العفو الرئاسي عن القسيسين.. (حدث بسيط) أم خطوة مهمة لرفع العقوبات الأمريكية؟
أشاد به عضو في الكونغرس
الخرطوم – وليد النور
شهدت العلاقة بين الخرطوم وواشنطن تطوراً متسارعاً منذ توقيع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته “باراك أوباما” على قرار رفع الحظر الجزئي المفروض على السودان منذ تسعينيات القرن المنصرم، وفي استجابة لاتصالات ومناشدات ومراسلات عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي على رأسهم “توم قاريت” أسقط رئيس الجمهورية العقوبة عن القسيسين “حسن عبد الرحيم كودي” و”عبد المنعم عبد المولى”، وقبلها في يناير المنصرم أصدر رئيس الجمهورية قراراً بإسقاط العقوبة عن الصحفي التشيكي “بيتر جاسيك” الذي اعتقلته السلطات الأمنية في أكتوبر 2015، بعد دخوله البلاد بأربعة أيام، ليظل قيد الانتظار لأكثر من عام قبل أن تتم إدانته في يناير الماضي بمحكمة الخرطوم شمال ،بأكثر من تهمة بدءاً بالتجسس، مروراً بإثارة الكراهية بين الطوائف ودخول البلاد بصورة غير شرعية، ونشر أخبار كاذبة، وتصوير أماكن عسكرية، وصولاً إلى العمل لصالح منظمة طوعية غير مسجلة رسمياً، لينطق قاضي المحكمة بسجن الرجل (20) عاماً والغرامة بمبلغ (15) ألف دولار.
{ عفو رئاسي
حسب خبراء قانونيين فإن القانون منح رئيس الجمهورية الحق في استخدام سلطة أو ممارسة حق العفو طبقاً لنص المادة (208) من قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991م، وحدد أن يكون العفو عقب الإدانة وليس قبلها بالإضافة إلى أن العفو لا يشمل جرائم الحدود، ولا يعطي القانون سلطة حق العفو في قضايا الحق الخاص.
وقد أصدر رئيس الجمهورية قراراً بإسقاط ما تبقى من عقوبة السجن المحكوم بها على المدانين القسيس “حسن عبد الرحيم كودي” و”عبد المنعم عبد المولى”، وذلك استجابة لاتصالات ومناشدات ومراسلات عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي على رأسهم “توم قاريت” الذي تحرك وبادر وناشد رئيس الجمهورية عبر السفارة السودانية بواشنطن، بالعفو عن المذكورين اللذين كانا قد أدينا في قضية الترويج لمعلومات مفبركة وضارة بالبلاد، وذلك بمحكمة جنايات الخرطوم وسط في البلاغ رقم (41/2016م) تحت المواد (٢٦-٦٤-٦٦) من القانون الجنائي لسنة 1991م التي تتحدث عن المعاونة وإثارة الكراهية ضد الدولة والطوائف ونشر الأخبار الكاذبة، حيث حكم على كل منهما بالسجن (12) سنة، فضلاً عن الحكم بالسجن (24) سنة على المتهم الرئيس التشيكي “بيتر جاسيك” الذي كان قد عُفي عنه وأُطلق سراحه في وقت سابق بعد مناشدة مماثلة من بلاده.
وأشاد “توم قاريت” عضو الكونغرس بتجاوب وتعاون الحكومة السودانية وحرصها على المعالجة الحكيمة، مشيراً إلى أنه تلقى تنويراً ضافياً ومقنعاً من السفارة السودانية بواشنطن حول حيثيات قضية المذكورين وإدانتهما أمام القضاء السوداني، بعد ثبوت ارتكابهما مخالفات بمعاونة المتهم الرئيس الذي تسلل إلى جنوب كردفان وقبض عليه وضبطت معه مستندات ووثائق تثبت مخالفته للقانون، وممارسة التجسس وإثارة الفتنة والتواصل مع حركات خارجة على القانون.
{ خطوة إيجابية في اتجاه التعايش
وصف البروفيسور “صلاح الدومة” في حديث مقتضب لـ(المجهر) قرار إسقاط العقوبة بـ(الحدث البسيط) سواء من الوساطة الأمريكية أو غيرها، مشيراً إلى أن العلاقات بين الخرطوم وواشنطن تحسنت في الآونة الأخيرة، لكن ذلك لا يعني نهاية المطاف بالنسبة لرفع العقوبات نهائياً.
من جهته، يذهب رئيس لجنة التشريع والعدل السابق بالمجلس الوطني “الفاضل حاج سليمان” إلى أن إسقاط العقوبة من سلطات رئيس الدولة في الحقوق الخاصة وهي غير محددة بزمن، مضيفاً في حديثه لـ(المجهر) إن تأخير قرار إسقاط العقوبة عن القسيسين “حسن” و”عبد المنعم” لا علاقة له بإسقاط العقوبة عن الصحفي التشيكي “بيتر جاسيك”، مؤكداً أن من حق الرئيس إسقاط العقوبة في أية مرحلة من المراحل.
ويقول القس “حمد محمد صالح” رئيس الطائفة بالكنيسة الإنجيلية في حديثه لـ(المجهر) إن القرار يدل على سماحة أهل السودان ويصب في مصلحة التعايش الديني بين أبنائه، مشيراً إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية دافعت عن القسيسين وبعضها عدّه انتهاكاً لحقوق المسيحيين في السودان، لكن بعد القرار تغيرت نظرة بعض الكنائس عن البلاد ورحبت بالقرار، وقال إن رئيس الجمهورية أصدر قراراً إيجابياً يعدّ هدية للمسيحيين، وقطع الطريق أمام المنظمات المعادية للسودان التي تصدر تقارير مفبركة ضده.
لم تكن قضية القسيسين والصحفي التشيكي هي الأولى، فقد أسقط الرئيس في أغسطس من العام 2015م العقوبة في مواجهة (101) صياد مصري على خلفية اتهامهم بالتخابر والتجسس، بعد العثور على صور ومقاطع فيديو لمنشآت عسكرية في ميناء بورتسودان وجدت بحوزتهم، فضلاً عن اتهامهم باختراق المياه الإقليمية بالبحر الأحمر ومخالفة قانون الصيد.