامية أي قيادة لتلك المؤسسات ودورنا (دوران) سياسي واستراتيجي، والأخير كمهمة إنشاء الأحزاب ليكون لنا فيها رجال لعم دولاب العمل العام الإسلامي.
 وعن الشباب، أعلن أنه الآن لا يوجد أي واحد من الشيوخ يصر على استمراره في المنصب، وأهلاً وسهلاً بالشباب..
 وكدليل على لياقة البروف الحادة في إدارة مزاج المؤتمر الصحفي ترجاه الأستاذ “عصام” (حركة إسلامية قديم) قائلاً له: (اترجاك بحق الشهداء والمجاهدين أن تدعو لجمع الصف الوطني وليس للإجابات القاسية). واستجاب البروف له، وأعلن (نمد أيدينا لإخواننا وما زالت علاقتنا الودية مستمرة مع البعض).
 وعن مذكرة الألف أخ الشهيرة قال الدكتور “إبراهيم أحمد عمر” أننا لا نخاف النقاش، ولم نتجاهلهم، وجلسنا معهم أنا و”نافع” الساعات الطويلة والمذكرات ظاهرة جيدة لفتح النقاش، وتوسيع أطره، ومن الأحسن الحوار معها وليس منعها من الظهور، وكان نقدهم بناءً وموضوعياً وهم على العين والرأس.
 وفي إجابة ملفتة لسؤال عن هل الحركة الإسلامية مسجلة كغيرها من الأحزاب، فقال إن الحركة الإسلامية أكبر من أن يتم تسجيلها، ولا توجد مؤسسة مؤهلة تستطيع القيام بهذا المعنى، وإذا تطورت المؤسسات لتلك الدرجة، فالحركة الإسلامية جاهزة أن تسجل نفسها.
 وفي (غلاط) مسموع بين “عثمان ميرغني” والبروف حول رفض الحركة أن تدخل عليها كيانات أخرى، وبالمقابل إصرارها أن تدخل هي لتلك الكيات، كما أوضح البروف مدللاً بجبهة الميثاق، ولكن “عثمان” رد بالقول إن جبهة الميثاق كانت تجمعاً سياسياً وليست حزباً واحداً، كما فهم البروف “إبراهيم أحمد عمر”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية