أخيره

فى ندوة المجهر عن صاحب (النشوف اخرتا ) الاحباب يتسابقون فى الحديث عن مناقبه

المجهر – يوسف بشير
مضى “سعد الدين إبراهيم” إلى ربه مخلداً محبته عند كل فرد، الفرد الذي قال عنه: (كأنك براك أنت ناس)؛ فالفرد عنده (كل الناس)، إذن لا غرابة، ترك طاقم (المجهر) عن بكرة أبيه مشاغلهم التحريرية اليومية، ابتداءً من ربان الصحيفة، رئيس مجلس الإدارة “الهندي عز الدين”، مروراً برئيس التحرير “صلاح حبيب”، ومدير التحرير “نجل الدين آدم”، ورؤساء الأقسام، وانتهاء بالمحررين؛ لحضور ندوة عن الراحل، أقامتها صحيفتهم أمس (السبت)، الندوة التي قدمها “محمد عبد القادر” رئيس تحرير يومية الرأي العام؛ يمكننا التعبير عنها: (وفاء للحب)، وفاء لإنسان مثقف اتسقت معارفه مع سلوكه تماماً؛ كن حباً لا مثيل له لـ(المجهر) منذ بدأ كتابة عموده: (النشوف آخرتا)، في الصفحة الأخيرة.. وحتماً لم ينتهِ برحيله، فها نحن نبادله حباً أعظم بحب أكبر، وعن الحب نحكي ما حدث..
}أهم التوابل في الصحافة..
كانت أول بادرة حب من الراحل تجاه الصحيفة، موافقته السريعة على انضمامه لأسرتها، بعد اتصال رئيس مجلس الإدارة “الهندي عز الدين” الذي قال في الندوة: (لم يناقشني كثيراً)، وعزز حديثه برسالة تلقاها من الفقيد قبل ساعات من رحيله، عبر فيها عن تمنياته له بالتوفيق في قناة الخضراء الفضائية، التي وقف على رأس عملها آنذاك.
}براهو ناس..
ولـ(المجهر)، كلمة ثانية عن الراحل، قدمها رئيس تحريرها “صلاح حبيب”، أبان فيها مدى حزنه، وحزن الزملاء برحيل “سعد الدين” المبكر، مشيداً بأخلاقه التي جعلت الآخرين بمختلف توجهاتهم الفكرية والعقائدية يجمعون على حبه، مدللاً على ذلك برسائل كثيرة وردته من أصدقاء (فضفضة الجمعة)، وهي رسائل يحررها قراء الراحل في عموده بالجمعة؛ تُظهر حب الجميع للفقيد.
}حب ما منظور مثيله..
لم يبخل “سعد الدين” بالحب على أسرته مُذ كان يافعاً؛ فها هي شقيقته “سهير” تتحدث عن حثه إياها لتقول رأيها في أشعاره، أثناء جلوسه مع أصدقائه “عمر الدوش” و”محجوب شريف”، في (مصطبة) بيتهم، ولا يمكن أن نمضي في الحديث دون الإشارة إلى المجتمع المحافظ آنذاك، الذي يكبت تطلعات الأنثى سواء كانت صغيرة أو كبيرة، تضيف “سهير” أن “الدوش” و”شريف”، حذوا مسلك أخيها بسؤالهما عما تراه في أشعارهما! وبعد وصولها للصف السادس الابتدائي، نصحها الأخير بالكتابة، وبعد شروعها في الكتابة، وجدت في مكتبة الراحل أعظم فائدة، إضافة لشرحه لها ما استعصى عليها فهمه لحداثة سنها، وامتدت رعايته لها إلى أن تخرجت في الجامعة.
}هاتف حي رغم الرحيل
رعايته لأولاده، رفض ابنه “محمد سعد الدين” التحدث عنها، مفضلاً الإسهاب في حب الناس لأبيه، ولهذا تمسّك بأن يظل هاتف أبيه مفتوحاً بذات رقمه، وحينما يتصل عليهم الآخرون ليواسوهم في الفقد الجلل يصبرهم أهل البيت، في معادلة معكوسة، إذ جرى العرف أن الآخرين يعزون أهل المصاب، ولكن في حالة “سعد الدين” أختلف الأمر، لكأنه يرغب في مواصله اختلافه حتى بعد رحيله!
(المصبرنا على فقده حب الناس ليهو)، يقول ابنه “محمد”، ويضيف: (أصحاب الركشات، الطبليات، والدكاكين) كانوا يخبرونا بأنسهم مع الراحل إذا تونس معهم ولا ريب، فقد عرف “سعد الدين” بتواضعه الكبير، وبلغ حب الناس له حفظ المحيطين بموعد رواحه عن نفسه الذي يقضيه مشياً على كوبري الحلفاية، إذ يقطن بالقرب منه، يستنشق هواء النيل المعبق برائحة الأرض المبلولة بالماء، وبلغ به التواضع مبلغ ذكر محاسن المختلفين معه فكرياً، إذ كان يشاركهم الحديث عن المختلفين معه، بذكر مزاياهم!
}مسلك العباقرة..
وعن تواضعه يقول الشاعر “التيجاني حاج موسى” إنه كان يصمم على التواجد مع الناس في المقاهي، في المواصلات ومع بائعات الشاي، بجانب وقوفه مع الشعراء الشباب، ناصحاً وناقداً.
فيما عبّر عنه الشاعر “إسحق الحلنقي” بـ(كسر قواعد القصائد السائدة)، فالمبدع الحق يبتكر الجديد وإلا فكيف يستحق تسمية مبدع؟.. وأطنب “الحلنقي” في الحديث عن ذكرياته مع الراحل في أسفارهم وأمسياتهم الشعرية، مكتفياً بـ(كسر قواعد القصائد السائدة والنهايات المفتوحة لقصائده).

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية