حوارات

"الشفيع عبد العزيز" المدير العام لقناة الهلال الرياضية لـ(المجهر السياسي)

–     نريد نقل تفاصيل المجتمع الرياضي وتحويله لصورة تلفزيونية
المقدمة
دخلت مبنى قناة الهلال الرياضية أبحث في الوجوه عن “الشفيع” وكان مناخ القناة مشغولاً لتعيين درجة الصفر للبث والتشغيل، لا مكان للون الأحمر والأصفر حتى الأقمصة والبلوزات والمناديل والديكورات، وجدت “الشفيع” غارقاً في ذلك الشبر من التأسيس، كان الضيوف يعرضون شهاداتهم وإبداعاتهم للعمل في القناة، الأصدقاء يأتون بالأصدقاء، وسمعنا أن البث سيكون تدريجياً.
 “الشفيع عبد العزيز” شخصية هادئة وربما لا يحب تلك الأضواء ولا ينبهر بسهولة لمن يتعرف بهم للتو، مسؤول عن كلامه القليل، ويجامل من حوله بصعوبة، وربما لو خرج منه ضيف ثرثار لحمد الله، استدرجته حتى نلت منه الرغبة في الصبر على كل أسئلتي، وسرقته من نفسه ليحكي عن أهله في السكة الحديد وقبيلة الدراما وتاريخ الفن حتى وصلنا رويداً رويداً إلى (أغاني وأغاني) و”الكاردينال” و”صلاح إدريس”، سألته عن ملامحه الحزينة ومغادرته النيل الأزرق وماذا يريد أن يفعل في قناة الهلال الرياضية.
فإلى الحوار أدناه.
–     
{ نتحاور معك كفنان؟
–    نشأتي الأولى في عالم السكة الحديد، ومعها تعدد الأمكنة دعمت الصورة الذهنية عندي.
{أنت ابن السكة الحديد يبقى أنت محظوظ؟
– محظوظ جداً تجولت في معظم مدن السودان، بالقطار من بور تسودان إلى بابنوسة وتندلتي ولا زلت أتذكر ذلك اليوم، نحمل عفشنا في عربة مفتوحة حتى الدجاج وكان آخر منصب لأبي ناظر محطة ويختزل عندي حضارات قديمة لبلدي.
{ لابد أن فيك شيئاً من الاشتراكية، فعالم السكة الحديد والنقابات وزمن أبوك؟
– (دا صحيح) نريد نقل تفاصيل المجتمع الرياضي وتحويله لصورة تلفزيونية. واستفدت منه في تنمية خيال خصب أمام كل صورة، قرأت لمكسيم غوركي وكنت ملهماً بالواقعية السحرية وفي محطة ربك اشتريت الكتب المهمة واشتركت وأنا صغير في ميكي ثم جئت لعالم همنغواي وشارل ديكنز وجورج زيدان وكل شئ هادئ في الميدان الشرقي.
{ لابد من الحديث عن خلاء الشمالية القديم كيف كان إلهامه؟
– كان إلهاماً عجيباً في أمكنة أهلنا المحس، حيث الألوان والحضارة.
{ فيك حالة حزن، يمكن تكون بقايا هزيمة(مين عارف)؟
– ليست ثمة هزيمة ولكنه حزن.
{ السكة الحديد؟
– كنت أسأل أبوي أسئلة عن المذيعين وكنت مفتوناً بالراديو الكبير (الترانزستور).
{ إبداع الإذاعة واضح جداً؟
– لأنه يكون الصورة الذهنية ببداعة وكان عندي دفتر سجلت فيه كل شاردة وواردة عن الشعراء والأغنيات والفنانين.
{ علاقتك مع السينما؟
– من أيامنا في كوستي وكنا صغاراً نشاهد وردي وود اللمين وعثمان حسين بانبهار زائد وأول فيلم كان (من أجل أبنائي) بكيت فيه.
{ وحصة المطالعة؟
– كان المعلم يسرد لنا حكاية طفل في هولندا ذات الأراضي المنخفضة، كان مصاباً بالبرد، وكان الفصل يضحك بينما أنا أبكي.
{ ليه بتبكي؟
– عشت الدور وذهب خيالي بعيداً وصحبني المعلم لمكتبه وقدم لي أسئلة متنوعة وصار قريباً مني.
{ كبرت؟
– وأول محطة أظنها كانت البريد والبرق وهنا حصلت تحولات وقابلت “مصطفى سند” وعالم اللاسلكي والتلغراف ولفت نظره من خلال أسئلتي له وكتبت أول جريدة حائطية.
{ هل سألته عن سر علاقته بالبحر؟
– تلك كانت أسئلة كبيرة، وتقريباً ناقشته في كل شيء.
{ أعتقد أن الأستاذ الكبير أحمد البلال مر من هناك أيضاً؟
– كان مسؤولاً عن توزيع الخطابات وقام بموضوع سندات الادخار لـ(الأيام) وبقية الصحف.
{ كنت بتكتب خواطر؟
– نعم وبدأت بالقصة القصيرة ومن الكتابة الإذاعية وجدت نصائح (أمشي في الدرب دا).
{ لا تنسَ هيلاوي لجيلكم؟
– دا كان حتة تانية وشئ بديع(عالم تاني).
{ صرت نجماً؟
– في تلك الأيام الأولى،  نجم في كوستي بس.
{ عاوزين إضاءة بكونك(حزين) كدا؟
– يمكن بسبب الوجدانيات المأسوف عليها وبرضو بسبب الواقع الحزين دا وفي الحقيقة قرأت مبكراً سيرة   “التجاني يوسف بشير” و”إدريس جماع” و”إبراهيم ناجي”  و”محمد عبد المعطي همشري”، هؤلاء تعذبوا في هذه الحياة.
{ أجندتك الخاصة وأنت تقوم بعمل فني؟
– لم أنتبه لذلك السؤال أبداً.
{ الفن مع الأيديولوجيا؟
– يؤثر جداً في الاتجاه السالب.
{ (ليه ما ألهمتك الاشتراكية وعالم السكة الحديد في اتجاه معين)؟
-تأثرت ولكني طورتها لواقع مجتمعنا، جوهر الفكرة ولكن بعطر سوداني ودي هواجسي.
{ مؤمن بها في نقل حياتنا لصورة بلورية؟
– مؤمن جداً بها.
{ هل كان إخراج (عرس الزين) شيئاً بديعاً فعلاً؟
– نعم ولكن أضعفه الميل الشديد للرمزيات، أحاطوه بهالة من الغيبيات وكان ممكن التركيز على شخصية “الزين” بكونها شخصية عادية تحمل تلك الأفكار العظيمة.
{ (دا نقد فني)؟
-التهويمات أضعفت الفكرة جداً فالزين قال كلاماً عين العقل وفي لحظات معينة ولكن كمخلوق معجزة، وهذه النقطة هزمت كل العمل تقريباً.
{ الدراما السودانية ليست على ما يرام؟
– خارج الحدود يقولون إننا لغة لاهثة ولا تفهم وهذا خطأ وعندنا في زمن الستينيات والسبعينيات أفلام محترمة ورائدة.
{ أزمتنا أكبر من كدا؟
– محتاجين أدوات إنتاج.
{ التمويل نغمة قديمة؟
– لكنها فعلاً معضلة الزمان وكل المسلسلات المصرية وغيرها يتم تصويرها بأكثر من كاميرا ولسع عندنا كاميرا واحدة.
{ عمل كبير تعتز به؟
– فيلم وثائقي عن شخصية سودانية مغمورة ولكنها قامت بعمل عالمي كبير ومهم، “ساتي ماجد” شيخ الإسلام في أمريكا من 1904 وحتى 1930 نشر مفاهيم الإسلام وكان المسؤول الوحيد عن كل مسلمي القارة الأمريكية.
{ كيف نبعت هذه الفكرة الغامضة وربما الفكرة السياسية؟
– اهتمامي له سببه، العمق الدعوي وتجاهل التاريخ لهذا الرجل العظيم.
{ ومن دعم الفكرة، هل الأمريكان على الخط؟
– نعم الملحق الأمريكي على الخط وفاز الفيلم في مسابقة عن التعايش الديني في أمريكا من بين 70 دولة.
{ كيف تحصلت على تاريخ رجل مغمور مثل عمي “ساتي ماجد”؟
– في مكتبة الكونغرس وجدت معلومات منظمة عنه ومرتبة وموثقة، كان المسؤول عن المسلمين في أمريكا ويخاطب السفارات من موقعه كمسؤول.
{ زمن الفيلم؟
– 48 دقيقة وبنى مساجد في واشنطون وديترويت ونيويورك وكان هو موظف في مؤسسة فورد وتحصل على قطعة أرض كمقابر للمسلمين اشتراها بحر ماله بـ3600 دولار.
{دخلت البيت الأبيض؟
–  رفعنا فيه الأذان وصلينا فيه صلاة (الجمعة) ووجدت تذكرة السفر لساتي ماجد تعود للعام 1904 وعاد للسودان 1935 لقريته في الغدار وقام بتكوين الجمعيات التعاونية 1960.
{ ربما أحفاده موجودون؟
– طبعاً والتقينا بهم.
{    قول حاجة؟
–     تلهمني أن الحياة مثل طفل أستاذه الألم وتلفتني(أستاذية) الألم داخل الإنسان وبعدين (الفرح الكتير ما كويس).
{ تاني رجعنا للحزن الذي فيك؟
بصراحة مشهور الكلام دا (الممثل السوداني عوير)؟
– عوير دي كتيرة شوية ويمكن الأزمة في الكتابة المسرحية.
{ سألت ممثلة مبتدئة عن مشهد لها وهي تستقبل أخاها بعد غياب 15 سنة، هل يمكن أن تحضنيه فقالت مستحيل؟
– هذه واحدة من نواقص الفكرة الدرامية ولكن مرات ونحن مجتمع محافظ الانفعال الزائد يضر بالمشهد.
{ سكتوا على هذه النواقص؟
–    – سكتنا كتير.
{ لن تحب أبداً الرمزية؟
– أبداً.
{وبالتالي لا تحب عاطف خيري؟
– خلينا نقول، لا أحب التجريد والرمزية.
{ فرقة الأصدقاء المسرحية كانت مفارقة؟
– لأنهم كانوا قريبين من الواقع وملامسة حياة الناس.
{ هل تشاهد إخراج يوسف شاهين وابنه خالد؟
– طبعاً وفيها يحصل الفرق.
{ (ليه ما عندنا زيهم)؟
–    شاهدت حاجة زي كدا لأحمد عبد العال.
{ التلفزيون في زمن “محمد حاتم”؟
– “حسن فضل المولى” هو من طور التلفزيون ذات يوم وبدأنا معه مشوار المساء ومن الخرطوم سلام، وكانت طفرة نوعية لمسها المشاهد بقوة واقترحنا فيها الأيام المفتوحة.
{ خرجت من قناة النيل الأزرق مغاضباً؟
– أبداً لم أخرج مغاضباً وأيضاً لم أطلع بشكل انسيابي.
{ السبب شنو؟
– جاء شريك تاني وكانت لديه رؤيته المختلفة.
{هل خرجت بسبب اللوبيات بعيداً عن الإدارة الجديدة؟
– لا لا لا.
{ سر النجاح في قناة النيل الأزرق (على أيامك)؟
– طبقنا الواقع السوداني بلمسة إبداع وطرحنا حياته الاجتماعية كما هي وكنا قراب من الناس وقدمنا لهم أنفسهم بزوايا مبدعة.
× أنت صاحب اسم (أغاني وأغاني)؟
– أنتجت الـ30 حلقة بدون اسم وهذه تحدث لأول مرة ومن الصعب تحييد الفكرة في وجدان المقدم حتى نهاية الحلقات الـ30.
{ ستشاهد (أغاني وأغاني) ليفشل ويتذكر الناس “الشفيع عبد العزيز”؟
– لا والله أنا لا أفكر بتلك الطريقة.
{ “السر قدور” من قريب؟
– دا عالم في مجال الفن، أدهشنا طوال 12 سنة بطريقة التقديم.
{ أجره عالٍ جداً؟
– أجره عادي جداً.
{ غيابك بيفرق في (أغاني وأغاني) هذه السنة؟
– دا بيتوقف على المنتج الجديد وأتمنى له النجاح والتوفيق.
{ المهمة صعبة في إنتاج مثل تلك البرامج التوثيقية؟
– لازم يتعمق في مسيرة الغناء السوداني بدقة وفهم.
{ ممكن ترجع لقناة النيل الأزرق؟
– أنا حالياً  مدير عام قناة الهلال.
{ هل أنت مرتاح في هذا المجال؟
– مرتاح جداً إلا قلق العمل العادي.
{ مكتبك في قناة النيل الأزرق؟
– ظل مفتوحاً وما عندي سكرتيرة.
{ الكلام في المذيعات كتييييير؟
– جرحوا سمعتهم وبس.
{ قصدك عبر الصحافة؟
-ما عاوز أجرح كتير وفي النهاية أي إنسان معرض للتجريح وهو يشتغل في الشأن العام كالقنوات الفضائية.
{ تاج افتراضي نريدك أن تضعه على واحدة من المذيعات ومقدمات البرامج؟
– أضعه عل رأس المذيعة “تسابيح”.
{ ليه؟
– لأنها ذكية ولماحة وجريئة وتفهم كمعد ومنتج.
{ وتاج آخر؟
– رجل في غيبوبة أليمة هو المخرج الريح الشاذلي وميزته فنان قريب من الواع ويفهمني كوييييس.
{ هل الجو السياسي مهم لينعكس في العمل الدرامي والفني؟
-(ما مهم)
{ الرقابة وناس المقص؟
– مافي تدخل كتير خاصة في الآونة الأخيرة وأنا عملت مع عوض جادين ما حصل سألني نهائياً.
{ حوش الإذاعة مضطهد من  ناس التلفزيون؟
– ما في إحساس زي دا وأنا عشت في الإذاعة والتلفزيون.
{ أجريت حواراً مع المرحومة “نجاة كبيدة”، كانت تبكي أمامي من الظلم والإهمال؟
– الله يرحمها كانت بديعة ومثقفة وأهدت عمرها للإذاعة.
{ بعد أعوام قليلة سوف تنتهي مسألة الإنتاج وتبدأ عملية الواقع المباشر جداً؟
– ربما ومتوقع وفي الحقيقة كلما اقتربت من تفاصيل الواقع اقتربت من المشاهد.
{ هل توافق أن يدخل المخرج مع الزوج والزوجة لأوضة النوم؟
– لا ونحن في مجتمع محافظ ومتدين ولديه خطوط حمراء.
{ لم تعمر طويلاً في قناة الخضراء؟
– هي تقريباً توقفت وبطبيعتها لم تشهد من الأول أي استقرار.
{ أنت مدير عام قناة الهلال؟
– وهلالابي على السكين وكانت بيني وأبوي المريخابي مشادة مستمرة.
{ كيف تخطط للعمل في قناة الهلال؟
– هي قناة تربوية إبداعية اجتماعية وسنهتم بهذا المثلث الكروي لربط الواقع الأسري والحياتي للمشاهد بكورة القدم والرياضة عموماً.
{ سنشاهد تطوراً في الرؤية مثلاً؟
– قطعاً ومن كل النواحي إدارة ومشجع ولاعبين وسنهتم أكتر بكشف الوجدان الهلالي العام ونتيح التعبير عنه.
{زيارة الأخ “جمال الوالي” للجوهرة تطور مهم؟
– قربت المسافة وأطلقت أفكاراً حبيسة ومسجونة في مربع صغير.
{ المسافة الواقعية بين العرضة شمال والعرضة جنوب بسيطة ولكنها من الناحية النفسية متباعدة ومتباعدة؟
– سنعمل نحن في قناة الهلال على تجسير تلك المسافة لو وجدنا تعاوناً متبادلاً.
{ هل ستظهر في قناة الهلال بألوان الأحمر والأصفر لو كان دا مزاجك؟
– جربت كل الألوان، ولكن حينما أدخل قناة الهلال ستكون وأن الهلال من ثوابت الظهور.
{ وكان مزاجك الأحمر؟
– أحترم الانتماء.
{ شئ معجب به في المريخ؟
– حماس الثمانينيات.
{ كيف تعبر عن حبك للهلال؟
– عبوري لنهر متلاطم الأمواج.
{ المزعج في الهلال؟
– حماسي وأنا مشاهد لهم أكتر وأقوى منهم وهم داخل الملعب.
{ حماسك أكتر من اللاعبين وهم يؤدون مهامهم؟
– نعم أنا عندي أكتر منهم.
{ (هوية أم العيال)؟
– أم العيال مريخابية ولكنها ما شغالة بالمريخ كتير.
{ هل الكاردينال مناسباً لقيادة الهلال؟
–     جداً جداً.
{شهادتك مجروحة؟
– (فعلاً دا كلام صاح).
{ “صلاح إدريس”؟
–    أرجووووووك لا تدخلني في هذه الدوامة.
{ تقرأ لمزمل باستمرار؟
– مهم جداً تقرأ لمزمل.
{ أخيراً نختم بالجديد في قناة الهلال؟
– نريد نقل تفاصيل المجتمع الرياضي وتحويله لصورة تلفزيونية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية