تقارير

رئيس مكتب سلام دارفور "مجدي خلف الله" يكشف عن عرض مبادرة السلام لرئيس الجمهورية قبل الكشف عنها رسمياً

طائرة “تاركو” تحمل العائدين من قيادات العدل بأنجمينا إلى مطار الخرطوم…مشاهد وتفاصيل
الأب الروحي للمقاتلين “سليمان جاموس” لـ(المجهر): لقائي بالرئيس التشادي حول تحقيق السلام والاستقرار في دارفور
الخرطوم – طلال إسماعيل
انخفضت درجات الحرارة في الخرطوم ظهر أمس (الثلاثاء)، وطائرة “تاركو” القادمة من العاصمة التشادية أنجمينا تحمل في داخلها  وفد قيادات حركة العدل والمساواة برئاسة أمين الشؤون الإنسانية “سليمان جاموس” وأمين التنظيم والإدارة بالحركة “أبو بكر حامد” وبرفقتهم “عبد الكريم أحمد كاري” من المؤسسين للحركة والمسؤول عن مكاتبها في ولاية النيل الأزرق، بالإضافة إلى “حامد حجر حسن” خريج الكلية الحربية العراقية برتبة ملازم إلى أن وصل لرتبة رائد، وكان ممثلاً لحركة العدل في لبنان ومنسق الجبهة الثورية وركن الإدارة، و”أبو القاسم عبد الرحمن بشير” مسؤول مكتب الحركة في كندا، ومع قدومهم بدأ رذاذ المطر في الهطول استبشاراً بقدوم السلام في دارفور وإنهاء المعاناة الإنسانية، قد تبدو تلك الأجواء في الطبيعة، لكن أجواء السياسة الساخنة في تصاعد المعارك تحتاج إلى ذلك الجو الربيعي.
هاتفت (المجهر) أمين الشؤون الإنسانية لحركة العدل “سليمان جاموس” ليلة (الثلاثاء) وهو في أنجمينا تسأله عن صحته وأخباره فقال: ” بخير والحمدلله، إن شاء الله ربنا يطول في العمر، أسباب كثيرة لعودتي البلاد منها الصحية ومنها الأسرية ومنها تبدل قناعات من الحرب إلى السلام، تلقيت اتصالات كثيرة من الأهل ومن الأصدقاء ومن كثير من السودانيين الذين نكن لهم الاحترام، التقيت الرئيس التشادي “إدريس ديبي” وتحدثنا عن ضرورة الجنوح للسلام، صحتي كويسة ما عندي عوجة والحمدلله العمر تقدم والجسم ضعيف ومرضت، ولكن اعتبر نفسي كويس والحمدلله”.
مشاهد من مطار الخرطوم
في الصالة الوزارية بمطار الخرطوم الدولي، كان وزير العدل الأسبق “محمد بشارة دوسة” ومعتمد محلية أمبدة “عبد اللطيف فضيلي” وطاقم مكتب سلام دارفور التابع لرئاسة الجمهورية وأسرة العائدين من قيادات حركة العدل ينتظرون طائرة “تاركو”، الساعة تقترب من الثالثة عصراً، والاتصالات لا تتوقف، والتساؤلات وكذلك الاحتمالات، وخلف صقر الجديان الموضوع داخل الصالة الوزارية قال رئيس مكتب سلام دارفور “مجدي خلف الله” :” الحمدلله الذي جعل السلام اسماً من أسمائه، الحمدلله الذي جعل السلام وصلة بين القلوب المتنافرة، نرحب بالإخوة العائدين للوطن الذين لبوا نداء رئيس الجمهورية “عمر البشير” ولبوا نداء السلام والحوار  أخونا الباشهمندس “أبو بكر حامد محمد نور” أمين التنظيم والإدارة بحركة العدل والمساواة والأخ الشيخ الوالد “سليمان محمد جاموس” أمين الشؤون الإنسانية بحركة العدل والمساواة مرحباً بهم في بلدهم ومعاً نحو السلام ومعاً نحو التنمية يشاركوننا السلام الذي بدأناه من السلطة الإقليمية مروراً بمفوضيات دارفور في إطار السلام وإستراتيجية مشروع تنمية دارفور وإن شاء الله سيكونون إضافة حقيقة لهذا العمل، ونحن نرحب بهم وبمجهوداتهم لأنهم قيادات لا يستهان بها، لهم وجودهم السياسي والمعنوي داخل ولايات دارفور وخارجها أشكر جهاز الأمن التشادي الذين تكبدوا المشاق لتوصيل الإخوة إلى الخرطوم”.
من جانبه قال أمين التنظيم والإدارة بحركة العدل والمساواة “أبو بكر حامد”:
في البداية نحن نشكر كل من ساهم وعمل عملاً جاداً من أجل السلام، نشكر كل الذين انحازوا للسلام وهم كثر قيادات مجتمع تنظيمات سياسية وشخصيات، كثر ذهبوا في اتجاه السلام ونحن استجبنا، لذلك الشكر أجزله للرئيس المشير “عمر البشير” والرئيس التشادي “إدريس ديبي” في مجهوداتهما القيمة تجاه السلام، الرئيسان “البشير” و”ديبي” تفهما مبكراً أن السلام والأمن والاستقرار لابد أن يأتوا بخير كثير على بلداننا، وبالتالي نحن عندما دعينا إلى ذلك وعندما تقدمنا بمبادرتنا انحزنا جميعاً إلى السلام قمنا بمبادرة وكان الوسيط هو الرئيس “إدريس ديبي” ومن خلال لقاءاته مع شقيقه “البشير” أخطرنا أن استحقاقات السلام الواردة في مبادرتنا يمكن تحقيقها، والسلام أقيم وأفضل للاستقرار وللأمن، ولفائدة بلداننا وشعوبنا أردنا نحن أن نرسي أدب جديد للسلام والأمن والاستقرار من خلال الإرادة السودانية ومن داخل الأرض السودانية وبعيداً عن التدخلات الدولية، وهل ممكن ذلك؟. نعم نرى أنه ممكن”.
حركة العدل تكشف عن مبادرة للسلام من داخل السودان
وكشف “أبو بكر حامد” عن مبادرة للسلام من خلال تحقيقه بإرادة سودانية من داخل البلاد، وأضاف بالقول :” المبادرة لها شقين سياسي واجتماعي، الاجتماعي يمكن تحقيقه لأنه إضافة حقيقة ومباشرة لمعالجة أعراض الحرب يساهم في تنمية واستقرار البلد وفي رتق النسيج الاجتماعي، ويتم هذا من خلال دور الوسيط والإرادة السودانية، المتعلق بالجانب السياسي من المبادرة نحن مع كل أهل السودان منذ مؤتمر الحوار وبنوده الستة، وأننا نعمل مع كل القوى السياسية وتنظيمات المجتمع المدني ومن الداخل في كيفية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ولدينا رؤية كاملة متكاملة، وأظن أن معظمكم أطلع على ذلك، ولكننا لن نجبر ولن نغصب أحد في رؤيتنا لحكم السودان من خلال ما طرحناه في برنامجنا مؤتمرات الأقاليم والتنمية وإلحاق المناطق النائية بالخدمات تعليم وصحة وغيرها، كل هذا نعمل معاً مع القوى السياسية مع الحكومة مع المؤتمر الوطني في تحقيق أشواق الشعب السوداني ورفع المعاناة عنهم، ولكن كل ذلك من الداخل، الحريات الدستور الفترة الانتقالية والانتخابات كل ما يتعلق ببنود الحوار ومناقشتها نعمل من الداخل مع القوى السياسية في إطار تحالفات في إطار عمل سياسي مشترك نشكر الأخوين الرئيسين “عمر البشير” و”إدريس ديبي” وكل الإخوة الذين تم تكليفهم من هنا أو من هناك لتسهيل مهمة السلام وإن شاء الله معاً نكمل السلام والمبادرة وآخرون كثر سيأتون متى يرون الصدق في نجاح حوار الداخل، شكرنا للأخ نائب رئيس الجمهورية “حسبو  محمد عبد الرحمن” ووفده الذي رافقه لهذا المهمة، شكرنا لكل وسائل الإعلام نشكر الوفد التشادي المرافق لنا برئاسة المستشار “جيدي صالح” والمستشار “مختار دهب واوه” ونائب مدير جهاز الأمن العميد “بقيله شرف الدين” ونشكر سفير تشاد في السودان الأستاذ “صالح هقري” ونشكر السفير السوداني في أنجمينا “عبد العزيز حسن صالح” وكذلك طاقم سفارته ونائبه، وشكرنا الخاص لمكتب سلام دارفور الأخ “أمين حسن عمر” و”مجدي خلف الله” والوفد المرافق، تهانينا لكم بهذا الشهر المبارك ونقدم لكم مبادرتنا للسلام والاستقرار والأمن بإرادة سودانية إن شاء الله”.
وأشار “أبو بكر حامد” إلى أن لديهم  قيادات ميدانية لحركة العدل ترغب في السلام، موضحاً أن الجزء العسكري ضمن البرنامج لاستيعابهم في إطار الترتيبات الأمنية وقال:” هذه النقاط من خلال التفاكر والتشاور سيتم حسمها هنالك قوات للعدل في مواقع معروفة، نحن لم ننشق من حركة العدل، نحن حركة العدل أتينا للسلام بقناعتنا وسيأتي الآخرون ومن يقلل من شأن السلام والأمن والاستقرار فنؤكد له صدقنا في تنفيذ مخرجات الحوار لتحقيق السلام بإرادة سودانية وفي تنفيذ مبادرة السلام كلهم سيأتون لا خيار سوى السلام، نحن نريد أن ننقل السودان إلى مرحلة أخرى نريد أن نترك مرحلة الاحتراب، دعواتكم بالنجاح والتوفيق”.
“مجدي خلف الله” يكشف عن عرض المبادرة للرئيس
وردَّ “مجدي خلف الله” على أمين التنظيم بحركة العدل بالقول :” نؤكد للباشمهندس “أبو بكر حامد” بأننا سنسير في شراكة سياسية خصوصاً وأن البلاد الآن يعمها الحوار والوفاق وحكومة الوفاق التي أعلنت قبل أسابيع. نحن نؤكد للباشمهندس بأن المبادرة سنعينها ونضعها عين الاعتبار وسنساهم فيها، وكذلك نؤكد  للأخ “أبو بكر” والإخوة أعضاء الوفد أن مشاريع تنمية دارفور تسير بصورة جيدة خصوصاً بعد تكوين المفوضيات مؤخراً، ونؤكد كذلك أن المشاريع المستهدفة في دارفور وهي أكثر من (1073) مشروعاً، في تنمية دارفور (50%) منها أنجز، وإن شاء الله نحن معهم نكمل المتبقي، بإذن الله أؤكد لكم سيكونون في رعايتنا ونجلس معهم في اجتماعات مصغرة وأوسع لعرض المبادرة بصورتها النهائية، وبعد ذلك تعرض لرئيس الجمهورية “عمر البشير”، نشكر كل من أسهم في هذه المبادرة خصوصاً الرئيس التشادي “إدريس ديبي” ونائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن”، وسيكون هنالك مؤتمر صحفي للوفد في الأيام القادمة”.
لم يشأ أمين الشؤون الإنسانية بحركة العدل “سليمان جاموس” أن يتكلم ولكن بعد إلحاح قال:” الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، رمضان كريم قد عدنا والعود أحمد وإن شاء الله نقعد نسمع ونسمع في إطار قدراتنا لبناء السلام، ونعتقد أن هنالك مساحة لنساهم في صناعة السلام، ولذلك جئنا لهذا الغرض، ولكن ندفع في الاتجاه الذي يؤدي بهذا البلد إلى السلام والاستقرار بقدر الإمكان، لا أريد أن أحصر نفسي في دارفور ولا السودان، هنالك أجندة أوسع الآن تجاه الإسلام السني، جئت لكمية من الأهداف ومن ضمنها تحقيق الاستقرار في السودان”.

“سليمان جاموس”…الأب الروحي للمقاتلين في دارفور
تنقَّل ما بين حركة تحرير السودان التي ساهم في تأسيسها إلى حركة العدل والمساواة، ويعتبر الأب الروحي للمقاتلين في دارفور، بسبب عمره السبعيني، وخبرته وحكمته. ولد “سليمان جاموس” في ولود في 1948 بدار زغاوة بقرية «أنكا»، التي تبعد نحو «100» كيلو متر، شمال مدينة «كتم» ثاني أكبر مدن شمال دارفور، من والدين يمتهنان الزراعة، بالإضافة لرعي الإبل والضان. درس “جاموس” القرآن الكريم كما يروي عن نفسه في مدرسة قرآنية في قريته «أنكا» والمعروفة «بالخلوة» وحفظ أربعة أجزاء منه قبل أن يدخل المدارس المحلية أو الصغرى، وانتقل “جاموس” من مسقط رأسه «أنكا» إلى مدرسة «ذات الرأسين» الابتدائية في «كتم» لدراسة المرحلة الابتدائية، ومنها انتقل بتقدير نجاح عالي إلى المدرسة الصناعية الوسطى في مدينة نيالا في جنوب دارفور في الفترة من 1960م، وحتى العام 1964م، ومنها إلى العاصمة الخرطوم (لأول مرة) ليلتحق بالمعهد الفني «جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا الآن» حيث درس الهندسة الميكانيكية، وحصل منها على درجة الدبلوم في العام 1968م، وقبل تخرجه، وتحديداً في العام 1964م، انتمى “جاموس” إلى جماعة الإخوان المسلمين في السودان بزعامة الدكتور “حسن الترابي”، والتي تطلق على نفسها في تلك الفترة اسم «جبهة الميثاق»، وقام بتجنيده المرحوم “سليمان مصطفى أبكر” أثناء زيارة خلال عطلة صيفية قام بها إلى قرية «أمبرو» في شمال دارفور، واستمر “جاموس” في صفوف الحركة الإسلامية واختار “جاموس” الانضمام إلى صف الشيخ الراحل “حسن الترابي” الذي أسس حزب المؤتمر الشعبي، اختاره سكان حي «أمبدة» الشهير في أم درمان عضواً في مجلس البلدة، وتم اختياره في العام 1996م، رئيساً لمحلية          «الأمير». وتعرض “جاموس” إلى سلسلة اعتقالات خلال أعوام: 2000، و2001، و2003،
وفي 7 أكتوبر عام 2003 قرر “جاموس” الانضمام إلى حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور فاستقل طائرة ركاب في سفرية عادية من الخرطوم إلى مدينة الفاشر دون أن يخطر أحد «حتى أسرته»، ومنها تسلل سراً إلى مواقع الحركة في 10 أكتوبر 2003. وحين بدأت الخلافات تدب بين هذا الأخير و”مني أركو مناوي” الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحركة تحرير السودان، في أبريل 2006، قبيل انشقاق الحركة إلى قسمين، كان لـ”جاموس” رأى معارض لاتفاقية السلام بعكس “مناوي”، وفى مؤتمر «حسكنيتة» الشهير (2006) الذي حضره مسؤولون أمريكيون ومساعدون لوزيرة الخارجية الأمريكية، بالإضافة للسفير الليبي الذي كان السفير العربي الوحيد حضوراً في المؤتمر داخل قرية «حسكنيتة» الصغيرة في دارفور التي تعد أحد معاقل الحركة وسط الصحراء، برز الخلاف واضحاً بين “مناوي” و”جاموس” إلى حد أن أنصار هذا الأخير قاموا بترشيحه لرئاسة حركة تحرير السودان دعماً لمواقفه القوية من “مناوي” وعملية السلام. لكنه تنازل في اللحظات الأخيرة حتى لا تحدث انشقاقات أخرى داخل الحركة الوليدة المنشقة عن “عبد الواحد” بحسب مقربين من “جاموس”.
تم اعتقال “جاموس” بعد مؤتمر حسكنيتة في محبس «بئر مزة» حيث إصابته آلام انزلاق غضروفي تعرض له في وقت سابق، وساءت أوضاعه الصحية مما استدعى الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التي ظلت تتعامل معه كرجل الخدمات الإنسانية في مواقع الحركات المسلحة والقرى المجاورة للتحرك لإنقاذه صحياً، فدخلوا في حوار مع “مناوي” بضرورة السماح للأمم المتحدة بإجلاء “جاموس” إلى موقع آخر يتلقى فيه العلاج ثم يعود إلى دارفور أو الذهاب إلى أي مكان يرغب بالبقاء فيه، وبعد مناقشات مطولة وافق زعيم حركة التحرير على الطلب فأقلت طائرة تتبع للأمم المتحدة “جاموس” في «24 يونيو عام 2006» من «بئر مزة» إلى مدينة «كادوقلي» حاضرة جنوب كردفان. وخلفت أزمة مع الحكومة.
من داخل مطار الخرطوم الدولي يقول وزير العدل الأسبق “محمد بشارة دوسة” : الحرب لا قيمة لها ولا تجني أي نتيجة كل الحروب تنتهي بالسلام والجلوس في طاولة المفاوضات، لذلك من العقل أن يجنح الناس إلى السلام باكراً لتوفير أرواح ومقدرات البلد، في الحوار الوطني طرحت كل القضايا الشاملة التي تناولت محاور تنموية وسياسية، والعائدون سيجدون أنفسهم أمام توصيات واسعة ووثيقة وطنية شاملة، أناشد كل من يحمل السلاح في هذا الشهر المبارك أن يأتي للسلام لنصنع السلام من الداخل”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية