حوارات

عضو الآلية التنسيقية العليا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني رئيس حزب الحقيقة الفيدرالي الأستاذ "فضل السيد شعيب" في حوار مع (المجهر)

ما قمنا به اجتهاد ربما لا يكون صواباً لكن نرجو أن لا نحرم من أجر المجتهد
نزجي الشكر للشيخ “حسن” وللمؤتمر الشعبي على الوقفة في مسألة الحريات
الشعب يعرف من الذي يتحدث عن أنصبته وحصته في المناصب ومن الذي يتحدث عن الشعب السوداني
للحريات سقف بعيد المدى الوصول إليه لا يتم بين يوم وليلة
حوار – سوسن يس
أخيراً وبعد مسير امتد لأكثر من ثلاث سنوات أعلنت صافرة قطار الحوار الوطني الوصول إلى المحطة النهائية، محطة تشكيل حكومة الوفاق الوطني، التي ستقع عليها مسؤولية إنزال برامج الحوار الوطني على أرض الواقع إيذاناً ببدء مرحلة جديدة فاصلة تزينها إصلاحات الحوار الوطني.. فهل حققت نتائج الحوار الرضا؟ وهل ستتم عملية إنزال البرامج بسلاسة ويسر أم ما زالت في الطريق بعض عثرات ومطبات؟
عضو الآلية التنسيقية العليا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الأستاذ “فضل السيد شعيب” يرى أن مخرجات الحوار تتسم بدرجة عالية من الموضوعية والوضوح ورهن خروج البلاد من أزماتها بتطبيق البرامج بنفس مستوى الوضوح والشفافية، واصفاً ما تمخض عنه الحوار الوطني بأنه نوع من الاجتهاد، وأضاف: (نرجو أن لا نحرم من أجر المجتهد إذا لم نصب الهدف).. وأعرب “شعيب” عن شكره وتقديره لحزب المؤتمر الشعبي على (الوقفة التي وقفها في مسألة الحريات)، حسب تعبيره، مشيراً إلى أن المقترح الذي تقدمت به لجنة الحريات وأثار كثيراً من الجدل كان قد قدمه الشعبي. وقال “شعيب” إن للحريات سقفاً بعيد المدى، الوصول إليه لا يتم بين يوم وليلة، لكن ما تحقق يتماشى مع الظروف الحالية.. ودعا إلى المزيد من الحريات، وزاد: (لأنه إن لم تكن هناك حريات فلن يكون هناك أمن، والرؤية التي تقول إن الأمن يتناقض مع الحريات هذه رؤية غير صحيحة فالأمن يأتي بالحريات والاقتصاد يتمدد بالحريات والسياسة تتطور بالحريات والديمقراطية تتطور مع الحريات).. فإلى مضابط الحوار..
{ الأيام المقبلة ستشهد تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تقع عليها مسؤولية تنفيذ برامج الحوار ورسم مرحلة جديدة تتحقق خلالها إصلاحات الحوار الوطني فكيف تنظر لما تحقق.. هل ترى أنه يحقق الرضا؟
– شكراً جزيلاً.. لا شك أن الحوار لا سقف محدد لنهاياته غير الوصول بالبلاد إلى بر الأمان.. والوصول بالبلد إلى بر الأمان محتاج لعوامل كثيرة تتضافر مع بعضها البعض لنصل إلى وطن معافى وسليم، إلى الوطن الذي يحلم به كل سوداني.. وهذه العوامل لا تتأتى إلا بالصبر، ولا تتأتى إلا بالتخطيط السليم. وعندما نتحدث عن الصبر وعن التخطيط السليم نتحدث عن مسائل نسبية، فالصبر قيمة نسبية وكذلك التخطيط السليم فما يراه غيري كاملاً ربما أراه أنا منقوصاً وهكذا هي الحياة ولكن يجب أن نتفق دائماً على الحد الأدنى للأشياء. فما تحقق في الحوار من مخرجات وبرامج أرى أن فيه درجة كبيرة من الموضوعية ودرجة عالية من الشفافية والوضوح.. وإذا تم تطبيق هذه البرامج والمخرجات بنفس المستوى فربما أخرج ذلك البلاد من الأزمات المتلاحقة التاريخية.
{ التعديلات الدستورية الخاصة بمخرجات الحوار في ما يلي الحريات أثارت لغطاً وجدلاً كبيراً في الساحة السياسية.. أنتم في حزب الحقيقة الفيدرالي ما موقفكم من كل ذلك.. هل ما تحقق من مخرجات هو ما كنتم ترجونه وتنتظرونه من الحوار الوطني؟
– الإجابة عن مسألة الحريات في السودان وفي الدول الأفريقية عموماً ليست بلا أو نعم. حتى الحريات هي أيضاً نسبية، وتحتاج لعوامل أخرى مساعدة حتى تكون كما ينبغي. السودان ليس بمعزل عن الدول الأفريقية والعربية، وليس بمعزل عن الثقافة الأفريقية أو العربية التي يحتاج موضوع الحريات فيها لكلام كثير، لكن نستطيع أن نقول إن السودان قد انتبه مبكراً لمسألة الحريات وانتبه للحديث عنها سواء أكان في الحوار الوطني أو قبل الحوار الوطني أو بعده. نحن لا نقول إن هناك نكسة في الحريات، لكن نقول إن للحريات سقفاً بعيد المدى، الوصول إليه لا يتم بين يوم وليلة.. الوصول للحريات يتطلب العبور بكثير من المطبات الطبيعية والاجتماعية، والوصول إلى حريات كاملة محفوف بالكثير من الأشواك. لكننا نقول إن ما تحقق في الحوار الوطني قد عبر تعبيراً صادقاً عن المتحاورين وعن جزء كبير جداً من الشعب السوداني الذي يمثلونه.
والرؤية الخاصة بالحريات، أو المراسيم التي جاءت من رئاسة الجمهورية كثير منها محله القانون وليس الدستور.. فالقوانين هي التي تحدد المهام وتعطي الصلاحيات وليس الدستور. والقانون يجب أن يتسق مع الدستور، ونحن نرجو أن يتم نقاش مستفيض حول القوانين بصورة أساسية وبصورة أكثر وضوحاً عندما تطرح في البرلمان.
{ التعديلات الدستورية هل ترى أنها عبرت عن مخرجات الحوار الوطني وضمنت الحريات؟ هل أنت راضٍ عنها؟
– أكرر ما قلته، هناك فرق بين أن نضع أسساً للحريات في الدستور وبين أن نفصل هذه الأسس في القوانين.
{ لكن الدستور أقوى من القانون والدساتير تضمن الحريات أكثر من ما تفعل القوانين.. أليس كذلك؟

– نعم الدستور هو الأقوى.. ويجب تشريع قوانين تتسق مع الدستور تماماً.
{ عفواً أستاذ “فضل السيد” ما زال السؤال قائماً: هل أنت راضٍ عن التعديلات الدستورية.. هل ترى أنها تضمن الحريات التي نصت عليها مخرجات الحوار الوطني؟
– والله مثلما قلت لك الحريات نسبية، يعني هناك أشخاص عندهم سقف للحريات لا حدود له.. أنا أقول إن ما تحقق يتماشى مع الظروف الحالية، لكن مزيداً من التجويد ومزيداً من الحريات لأنه إن لم تكن هناك حريات فلن يكون هناك أمن، والرؤية التي تقول إن الأمن يتناقض مع الحريات هذه رؤية غير صحيحة فالأمن يأتي بالحريات، والاقتصاد يتمدد بالحريات والسياسة تتطور بالحريات والديمقراطية تتطور مع الحريات.. يعني مزيداً من الحريات. أنا أقول إن الذي تم عمل جيد لكنه ليس كل الطموح، ومع التطوير في المستقبل يمكن أن نصل مرحلة متقدمة ومتطورة في ما يتعلق بموضوع الحريات، وأرجو أن يتم ذلك في تشريع القوانين.

{ كان لافتاً أن حزب المؤتمر الشعبي هو المتحدث عن الحريات وهو المتبني لموضوع الحريات وكأنها هي همه الخاص في حين أنكم- أحزاب الحوار الأخرى- كنتم تبدون وكأنكم لا اهتمام لكم بمسألة الحريات؟
– طبعاً لا ننكر على الإطلاق أن المقترح الذي تقدمت به لجنة الحريات وأثار كثيراً من الجدل مقدم من المؤتمر الشعبي، وعندما نتحدث عن المؤتمر الشعبي نتحدث عن الشيخ الراحل “حسن الترابي”، وعندما نتحدث عن شيخ “حسن” نتحدث عن رجل قامة، رجل عالم في الدساتير وعالم في القوانين وساهم مساهمة مباشرة سواء أكان سلباً أو إيجاباً في تشكيل الوضع الحالي في السودان.. وعندما تمت إجازة هذا المقترح في لجنة الحريات أصبح ملكاً للجنة الحريات وبالتالي ملكاً للحوار الوطني وليس ملكاً للمؤتمر الشعبي. كلنا تحدثنا بصراحة وبشفافية لكن من باب أولى الذي يقدم المقترح يدافع عنه كثيراً، ونحن نزجي الشكر للمؤتمر الشعبي على هذه الوقفة ونزجي الشكر حقيقة للراحل الشيخ “حسن” على أنه قبل أن يرحل قام بعمل ربما أخرج البلاد من أزماتها.. وكان حلمه قبل أن يلقى الله هو أن يبقى السودان مستقراً وآمناً، وهذا قاله في آخر لقاء له مع الإعلام.
{ لكن هناك من يرى أن نتائج الحوار أجهضت جهد شيخ “حسن”.. ترى هل شيخ “حسن”- لو كان موجوداً- سيكون راضياً عن هذه النتائج؟
– لا أظن أن الأمر بهذا المفهوم. المتتبع لعمل اللجنة الطارئة بالبرلمان يلحظ أن كل الموضوع الذي أثير كان هو موضوع زواج التراضي وفي ما يتعلق بزواج التراضي نحن لم نقل بأي حال من الأحوال أن يتم الزواج بين الرجل والمرأة بغير ولي.. على الإطلاق في أية مرحلة من المراحل نحن لم نقل ذلك لكن قدر الله أن يثار الموضوع بهذه الطريقة. وبالنسبة لموضوع الحريات فكلنا متفقون تماماً على أن جهاز الأمن يقوم بجلب المعلومات وتبويبها وتحليلها وتصنيفها وتشريحها وتسليمها إلى الجهات المختصة، وهذا كان رأي كل المتحاورين. وإن لم يتم ذلك في الحاضر أرجو أن يتم في المستقبل، والحياة لا تتوقف إذا عملنا بهذا الرأي أو لم نعمل به. ولكن أريد أن أقول إن كل الذي تم اجتهاد، والاجتهاد في كثير من الأحيان ربما لا يأتي بالصواب. هذا نوع من الاجتهاد وأرجو أن لا نحرم من أجر المجتهد إذا لم نصب الهدف.
{ دور حزب الحقيقة في الحوار هل سينتهي هنا عند هذا الحد أم سيشارك في حكومة الوفاق الوطني؟
– بالطبع حزب الحقيقة الفيدرالي سيشارك في الحكومة باعتبار أن المشاركة مشروعة من الحوار الوطني ومسنودة بقرار الحوار الوطني ونحن سنلتزم بقرار الحوار الوطني. ربما المشاركة لا تأتي بالمستوى الذي كان يظنه كثير من القوى السياسية، لكن نعدّها مشاركة شبه رمزية في الحكومة من أجل تعضيد ما خرجنا به في الحوار الوطني داخل الأجهزة التنفيذية والتشريعية. لكن ما يهمنا في الأساس هو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بأي شكل من الأشكال، وبالتالي همنا هو العمل على تنفيذ المخرجات وليس حجم المشاركة.
{ هل طالبتم بالمشاركة أم طلبها منكم المؤتمر الوطني؟
– لا.. لا.. لا.. هذا قرار من الحوار الوطني.. قرار صدر من لجنة قضايا الحكم بالحوار الوطني.
{ هل القرار ألزمكم بالمشاركة؟
– ليس مسألة إلزام.. القرار يوصي بتشكيل حكومة يشارك فيها الذين يتحاورون.
{ حزب الحقيقة الفيدرالي هل سيشارك في الجهازين التشريعي والتنفيذي؟
– نعم.
{ اهتمام أحزاب الحوار الكبير بمسألة الحصص والأنصبة يجعلها تبدو أمام الشعب السوداني وكأن همهما كله هو قسمة “كيكة السلطة” وتقسيم الكراسي والمناصب.. كأنما المشكلة التي تمحور حولها الحوار الوطني وانعقد لمعالجتها هي قضية المناصب والكراسي؟
– والله الشعب السوداني مدرك تماماً ويقرأ الساحة السياسية ويطل بوعي وإدراك على كل الذين يتحدثون في الساحة السياسية، يعني يميز ويعرف من الذي يتحدث عن الشعب السوداني ومن الذي يتحدث عن أنصبته وحصته الخاصة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية