شهادتي لله

(4) رمضان .. المفاصلة التي هزّت عرش الإسلاميين (5)

بعد أن أسقط الشيخ ” الترابي ” الموقعين على(مذكرة العشرة (بالجملة في انتخابات مجلس الشورى من داخل المؤتمر العام الثاني للمؤتمر الوطني في أكتوبر من العام 1999 م)مؤتمر العشرة آلاف عضو (، نقل المعركة إلى البرلمان، شارعاًص في تقديم التعديلات الدستورية وإجازتها .
كانت خطة ” الترابي “كما بدت، أن يقلِّص صلاحيات رئيس الجمهورية، ويمنح البرلمان سلطة وفاعلية أكثر، وأن ينسحب الجيش من الحياة السياسية. فــ”الترابي” رحمه الله لم يكن بطبعه وتركيبته يحب العسكرية والعسكريين، وإن استخدم آلياتهم في مرحلة من مراحل عمله السياسي، والذين تابعوا مسيرة الشيخ كانوا يعرفون أنه لم يكن يأبه كثيراً حتى للرئيس المشير”جعفر نميري ” في أوج سطوته وسلطانه، عندما كان مستشاراً له في القصر الجمهوري بُعيد المصالحة الوطنية في النصف الثاني من سبعينيات القرن المنصرم. ولم تكن المجموعة العسكرية والأمنية المحيطة بالرئيس ” نميري ” بقيادة النائب الأول ومدير جهاز أمن الدولة اللواء وقتها ” عمر محمد الطيب ” على وفاق مع ” الترابي” ، حتى بعد أن أصبح من مساعدي الرئيس، ولم يكن “الترابي “يحبهم،  وكان يسخر منهم علناً في مكاتب القصر وديوان النائب العام !!
مضى ” الترابي ” في عرض وإجازة تعديلاته الدستورية، ومن بينها سحب سلطة تعيين ولاة الولايات من رئيس الجمهورية، المادة التي ما زالت تثير جدلاً حتى في مقترح تعديلات الحوار الوطني في العام 2017 م !!
احتقنت العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني بصورة مزعجة تسرّبت للرأي العام، فالرئيس ومن حوله كانوا ضد إجازة تلك التعديلات بصورتها المعروضة وفي هذا الوقت بالتحديد .
تدخل النائب الأول الأستاذ ” علي عثمان محمد طه ” وترجى شيخ ” حسن ” أن يتم إرجاء النظر في التعديلات لحين التوافق بين الطرفين وتقريب وجهات النظر.
وصل ” علي عثمان ” إلى البرلمان وخاطبه محاولاً تقديم توضيحات مطولة للنواب حول رؤية الرئاسة لمقترح التعديلات الدستورية .
ولكن يبدو أن الشيخ لم يكن مقتنعاً بما قاله نائبه في التنظيم ونائب الرئيس في الجهاز التنفيذي ” علي عثمان” ، فمضى كالقطار الذي لا يتوقف في المحطات، طارحاً التعديلات للمداولات والتصويت !!
في جلسة للبرلمان بثتها الإذاعة والتلفزيون، قرأ رئيس المجلس الدكتور ” حسن الترابي ” للنواب نص خطاب بعثته رئاسة الجمهورية طالبة تأجيل النظر في التعديلات الدستورية، قال ” الترابي”: (وصلني خطاب من رئاسة الجمهورية بدون نمرة وبدون تاريخ  …..) ، سخر من الخطاب، ورفضه، واستمر في عرض التعديلات الدستورية .
في تلك الأثناء، برز دور ” علي عثمان ” بصورة مختلفة تماماً عن مرحلة  (مذكرة العشرة (التي آثر خلالها أن ينأى بنفسه عن مسرح المواجهة .
بعد مؤتمر (العشرة آلاف) عقد ” علي عثمان ” مؤتمراً صحفياً صاخباً، كان أبرز ما قاله فيه : ( لن نسمح بانتقال التصفيات من الحزب إلى الدولة) .
في مرحلة مذكرة العشرة في أكتوبر من العام1998 ، حضر النائب الأول للرئيس الجزء الأخير من اجتماع الشورى، ثم خرج إلى داره، فلحق به الدكتور ” غازي صلاح الدين” ، وطلب منه موقفاً واضحاً من المذكرة، فحذّره ” علي عثمان ” من آثار هذه المعركة، وقال له إن ما تفعلونه سيكون له ما بعده من آثار سالبة ربما تعصف بكل الدولة .
لم يكن ” غازي ” من)أهل بدر) في موضوع المذكرة المطالبة بتصحيح نهج ” الترابي “في إدارة الحزب، لكنه صار من بعد ذلك أقوى المدافعين عنها والمتزعمين لتيارها الذي أفضى لقرارات الرابع من رمضان .
نواصل غداً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية